د. فوزية الدريع
الإنسان في حياته الطبيعية، ومع مشكلاته اليومية الصغيرة، قد يتعكر مزاجه. والإنسان كلٌّ متجانس لا ينفصل عن بعضه البعض. فإن تعكَّر جزء أثر في الأجزاء الأخرى. لذا، فما يعكر الحياة اليومية سينعكس منطقياً على الحياة الجنسية.
ومنغصات الحياة عديدة، منها المنغصات الاقتصادية والاجتماعية والصحية. وهذه النقطة الأخيرة هي نقطة حوارنا اليوم.
الصحة عامل مهم، بل هو الأهم في حياة الإنسان. فالجسد هو الماكينة التي تشغّل كل زوايا وجوده، العقلية والنفسية والعاطفية والبدنية. فإن تعطل شيء، يتأثر شيء آخر. وحين نتحدث عن الصحة وتأثيرها في الحياة الجنسية لا نعني بالضرورة الدرجات الخطرة من المرض. ذلك أن جرحاً في الإصبع يؤلم، قد يمنع التركيز عند الإنسان. كذلك كلما زاد الألم البدني، زاد تعطل الرغبة. وربما حتى لو أراد الإنسان ممارسة هذه الرغبة، فإن الجسد يمنعه من ذلك.
هناك أمراض كثيرة في هذا العصر تؤثر في المتعة الجنسية. لكن بعضها يؤثر أكثر من غيره، لاسيما الأمراض الخطيرة، مثل أمراض القلب والسرطان، وكذلك أمراض الحركة الشديدة.
بالطبع، الإنسان يتفاعل مع كل ما يهدد حياته بهلع شديد. والأمراض الشديدة، كالتي ذكرناها، تهدد الحياة. وحين يصاب المرء بهذه الأمراض لا يعود هناك مجال للتفكير في المتعة، بل يكون البقاء نفسه مهدداً، وهذا يؤثر في جوانب عديدة في الحياة، منها الحياة الجنسية. ولا ينحصر هذا التأثير في المصاب بهذه الأمراض، بل يتجاوزه إلى شريك حياته. وإضافة إلى الألم الخاص بالمرض نفسه، فإن الإنسان يتأثر نفسياً، فيصيبه قلق وكآبة وأعراض نفسية أخرى تقضي على الرغبة.
ثم هناك عامل العلاج. فبعض العلاجات، مثل العلاج الإشعاعي والكيميائي قد يؤثر في شكل المريض، فيؤدي إلى تساقط الشعر وتغيير في شكل الإنسان، وحتى في رائحته، ما يجعله يشعر بأنه غير جذاب، وحتى شريك الحياة تنطفئ رغبته بسبب شكل إنسان بلا شعر. وهذه أمور إنسانية تحتاج إلى قوة حتى يستطيع الإنسان أن يتغلب عليها.
لذا، كان يجب نقاش الحياة الجنسية للمريض أو المريضة، وتأثير ذلك في حياتهما الجنسية، وكيف يمكن الحصول على حياة جنسية ممتعة ومريحة، في حدود الممكن. لقد قمت بتأليف كتاب "اللمس". ومن خبرتي العلمية، أؤكد أن اللمس أداة علاجية فعالة لكثير من الأمراض، لأن الجلد، هو الجدار الأول للإنسان. وحين يمرض الإنسان يمرض هذا الجدار. لكن لمس الجلد يجعله أصح ويسهم في نقل إحساس الصحة إلى الداخل.
لكنَّ هناك واقعاً، وهو أن المريض بمرض عُضال تتأثر حياته الجنسية، حسب نوع الإصابة وحجم العلاج. فهناك أمراض تؤثر في الشعيرات الدموية الدقيقة، فتمنع الإحساس الجنسي، أو حتى إمكانية الانتصاب. لكن، وفي الوقت نفسه، هذا لا يمنع إمكانية المتعة الجنسية عند المريض.
ارسال التعليق