• ٢٣ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٤ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

تليّن عظام الطفل، فيتامين «د» هو الحل

محمد عبود السعدي

تليّن عظام الطفل، فيتامين «د» هو الحل

"تليّن العظام" داء يصيب الصغار أحياناً، والكبار على الأغلب. لكنه، عندما يلم بالأطفال، له أعراض مشابهة للكساح، ما يفسر الخلط بينهما، لا سيما أن أسباب المرضين متطابقة. وأكثر الأطفال عرضة لتليّن العظام هم من ذوي البشرة السمراء والغامقة، أو مَن يرضعون حليب الأم.

ينجم تلين عظام الطفل عن: -        نقص فيتامين "دي". -        أو نقص التعرض لأشعة الشمس. -        أو كلا ذلك. فحتى مع وجود فيتامين "دي" بكميات كافية، يظل احتمال تليّن العظام أو الكساح وارداً من دون أشعة الشمس. إذ تشكل هذه واسطة نقل الفيتامين إلى العظام. ولولاها، لا يصل إليها. والأسباب أعلاه هي نفسها، بالضبط، التي قد تفضي إلى الكساح. فما الفرق إذن بين المرضين؟ في الواقع، يكمن الفارق في دواعي التصنيف الطبي، من جهة، وفي فئة الأطفال الأكثر عرضة، من جهة أخرى. فمن حيث التصنيف الطبي، يعد الكساح مرض أطفال حصرياً، بينما يشمل تليّّن العظام الفئات العمرية كلها. كما لاحظ الأطباء والباحثون أن تليّن العظام، عندما يصيب أطفالاً، يخص فئات معينة منهم أكثر من غيرهم، وهي الآتية: أوّلاً: الأطفال ذوو البشرة السمراء والغامقة أكثر من الأطفال البيض وذوي البشرة الفاتحة. والسبب هو أنّ البشرة الغامقة، لكونها أكثر سمكاً، تعوق نفاذ أشعة الشمس إلى الجسم، ما يعرقل نقل فيتامين "دي" إلى العظام. ثانياً: الأطفال الذين يرضعون حليب الأُم. فالأخير أفضل غذاء للطفل، هذا صحيح. لكنه لا يضم كمية كافية من فيتامين "دي" لذلك، ينصح بإعطاء الطفل فيتامين "دي" صناعياً إن كان يرضع حليب الأُم، ولا سيما إذا كان غامق البشرة. ثالثاً: طبعاً، بشكل عام، أطفال البلدان التي تفتقر إلى أشعة الشمس، أو التغذية السليمة، أو كلتيهما. فثمة بلدان فقيرة، إنما ممطرة في أكثر أيام السنة. وبذا تعاني الجانبين (سوء التغذية وعدم التعرض لأشعة الشمس)، ما يفاقم احتمالات الإصابة.   أهم أسباب تليّن العظام: طبعاً، مثلما هو مفصل في المقال، يشكل نقص فيتامين "دي"، بالتزامن مع قلة التعرض لأشعة الشمس، أوّل مسببات تلين عظام الطفل. لكن، بحسب دراسات طبية أجريت في أوروبا، ثمة أسباب متفرقة أخرى، تفضي أيضاً إلى المرض. ومنها: 1-    قصور في إفرازات الغدد "الجنب درقية" (المسماة كذلك لكونها تقع جنب الغدة الدرقية، وتدعى أيضاً الغدد "الدريقية"، و"الغدد جارات الدرقية"، بالإنجليزية Parathyroid). وهي 4 غدد صماء تفرز هرمونات ضرورية، من بينها تلك التي تحفز عمليات معالجة فيتامين "دي" في الجسم، وتمثيله. 2-    الإصابة بـ"متلازمة كرون Crohn"، أو أي مرض باطني من شأنه إعاقة امتصاص فيتامين "دي" وتمثيله. 3-    تناول أدوية مكافحة الصرَع. 4-    أي قصور كلوي يشكل إعاقة امتصاص فيتامين "دي" وتمثيله أحد تداعياته.   ارتفاع عدد المصابين: كما سجل الباحثون أنّ الكساح وتلين عظام الأطفال، كليهما، آخذان في الارتفاع من حيث عدد الإصابات في الفترة الأخيرة، حتى في البلدان المتطورة صحياً، لأسباب مبهمة. وذلك عكس التوجه السابق. فمنذ سنوات 1940، إثر اكتشاف دور فيتامين "دي"، انحسر الكساح كثيراً. في أي حال، يثبت ذلك أن آلية تليّن العظام (بالإنجليزية Osteomalacia وبالفرنسية osteomalacie) مشابهة لآلية الكساح (بالإنجليزية rickets وبالفرنسية rachitisme). أما أعراض تلين العظام، فتتمثل أساساً في أوجاع عظيمة، لا سيما في منطقة الحوض، لكن أيضاً في الذراعين والركبتين والطرفين السفليين، والعمود الفقري. إلى ذلك، بما أن قصور فيتامين "دي" يؤدي أيضاً إلى إعاقة امتصاص الكالسيوم، يمكن أن ينطوي تلين العظام على بعض الأعراض المرافقة عادة لحالات نقص الكالسيوم، مثلاً: حالات تشنج عضلي، وخدر الأطراف، و"تنميل" الرجلين والقدمين، والإحساس بنوع من الوخز في الأطراف العليا والسفلى، والشعور بجفاف في الحلق وحول الشفتين.   كيف الانتباه؟ فما الذي قد يجعل الوالدين يفطنان إلى احتمال إصابة طفلهما بتلين العظام؟ إن علامات الأخير، في الواقع، مطابقة لعلامات الكساح. وهي: -        يواجه الرضيع صعوبة في الجلوس، ثمّ الزحف على أربع. -        يبدأ المشي في سن متأخرة نسبياً. -        لاحقاً، قد تصبح رجلاه مقوستين، بمعنى محدبتين من الخارج ومقعرتين من الداخل. فعموماً، يؤدي المرض إلى تحدب العظام الطويلة. -        من المحتمل حصول تشوه في شكل الجمجمة. -        هناك أيضاً ما يدعى "صدر الحمام"، أي بروزه بشكل غير طبيعي (على أساس أنّ الحمام يتسم ببروز الجؤجؤ). -        قد يؤثر تلين العظام في طول قامة الطفل، بداية أثناء الطفولة، ولاحقاً أثناء المراهقة والبلوغ.   التشخيص: في حال الشك في إصابة الطفل بتلين العظام، يستفسر الطبيب عن أوضاع المعيشة العائلية، لا سيما من ناحية التغذية، والعادات اليومية. فيسأل، مثلاً، هل تحمي الأسرة طفلها أكثر من اللزوم، بحيث لا تعرضه لأشعة الشمس، خوفاً من ضربة شمس أو اسمرار بشرته؟ إلى ذلك، ربما يجري فحوصاً إضافية، تشمل: -        أشعة سينية للرجلين لتحديد وجود ما يسمى "كسور وهمية". وهذه خطوط تبدو في الأشعة وكأنها كسور، لكنها في الواقع إشارات مهمة إلى إصابة بتلين العظام، ويمكن أن تظهر أيضاً في عظام الحوض. لكن رؤيتها على عظام الرجلين أوضح وأدق. -        تحليل دم لتحديد نسبتي الكالسيوم والفوسفور. -        "تصوير مقطعي محوسب (أو tomography) للعمود الفقري، لكشف أي تشوهات في الفقرات. -        أخذ عينات من المادة العظمية (بغرز إبرة خاصة) لتحليلها من أجل تشخيص أدق. إنّ تبين أنّ الطفل مصاب فعلاً بتلين العظام، يخضع لعلاج قد يكون بسيطاً، وقد يكون معقداً. فإن انصب السبب على نقص غذائي في فيتامين "دي"، أو حرص أهل الطفل على حجبه عن أشعة الشمس (خوفاً من ضربة شمس أو اسمرار بشرته، مثلما أسلفنا)، يعد العلاج يسيراً: يكفي تعديل تغذية الطفل، بحيث تضم كميات كافية من فيتامين "دي"، أو إعطاؤه حبوباً تباع في الصيدليات، وتعريضه لأشعة الشمس، ولو 15 دقيقة يومياً، ما يكفي في البلدان المعتدلة، غير المعرضة لشمس قوية. لكن، في بلدان منطقتنا المشمسة، تكفي 10 دقائق يومياً، وحتى أقل صيفاً. المهم تعريض الطفل للشمس مراراً، لفترة قصيرة في كل مرة. إذ لا ينفع الانتظار شهراً، ثمّ تمضية ساعات تحت الشمس. فذلك لا "يعوض" النقص. في أي حال، يصبح العلاج شائكاً إذا كان سبب تلين العظام صعب الكشف، متمثلاً في عوامل أخرى، متفرقة، لا دخل لها بفيتامين "دي" وأشعة الشمس. وللحالات الخطيرة (مثلاً وجود تشوه عظمي واضح)، قد يقرر الطبيب إحالة الطفل إلى زميل جراح، لدراسة إمكانية إجراء عملية جراحية، أو بضع عمليات، من أجل تصحيح التشوه. لكنها حالات نادرة. فعظام الطفل، بما أنها غير مكتملة النمو، تتسم بالطواعية. لذا، يمكن تلافي تلينها بتغيير العادات الغذائية، أو علاج المرض المفضي إلى قصور امتصاص فيتامين "دي" وتمثيله في الجسم.   أغذية ينصح بها: في المقابل، إن ثبت أن سبب تلين عظام الطفل هو نقص غذائي، ينصح الطبيب بتغيير العادات الغذائية، والإكثار من الأطعمة الغنية بفيتامين "دي"، بحسب عمر الطفل: ·       الحليب كامل الدسم، ومشتقاته. وفي حال معاناة الطفل حساسية ضد سكر الـ"لبنوز" (أو "لاكتوز")، أو لا يتقبل جهازه الهضمي الحليب ومشتقاته عموماً، ينبغي إعلام الطبيب بذلك لكي ينصح ببدائل. ·       صفار البيض. ·       أسماك السلمون والسردين، وأيضاً السلطعون والروبيان والقريدس. ·       الحبوب الكاملة. ·       زيت كبد سمك القد (أو "كبد الحوت"، مثلما يدعى أحياناً، وهي تسمية غير دقيقة).

ارسال التعليق

Top