• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الزوجة الصالحة.. خير متاع الدنيا

الزوجة الصالحة.. خير متاع الدنيا
إذا كانت غاية خلق الإنسان هي وصوله إلى كمال السعادة الحقيقية والعبودية الصادقة لله سبحانه لذا خير وسيلة يستفيدها لوصوله إلى هذا الهدف العالي الرصين، هي المرأة الصالحة التي تشد ازره وتعضده على دينه ودنياه وتحوطه من الوضوع في مأزق المعصية ومداني الذنوب، وتكفل له أجواء الحب والانس والسكينة والطمأنينة وتقاسمه أفراح الحياة واتراحها. فقد جاء في الحديث عن سيد الكونين محمد (ص): "ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عزّ وجلّ خيرا من زوجة صالحة". الذي يبين فيه أن بعد المرأة الصالحة واثرها في حياة الزوج الصالح المؤمن كالتقوى التي تردع صاحبها عن الوقوع في مطبات الهوى واحابيل الشيطان، وهي تعتبر أيضاً كالتقوى الحصن الحصين والعز المنيع للزوج. وكما انّ الإنسان يسعى لاهثاً في سبيل الحصول على سعادته لتحقيق امانيه، فكذلك عليه أن يسعى جاداً للظفر بامرأة صالحة تكون سندا وسنادا له كما جاء في الحديث عن رسول الله (ص) أيضاً قوله: "من سعادة المرء الزوجة الصالحة". قال رسول الله (ص): "الدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة"، ورب سائل يسأل لماذا كانت المرأة الصالحة خير متاع الدنيا؟ وللجواب نقول: إنّ الله سبحانه حبب الدنيا جميعاً حب الشهوات وزينها في قلوبنا، إذاً فإنّه لا يحاسبنا على ما فطرنا عليه وأودعه في نفوسنا وجبلتنا من الميل الفطري إلى الشهوات النيوية والتعلق بها (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأنْعَامِ...) (آل عمران/ 14). فلم يدع أمرا تتعلق بها النفوس وتنجذب إليه القلوب الا وذكره في هذه الآية الشريفة (وهذا أمر طبيعي) وذكر على رأسها (حب النساء) وهي أعذب هذه النعم وأرق هذه الشهوات، المقصود من حب النساء هنا هو حب التزويج وليس المعنى به فقط الرجل، في هبه وانجذابه للمرأة بل وانه ليشمل أيضاً انجذاب المرأة للرجل وهو مصطلح يشار به إلى حب الجنس الآخر والرغبة إليه. إذاً فإذا كان هذا الحب والميل الفطري أمر طبيعي تنساق إليه النفوس، فلابدّ من اقتناء أفضل الوسائل والسبل لإشباعه وارواء حاجته الا وهو الزوج الطيب للمرأة المؤمنة والزوجة الطيبة للرجل المؤمن (والطيبات للطيبين) (النور/ 26)، (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ) (البقرة/ 221)، والهدف والغاية لعدم التوجه إلى غير المؤمنين قوله سبحانه وتعالى في انتهاء نفس الآية (أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ) (البقرة/ 221)، فلا جنة.. وهي طاعة الله ورضوانه، ولا مغفرة إلا بامرأة صالحة. ولعل الغاية النهائية لهذا الأمر تتركز في المؤمن، فالمؤمن ليس ثمنه الدنيا ومتاعها، بل انه ثمنه الآخرة ونعيمها، فلابدّ له إذاً أن يتخذ من كل ما في الدنيا قنطرة للوصول إلى الآخرة (الدنيا مزرعة الآخرة) فهذه النعم الدنيوية وهذه الشهوات إنما هي وسائل وأدوات يتوسل بها العبد المؤمن لقضاء ساعات هذه الدنيا الزائلة فيصل بها إلى ملك دائم ونعيم لا يبلى فيحصد ما قدم فيها ويجني ثمار ما زرعه في الدنيا بنفس تلك الوسائل والأدوات لهذا فإن رضوان الله فوق كل شيء ولذته فوق كل لذة ولا يناله إلا ذو حظ عظيم – لهذا فإنننا نرى في نهاية آية 14 من سورة آل عمران يبين الله سبحانه أن كل ما ذكره في هذه الدنيا من اللذات والشهوات فإنّه متاع الدنيا الفانية وما عند الله من الرضوان فهو خير وأبقى.

ارسال التعليق

Top