• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الأطفال الذين لا يأكلون

الأطفال الذين لا يأكلون

ثمة العديد من الأطفال الذين يحدّدن مما يتناولونه من طعام في شكل درامي إلى حد أنّهم يزنون ما نسبته 85 في المئة أو أقل من الوزن المثالي بالنسبة إلى طولهم، كما يحدّده المعهد الأميركي لطب الأطفال. وبعضهم عندما يكبر قليلاً يلجأ إلى التقيؤ أو استعمال المسهّلات بعد الأكل عندما يأكلون كمية كبيرة من الطعام دفعة واحدة، وهو ما قد يتسبّب بأمراض متعدّدة قد تصل إلى حد الموت في 10 في المئة من الحالات.

بالطبع معظم هذه الحالات من الاضطرابات في الطعام سواء من فقد الشهية للطعام أو الإصابة بالشهية المفرطة للطعام، تشهد ازدياداً مطرداً بين الأطفال في الولايات المتحدة، وكذلك يزداد أيضاً عدد الأطفال الذين يشتكون من وزنهم، وهو ما يعتبر المدخل إلى الإصابة باضطراب الطعام لاحقاً، والأهل في حيرة من أمرهم فإذا كانوا لا يريدون أطفالهم أن يصابوا بفقدان الشهية على الطعام، إلّا أنّهم لا يريدون لهم أن يصابوا بزيادة الوزن أيضاً.

 

النتائج الثقافية:

مع ازدياد نسبة السمنة بين السكان بعامة والأطفال بخاصة طالب الخبراء الصحيون بزيادة التعليم حول الغذاء في المدارس وبتقليل الدهون والسكر في أطعمة الأطفال.

والمشكلة يقول أحد الخبراء في أنّ بعض الأطفال يفسر الدعوة إلى الأكل الصحي بأنّ الطعام يؤدي إلى البدانة أو بأنّ الطعام هو العدو، ويقولون إنّهم ليسوا بحاجة إلى طعام الفطور، ويعتقدون أنّ عليهم ألا يأكلوا وجبة كبيرة إلّا إذا مارسوا الرياضة بعدها، إنّهم يقلدون تصرفات الكبار، إلّا أنّ حاجت الصغار الغذائية تختلف عن حاجات الكبار. فهم بحاجة إلى ما يكفي من الدهون والسعرات الحرارية لنمو أجسامهم وعظامهم وللدخول في مرحلة البلوغ وتطوّر دماغهم.

يصعب معرفة مدى تأثير الحملة على السمنة في خلق اضطرابات الطعام لدى الشبان الصغار. ولعل الحسّ بالحرمان الذي يتولّد لدى الأطفال المصابين بالسمنة في طفولتهم الأولى قد يؤدّي لاحقاً إلى عدم الرغبة في الطعام وإلى اضطرابات في الطعام في ما بعد. والحقّ أنّ وزن الطفل الفعلي لا علاقة له بظهور هذه الاضطرابات، إنّ إدراك الطفل المشوّه لنفسه قد يقود إلى إحساسه بالسمنة، على الرغم من أنّه قد يكون نحيلاً جدّاً. إلّا أنّ الاهتمام بمعالجة السمنة لدى الأطفال قد يؤخّر اكتشاف أي اضطرابات في الطعام من قبل الأطباء، فهم مهتمون بمعالجة السمنة إلى حد لا يكتشفون الاضطرابات الموجودة أمامهم. كذلك فإنّ صغر سن المشاهير في هذه الأيام إلى حدّ أنّ للأطفال معبودين في مثل سنهم يؤدّي أيضاً إلى تماهيهم معهم بحيث يريدون أن يصبحوا نحلاء مثلهم.

إنّ مثل هذه العوامل الثقافية تلعب دوراً من دون شك في ظهور اضطرابات الطعام، ولكن هناك من يحيل هذه الاضطرابات إلى العوامل الجينية التي ينتج منها اختلال في الدماغ. ولكن بصرف النظر عن الأسباب، فإنّ ظاهرة فقد الشهية على الطعام بحاجة إلى علاج مكثّف يلعب فيه الأهل دوراً مركزياً بتركيزهم على الطبخ المنزلي لا الوجبات السريعة، وبفرضهم على أطفالهم عدم ترك الطعام قبل أخذ كمية معينة من السعرات الحرارية.

إنّ مشكلة أو عارض فقدان الشهية في الطعام هو مشكلة يمكن معالجتها عيادياً ونفسياً شرط اكتشافها في وقت مبكر قبل أن تتضخم تأثيراتها.

 

المصدر: مجلة الملف التربوي/ العدد 21 لسنة 2011م

 

ارسال التعليق

Top