• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

القمل مشكلة اجتماعية وصحية في آنٍ

محمد عبود السعدي

القمل مشكلة اجتماعية وصحية في آنٍ
    وجود القمل في شعر طفل لا يعني افتقاره، مع أسرته، إلى النظافة والصحة، بل على العكس. فالقمل يحبذ الشعر الناعم النظيف والجاف، غير الدهني. هكذا يهاجم رأس الطفل النظيف، حيث يجد مجالاً خصباً. المصائب الاجتماعية، ومردّها نظرة الأطفال الآخرين وذويهم، هي أكثر إزعاجاً.

أضرار القمل الصحية تتمثل في أنه يتغذى على الدم، الذي يمتصه من خلايا فروة الرأس، ما يؤدي إلى حكة قوية، ويخلِّف نقاطاً حمراء. والالتهاب الذي يترتب على ذلك بالغ العدوى، إذ ينتشر بسرعة إثر موسم العودة إلى المدارس، حيث يشكل اختلاط الأولاد (خصوصاً بين سني 5 سنوات و11 سنة، لاسيّما من ذوي الشعر الناعم) ظروفاً مواتية لانتقال القمل، أو بيضه، من رأس إلى آخر.

وقبل الحديث عن مكافحة تقمّل الشعر، يجدر تعريف الحشرة الضئيلة الخبيثة المسببة لتلك الحالة. القملة حشرة طفيلية بحجم يضاهي تقريباً حبة السمسم (2 إلى 4 ملم). ولونها قريب من لون الشعر. ومضار القملة، من المنظور الصحي، ليست خطيرة جداً، إنما لا يستهان بها، لا سيّما أنها تفضي إلى بعض المشاكل للتلاميذ الصغار، وآبائهم وأمهاتهم، ناجمة عن أحكام مسبقة ونظرة شك إلى مَن يُكتشَف قمل في رأسه. ويتمركز القمل في الشعر وفي فروة الرأس، حيث تبيض القملة بيوض بيضاء اللون صغيرة الحجم (بطول زهاء ملليمتر واحد). ومثلما قلنا، تستهوي القملة الاستقرار في الشعر النظيف، الدافى، الناعم، الجاف، غير الدهني. من ذلك المنظور، تُعدّ شعور الأطفال النظيفين بيئة «مثالية» لها، أكثر من شعور الكبار، وطبعاً أكثر من الشعور الشعثة غير النظيفة.

 

تعيش خارج محيطها:

أما عن دورة حياة القملة، فينبغي القول إنها تعيش نحو شهر واحد، تضع أثناءه 10 بيضات، تفقس خلال 7 إلى 10 أيام. ويميل القمل إلى التكاثر في مناطق دافئة، مثل شعر رأس الإنسان، لا سيما خلف الأذنين، التي تشكل بالتالي منطقة ينبغي تقصيه فيها بعناية. فالشعر الدافئ، بطبيعته. لذا يُعدُّ مكاناً ملائماً للقمل، لا سيّما إذا كان نظيفاً وجافاً وناعماً. وهذا ما يفسر أنّ القمل يستقر أيضاً، في بعض الحالات، في شعر العَانَة لدى البالغين. كما ينبغي الإشارة إلى حالات نادرة يستقر فيها القمل في حاجبي الطفل. لذا، يُستحسن التقصّي في شعر حاجبي الطفل أيضاً، لا سيّما إذا كان ناعماً، وفي الوقت نفسه كثيفاً.

ومن المشاكل التي أثارت انتباه الباحثين، أنّ القملة تقدر على العيش يوماً ونصف اليوم، وأحياناً يومين بأكملهما، خارج محيطها الطبيعي، أي الشعر. لذلك يجب الحرص على غسل الملابس بسرعة بعد خلعها، خصوصاً ملابس الأطفال وملابس البالغين الداخلية، مع تَوخّي استخدام ماء غسيل بدرجة حرارة 60 مئوية، إذا كانت الملابس تتحمل درجات حرارة عالية. فصحيح أنّ القمل يحب الدفء، لكنه يموت في درجة حرارة 60، أو ربما حتى أقل منها بقليل. كما لا يقدر بيض القمل، هو أيضاً، على مقاومة تلك الحرارة، بالتالي يموت أثناء الغسل.

 

الحكة من أهم الأعراض:

الحكة القوية تشكل أحد أهم أعراض وجود قمل على فروة الرأس. كما لا يندر سقوط قشرة حمراء، ما يمكن أن يفضي إلى التهاب. وعلى العموم، من الصعب تمييز القمل، باعتبار لونه قريباً جداً من لون الشعر. لكن في المقابل، من السهل تمييز بيضه، بما أنه ذو لون فاتح، ضارب إلى البياض. والبيض، عادة، يلتصق على الشعرة قرب جذرها. كما يظل البيض ملتصقاً حتى بعد التمشيط، بعكس قشرة الشعر الاعتيادية. ومن شأن ذلك تسهل تمييزه.

إذن، للتأكد مما إذا كان طفلك يحمل قملاً، أم لا، استعيني بمشط ناعم جداً، وتحت ضوء شديد. وحتى إن لم تجدي سوى بيضة واحدة، ينبغي البدء بالعلاج. فالبيضة ستفقس بعد 7 إلى 10 أيام، وتضع بيضاً بدورها، وهلم جراً. وفي حالة الشك، يمكن استشارة طبيب، أو ممرضة، أو حتى أخصائي شعر.

 

أدوية:

ثمة أدوية على شكل «جل» أو غسول شعر (شامبو) تقتل القمل وبيضه. وعموماً، تتألف مكوناتها الأساسية من مواد صيدلانية خاصة، تعين على القضاء على القمل وبيضه. ومنها «مالاثيون» و«ديرمثيرين» و«إندان». لكن، ينبغي الأخذ في الاعتبار أنّ الأسماء تتغير من بلد إلى آخر. لذا، ينبغي استشارة صيدلي الأسرة، والاستفسار منه عن أفضل الأدوية. وعلى العموم، لا تقل مدة العلاج عن 8 إلى 10 أيام. إذ من الأفضل الاستمرار بضعة أيام إضافية، حتى بعد اختفاء القمل.

وهناك أيضاً أنواع من بلسم طبيعي، يتألف عادة من زيت جوز الهند ونبتة الـ«يانسون». إلى ذلك، ثمة علاجات نباتية تقوم على أساس استخدام قشرة شجر الصفصاف. لكن، تساعد هذه بالأخرى على الوقاية أكثر من كونها علاجاً ناجعاً. في المقابل، تميل الخبرة الشعبية إلى تأكيد فاعلية فرك شعر الطفل بقطرتين من جوهر نبتة الخزامى (المسمّاة أيضاً «لاوندة»، أو «لافاندا»)، وإعادة الكرّة أياماً عدة متتالية.

 

نصائح:

ثمة نصائح عامة، تجدي كثيراً في معالجة القمل، أو الوقاية منه. ومن أهم تلك النصائح، نشير إلى الآتي:

1- حاولي عدم إرسال طفلك إلى المدرسة إذا تَبيّن أنّ عنده قملاً. تحدثي في الأمر مع إدارة المدرسة والهيئة التعليمية.

2- ينبغي تقصّي القمل لدى جميع الأشخاص المقرّبين إلى طفل اكتشف قمل في شعره مؤخراً، والبدء بعلاجهم، أو التزام علاج وقائي.

3- عليك بإزالة بيض القمل كلّه من شعر طفلك، بالاستعانة بمشط ناعم خاص، يباع في الصيدليات.

4- يُستحسن غسل كافة الملابس والشراشف والمحارم والمناشف، ربما الدمى المصنوعة من قماش (إن وجدت)، وفي درجة حرارة 60 مئوية أو أكثر. فأن تعذر ذلك، غلّفيها بكيس بلاستيك سميك، أحكمي سدّه، واتركيها 10 أيام من دون فتح الكيس: في هذه الحال، سيموت جوعاً القمل المحتمل اختباؤه فيها، ويموت بيضه أيضاً.

5- يمكن قتل بيض القمل بشطف الشعر بماء مخلوط بنسبة قليلة من الخل.

6- فكري في تنقيع الأمشاط وفراشي تصفيف الشعر بماء مغلي، مع الصابون، ثم تركها 10 دقائق يومياً، إلى أن يختفي القمل تماماً.

 

العلاج الطبيعي أفضل:

على الرغم من تطور المستحضرات الصيدلانية، وتنوعها، المخصصة لمكافحة القمل، لا يزال بعض الأُمّهات يستحسن الخيار الطبيعي. فمثلاً، أظهر استطلاع للرأي، أجري قبل سنتين في فرنسا وبلجيكا وسويسرا، أنّ أمهات البلدان الثلاثة يفضلن استخدام العلاجات النباتية والطبيعية (مثل الماء بالخل أو جوهر نبتة الخزامى أو زيت جوز الهند، أو الـ«يانسون».. إلخ)، وذلك بنسبة 58 في المئة من بين الأُمّهات المشاركات في الاستطلاع. وأعرب 28 في المئة منهن عن قناعتهن بفاعلية العلاجات الصناعية (مراهم على شكل «جل» وغسول شعر، أو شامبو، تباع في الصيدليات). كما تبيّن من الاستطاع أنّ 14 في المئة من الأُمّهات الفرنسيات والبلجيكيات والسويسريات يجمعن نوعي العلاج كليهما، «زيادة في التأكد»، ومن باب الاحتراز. لكن، بحسب الأخصائيين، فأنّ ذلك الجمع غير ضروري، وليس ذا جدوى. إذ يؤكدون أنّ اتباع نوع واحد من العلاج كافٍ، وأنّ جمع النوعين (العلاج بمواد طبيعية والعلاج بمستحضرات صيدلانية) لن يضاعف النتائج الإيجابية، ولن يغير في الأمر شيئاً.

ارسال التعليق

Top