إنّ الوعي الذي يُفْتَرضُ أن يكون عليه الزوجُ، وهو ربُّ أسرة، أن يجنِّب مملكته كلّ ما يكدر صفوها، وانتظام حالها، واستواء أمرها، من خلال تحسس الحاجات النفسية لكلِّ فرد في الأسرة، وإشباع هذه الحاجات متى ما كانت متفقة مع الحقِّ، لا شذوذ فيها أو مغالاة.
وإنّ الزوجة في أمس ما تكون الحاجة إلى هذا التحسس والتلمس، فالزوجة حيث يضعها الزوج الواعي الذي يجب أن يضع في اعتباره أثر بعض الترسبات النفسية الخارجة عن إرادة الزوجة، ونتيجة البيئة غير الصحية التي نشأت فيها، أو نتيجة لتراكمات تربوية، ومخالطات غير واعية في مراحل حياتها.
وتدرك الزوجة المسلمة من خلال ما تقرأ وتسمع ما لها من حقوق، وما عليها من واجبات، لكنها في ظل كثرة هذه الحقوق تجاه الزوج، والولد، والبيت، والعائلة وضغط متطلبات كلّ حق، قد تقع في شيء من التقصير، وربما تكرر منها التقصير هنا أو هناك، وليس معنى ذلك أنها تتعمده، أو تندفع إليه، بل هي تدفع إليه دفعاً، ولأننا دائماً أجرأ في طلب الحقِّ منه في أداء الواجب، هنا تجد الزوجة كثيراً من العناء، فالحياة لا تتوقف وكذلك الحاجات، في مثل هذه الحالة يبرز دور الزوج الواعي، إذ يتفقد هذه الزوجة المتعبة، يشاركها ما تجد وتحاذر.. يفتح معها باب محاورة عن نفسها وبيتها، يغرس فيها الثقة بقدرتها على الوفاء بواجباتها، يشعرها بكثير من الإكبار والتقدير لما تبذل من جهد وعناء، يعدها خيراً في الدنيا والآخرة، يجدد معها العهد على تحمل المسؤولية تجاه غرس زواج إسلامي يُرجي إتيان ثماره يانعة، يتغاضى عن الهفوة، ولا يبالي ببعض جفوة فيعفو ويصفح، في حنان ومقدرة، لا يلقي باللوم على زوجة تكابد معه معترك الحياة، يقوم الأمتَ في صبر غير معجز، ويصحح الخطأ في وعي غير مهدر لطاقات وقدرات زوجة ألف منها إقبالاً على تحمل التبعة في صبر وأناة، غير متململة أو متضجرة.
- قل أهلاً لهذا الفن
إنّ الزوج الذي لا يصبر على خطأ زوجته، زوج يخطئ في حقِّ نفسه، وأهله، ذلك أنّ رسولنا (ص) علمنا: "خيركم خيركم لأهله"، وكيف تتحقق هذه الخيرية والأخ الزوج خارج بيته، على غير ما هو داخله، من الصبر على الأذى، والحلم عن جهل الآخرين.
من هنا كانت بيوتنا بحاجة إلى صناعة الزوجات، وهي فن لن يحسنه إلا شخص صالح يدرك أبعاد قوله تعالى: (قُوا أنفُسكُم وأهْليكُمْ نَاراً) (التحريم)، وهو لا يُكوِّن رأيه من أول موقف، أو لأول تصرف، قد يراه خطأ، ولا يشفع لها عنده أنه ربما لم تكن لها خبرات منتظمة في كثير من الأمور الحياتية، وهو لا يكرر على مسامعها الأخطاء السابقة، ولا يُذكِّرها بمواقف سابقة، ولا يقف في رأيه في زوجته عند هذه الحدود، بل يرقُب سيْرها، وتحسُّن استقامة خطها فيعلي ذلك فيها ويكبره، ويشعرها بنجاحها في تلافي الأخطاء السابقة، ومن ثمَّ تمضي قُدُماً على عين منه، لا تتراجع ولا تَنْكُث عما قصدت إلى تحسينه من نفسها، وخلقها.
وهكذا يمكنك- أخي الزوج- أن تستخرج ما في زوجك من خير، وتستخلصها لك في إستسلام وقناعة إذا أنت أحسنت صناعتها، فكُن أهلاً لهذه الصناعة، وكُن مقتدراً على فنِّها يرزقك الله الخير الكثير.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق