يمثل الأخ أو الأخت اللذان يولدان للأسرة الواحدة، مأساة نفسية في معظم الأحيان تؤثر في أفراد العائلة كافة، وتدفع الأبوين إلى تعديل موقفهما، بيد أنّ هذا الموقف لا يكون سهلاً أبدا بالنسبة إلى الطفل الأوّل، ويميل كثير من الآباء إلى إخفاء المولود الجديد.
ولكن من المستحسن أن يتعوَّد الطفل الأوّل بصورة تدريجية على المولود الجديد ولربما تستطيع الأُم مساعدة الطفل الأوّل على فكرة المولود الجديد، بأن تسمح له بالاستماع إلى حركات الجنين في بطنها، أو جعله على دراية بحجمه المتزايد ومهما يكن من أمر فإنّ كلَّ تغيّرُ يطرأ على المنزل بسبب المولود الجديد، كتغيير الغرف، والثياب المعدَّة لكسوة المولود الجديد، وكذلك الزيارات التي لابدّ أن يقوم بها الأقارب، كلّ ذلك يجب أن يتم قبل الولادة بوقت طويل لكي لا يعج المنزل بالأعمال قبل موعد الولادة بأيّام قليلة ومن المستحسن إبعاد الطفل الأكبر عن المنزل عند عودة الأُمِّ إليه من المستشفى، وذلك لمنع الطفل من المشاركة في مجموعة من الأعمال التي تخصص للمولود الجديد وحده.
ثمّ تتم إعادته إلى البيت بهدوء، فيرى أخاه في مهده وقد تمكنت الأُمّ من مواجهة الواقع الجديد بأكبر قدر من الدقة والحذر، فإذا كان الفارق في السن بين الطفلين أقل من سنتين قلّت المشكلات وخفَّ الحصر النفسي للطفل الأكبر ومهما يكن من شيء فالطفل الأكبر يحس بالتغيرات كافة التي تطرأ على حنان الأُم نحوه، ويشعر كذلك بالتبدلات النفسية التي تبدو في نظرنا نحن عديمة الأهمية وربّما نشأ التوتر أحياناً من إقلال الأُمّ للابتسام في وجه الطفل الأكبر، أو من عدم قدرتها على تحمّله، فينبغي لها في هذه الحالة أن تتجنب التوتر قدر ما تستطيع كما ينبغي لها أيضاً مراعاة أنشطتها وبرامجها اليوميّة السابقة، كالقيام بنزهة على الأقدام، أو زيارة الأصدقاء أو الأقارب، مع محاولتها إشراك طفلها الأكبر بصورة تدريجيّة في حياة مولودها.
فإذا كبر المولود الجديد بعض الشيء وجب عليها اتِّباع سياسة نفسية تجاه الطفلين معاً، فلا ينبغي لها مثلاً أن تُثير في الطفل الأكبر غيرة من أخيه، بأن تقضي قدراً كبيراً من الوقت في رعايته ومن جهة ثانية ينبغي للأُم أن تحرص على ألّا يطغي شعور الطفل الأكبر الغريزي بالسموِّ على العالم العاطفي الرقيق للمولود الجديد، إذ غالباً ما تنشأ في الحقيقة توترات بين الطفلين، وإن بدا عليهما التوافق والانسجام الظاهري.
ولربما أبدى الطفل الأكبر غيرته من أخيه الأصغر بسلسلة من نوبات غضب سخيفة، أو حتى عن طريق إشارات استياء وغيظ في أثناء اللعب، أو التسلِّي بممتلكات أخيه الأصغر والحقّ أنّ من المستحسن أن تحاول الأُم في مثل هذه الأحوال منع ذلك الغضب والامتعاض من جانب الطفل الأكبر، بمعاملة طفليها معاملة متساوية، وإن كان ذلك أمراً مستحيل التحقيق في معظم الأحيان، ولعلّ أفضل حلٍّ هو الذي يتمثل في تعاطف الأُم معهما، وتقديم التفسيرات للطفل الأكبر ولاسيّما إذا كان يستوعب مثل هذه التفسيرات وينبغي ألّا تلجأ الأُم إلى معاقبة الطفل الأكبر، أو إلى فرض أنواع أخرى من القيود عليه لِكَبح غيرته من أخيه الأصغر، فذلك يورثه مشاعر سلبية غير سارّة، ربما تستمر طوال فترة الطفولة، وتؤدي إلى نشوء عديد من المشكلات بالنسبة إلى الأُم ونمو طفلها الأصغر، وعلى الأُم أن تتوقع شيئاً من التنافس والكذب لدى طفلها الأكبر، ولكن من المُستحسن أن تسيطر على الموقف في مثل هذه الحالة.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق