• ٢٠ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٨ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

طريقتنا لتغذية العلاقة تحدد مستقبلها وشكلها

طريقتنا لتغذية العلاقة تحدد مستقبلها وشكلها

◄الطريقة التي يغذي بها الطرفان أي الزوجين العلاقة تحدد كيفية تماسك العلاقة مع الأيام بعيداً عن المشاعر. كيف يمكن تغذية العلاقة من قِبَل الطرفين من خلال الرسائل الإيجابية أو حتى الرسائل السلبية من الأول باتجاه الثاني ومن الثاني باتجاه الأوّل. إنّه لمن المؤكد أنّه حين تسيطر الرسائل السلبية في العلاقة فذلك يعني الإساءة وسوء معاملة في العلاقة، فيتم تعنيفها من خلال وجود عقد تمنع مرور المشاعر والعواطف باتجاه الآخر. لذلك كي تستطيع الرسائل الانتقال من طرف إلى آخر في العلاقة علينا تعلم كيفية تنظيفها وتحريرها قدر الإمكان، فكيف يمكن ذلك؟

حين أرسل الرسائل الإيجابية باتجاه شريكي، فأنا أغذي العلاقة برسائل التقدير والتأكيد بشكل تعطي الآخر الشعور بأنّه مقدر من قبلي ومسموع ومرئي بالشكل الإيجابي، وبالتالي نفس النظرية من قِبَل الآخر باتجاهي حين تكون الرسائل المرسلة كلّها إيجابية. ويجب أن نذكر أنّ مصلحة العلاقة هو بالاستجابة إلى الحاجات المشتركة لكلّ من طرفي العلاقة كي تجد الرسائل الإيجابية طريقها باتجاه الآخر دون العقبات والعراقيل في الطريق التي تمنعها من المرور وبالتالي من الاستثمار.

ومن أبرز الحاجات في التواصل مع الآخر الحاجة لأن نعبر بكلماتنا نحن وأن نكون مسموعين انطلاقاً من معيارنا نحن لقراءة الأمور، مثل حين ندخل إلى المنزل ونقول إنّنا جائعون، ففي حال أجاب الشريك أنّ هذا الوقت هو ليس وقت غذاء فذلك يعني أنّه لم يفهم حاجاتنا كما هي إنّما أراد فرض حاجات ليست بموقعها، لأنّنا تكلمنا عنا نحن، تكلمنا عن مشاعرنا وليس عن أي أمر آخر. فأنا لا يهمني إن كان هذا الوقت هو وقت غذاء أم لا فليس هناك أي شخص في الكون يعرف ما أشعر به وما أحتاج في هذا الوقت سوى نفسي. بالإضافة إلى الحاجة للتقدير والحاجة إلى الحميمية والحاجة إلى التأثير في الشريك. فيا صديقي القارئ.. كي تستطيع الاستمرار بعلاقة سليمة أنت بحاجة لأن تكون مقدراً من قبل الشريك، وأن تقدّر الشريك على ما هو عليه وعلى ما يقدمه للعلاقة، والحاجة إلى الحميمية المشتركة والحميمية الفردية من خلال التنبيه لعدم الدخول في الحلقة الخاصة للآخر، وعدم ترك الآخر يخرق حلقتنا الحميمة، مع الأخذ بالاعتبار أهمية عيش الحميمية المشتركة. أما على صعيد آخر من الحاجات فهناك الحاجة للتأثير في الآخر وتأثير الآخر فينا وذلك لخلق التوازن، تماشياً مع الحاجة للشعور بأنّ لدينا قيمة من خلال نظرة الآخر لنا وأنّ كلمتنا مسموعة. ولكن إلى جانب كلّ تلك الحاجات الجوهرية هناك حاجة أهم وهي الحاجة لأن نحلم ونحلم معاً واعتبار أنّ الغد سيكون أفضل من اليوم، فذلك يساعدنا على تخطي الصعوبات واكتشاف أنّه يمكننا أن نعيش اليوم سوء تفاهم ومآسي ومواجهات، ولكننا نعيش على أمل أن نتخطاها في الغد الذي يحمل رسائل إيجابية جديدة تنتقل من أحدنا للآخر. فإن بنينا رسائلنا حتى الإيجابية على ذيول اليوم السابق بما حمل من صعوبات فذلك لا يبشر بتطور سليم.

فخير العلاقة أن يكون كلّ من الحاجات مسموعاً.. محترماً ومقدراً من قبل الشريك. فحين تكون هذه الحاجات المشتركة مسموعة من قِبَل الآخر فذلك يعطي العلاقة فرصاً أكبر للاستمرار مع الزمن والنجاح والصحة.

ليس سهلاً على أي إنسان لم يصل إلى مستوى نضج فكري وعاطفي أن يتفهم حاجات الآخر. فالخطأ الشائع الذي يعطل مرور الرسائل من طرف إلى طرف آخر في العلاقة هو اعتياد الأشخاص على سماع الآخر للرد عليه وليس لفهمه. ففي هذه الحال فإنّنا لا نعطي الآخر الفرصة لتحقيق حاجاته، وبالتالي نخنق العلاقة من خلال الشعور بأنّ الآخر غير قابل لتفهمنا والتواصل معنا، انطلاقاً من حاجاتنا وليس انطلاقاً من وجهة نظره. فالخلافات الصغيرة المتراكمة وغير المحلولة على المدى القصير، هي خير دليل على عدم الاستجابة إلى حاجات الشريكين في العلاقة، وذلك لعدة أسباب أهمها التربية المختلفة وغياب النضج العلائقي والعاطفي والفكري لدى الأشخاص، بالإضافة إلى غياب الاستعدادات للتقدم بأي خطوة باتجاه الآخر. فكلّ ذلك كفيل بتحويل العلاقة إلى علاقة عقيمة تعرقلها الكثير من العقد التي تعيق وتمنع مرور هذه الرسائل الإيجابية التي تحدثنا عنها، والكفيلة بالتصحيح وإعطاء العلاقة متنفساً يدفعها خطوة إلى الأمام.

فعلى كلّ فرد في العلاقة فرض حاجاته على الشريك والتحدث عنها وشرحها إذا لزم الأمر، وعدم اعتبار أنّه من المسلمات أن يعرف ويدرك الآخر حاجاتنا، فهي صحيح تتشابه في المضمون لكنها تختلف في المكان والتوقيت وطريقة التعبير عنها، يتطلب ذلك فعل عادة للقيام به ولكنه غير مستحيل.

تختلف حاجاتنا بطريقة طرحها من يوم إلى يوم فلم لا نُبقي الشريك على اطلاع بها من خلال التواصل السليم والانفتاح؟►

ارسال التعليق

Top