• ٢٦ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

عندما تصرخ المرأة: لم أعد أعجب زوجي

عندما تصرخ المرأة: لم أعد أعجب زوجي
◄هل شعورها حقيقي أم مجرد وساوس وهواجس؟

"أنا لا أعجب زوجي". هل اختبرتِ ذلك الشعور ذات يوم عزيزتي الزوجة؟ هل تخشين أن يكون زوجك قد فقد شرارة انجذابه إليك؟ كثير من الزوجات يشاطرنك تلك الشاعر، لكن يا ترى، هل هذا الأمر حقيقي أم لعلّه مجرد وهم؟ وما الأسباب التي تؤدي إلى ذلك الإحساس؟

كثير من الزوجات يظللن يذكرن طعم ونكهة العلاقة بينهن وبين أزواجهن أيام الخطوبة وسنوات الزواج الأولى، ويبتسمن وهن يتأملن شريط ذكريات، ذلك الاهتمام الذي كان الشريك يبديه لشريكته آنذاك: توسله إليها بكلّ الطرق حتى يثير اهتمامها، هاتفها الذي لم يكن يكف عن الرنين بسبب اتصالاته، انتهازه لأي فرصة كي يتغزل في مظهرها، وغير ذلك من الأمور التي تبيّن مدى إعجابه بها. لكن ما حدث الآن هو أنّه لم يعد ينظر إليها تلك النظرات التي تشعرها بكيانها كأنثى، فقد صمت هاتفها عن مكالماته الكثيرة والمتلهفة لسماع صوتها. وتوقف بريدها عن استقبال كلمات حب تعبر عن شوقه لها. لم تعد تتلقى أي إشارات تدل على أنّه ما زال على عهد عشقه ووله بها. والنتيجة التي توصلت إليها هي أنّه لم يعد معجباً بها مثلما كان في بداية العلاقة، لا بل انطفأ بريق انبهاره بها.

 

تغيرات هرمونية:

إذ تتحدث عن شعور النساء عندما يكتشفن أنّهن فقدن بريق الإعجاب لدى أزواجهن، تعترف رانيا بسيوني (ربة منزل، متزوجة) بأنّها ذاقت طعم ذلك الإحساس في فترات عدة من مراحل مسيرتها الزوجية المستقرة منذ 18 عاماً، خاصة في فترات الحمل وبعد الولادة، مؤكدة "أنّ عدم رضا الزوجة أحياناً عن مظهرها الخارجي بسبب تغيرات الحمل وما تفعله بجسد المرأة، يجعلها غير واثقة بمشاعر زوجها نحوها في هذه المرحلة". وتصف رانيا حالتها في تلك الأيام قائلةً: "كنت أشعر بعدم الرضا عن شكلي أيام حملي بسبب التغيرات التي كانت تصيب جسدي من زيادة وزن وغير ذلك، وكنت في أشد الحاجة إلى أن أرى زوجي يهتم بي ويقدرني بصورة أكبر مما هي عليه في الأيام العادية، علماً بأنّ أقل تقصير منه في هذا الجانب، كان يوصلني إلى نقطة واحدة وهي أنّه ما عاد معجباً لي". تضحك رانيا وتختم بالقول: "في الحقيقة إنني أيقنت بعد ذلك أنّ الأمر كان مجرد وهم، ففتاي الذي أحببته وأحبني لا يزال كما هو وهي مجرد أوهام نابعة مني فقط".

 

مسؤولية الرجل:

أما أم سالم (متزوجة منذ عامين)، فتتفق مع الرأي القائل إنّ "أيام حمل الزوجة هي من أكثر الأيام التي تشعر فيها بأنّها لم تعد مرغوبة من زوجها، خاصة أنّ المرأة عموماً تؤمن بأنّ مظهرها عامل مهم من عوامل انجذاب الرجل لها". وتوضح "أنّ التغيّر في الهرمونات نتيجة الحمل والولادة والرضاعة، يجعل المرأة تشعر بأنّها فقدت أحد أسلحتها المهمة في الحفاظ على الرجل المُصنف ككائن بصري، ويُخيل إليها أنّها، وبجسدها الذي بات يشبه الكرة، لن تتمكن من إثارة اهتمام زوجها أو جذب انتباهه".

لكن أم سالم لا تعفي الزوج من مسؤولية شعور المرأة بأنّه لم يعد يهتم بها، حيث تقول: "هناك نوع من الأزواج ينصرف عن شريكته في أيام حملها وولادتها، وينزوي بعيداً فلا تشعر بحبه أو تصرفاته الرومانسية أو حتى اهتمامه، وهذه التصرفات تُرسل إليها رسالة سلبية مفادها أنّها لم تعد تعجبه".

لكن أم سالم تنصح النساء "بعدم الاستسلام إلى حالة فقدان المرأة ثقتها بنفسها"، قائلة: "على كلّ زوجة أن تتجاهل هذا السلوك حتى لا تنغص حياتها به، وذلك بأن تملأ وقتها بالهوايات المفيدة، حتى يعود زوجها من تلقاء نفسه، إذ إنّ الرجال حينما يشعرون بإلحاح الزوجات عليهم في مسألة الاهتمام يبتعدون أكثر".

 

تلميحات:

من ناحيتها، تميل مايا وتار (متزوجة منذ 3 أعوام) إلى تصديق حاسة المرأة حينما تشعر بأنّ زوجها لم يعد معجباً بها، وبينما تجزم بأنّ "هذا الإحساس لا يأتي من فراغ أبداً"، تقول: "كلّ امرأة تعرف مكانتها عند زوجها وبأي مقدار هو معجب بها، وهي لديها "ترمومتر" حساس لكشف أي نقص في معدلات هذا الإعجاب". وتضيف موضحة "أنّ من أهم الأسباب التي تجعل المرأة تشك في أنّها فقدت اهتمام زوجها وإعجابه بها، هي تلك الإشارات والتلميحات التي تبدر من الرجل نفسه، مثل أن يقول لها صراحةً أو ضمنياً عبارات، مثل: "لقد أصبحت سمينة"، "ذلك اللون لا يناسبك"، "لم لا تغيرين تسريحة شعرك؟" وهكذا ملاحظات". وتبيّن مايا "أنّ هذه التلميحات تؤلم المرأة كثيراً وقد تفقدها ثقتها بنفسها".

 

تجاهل:

أكثر ما يُشعر الزوجة بأنّها فقدت مكانتها أعلى قائمة الإعجاب عند زوجها وأنّها ما عادت فتاته الأولى التي تبهره، حسب ما تقول ماجدة أبو دقة (متزوجة منذ 18 عاماً) "هو فقدانه روح الملاحظة والمديح لما تفعله أو التعليق على ما ترتديه". وتضيف: "يتجلى ذلك حينما تحس المرأة بأنّ زوجها بات لا يهتم بالتغييرات الإيجابية في شكلها ومظهرها، وتبدأ في مقارنة أحواله معها في السابق مع وضعه الحالي، حيث كان يبدى الاهتمام بها قبلاً حتى لو غيرت لون طلاء أظافرها. أما الآن، فهو قد يتجاهل تسريحة شعرها أو فستانها الجديد ولم يعد يتغزل في لون عينيها أو سحر ابتسامتها".

 

حوار:

إلى ذلك، ثمة تبريرات أخرى لإحساس الزوجة بأنّها لم تعد مثار اهتمام زوجها لدى كاترينا يحيى (متزوجة منذ 3 أعوام)، حيث إنّها ترى "أنّ صمت الرجل مع المرأة وعدم الحوار معها، يجعلها تشك في أنّها لم تعد مصدر إعجابه وانبهاره". وتضيف موضحة "أنّ كلام الزوج مع الزوجة وسيلة مهمة للتعبير عن اهتمامه بها، والتحدث معها في كلّ الأمور حتى لو كانت بسيطة يدل على حرارة العلاقة بينهما ويجنبها البرود". تصمت كارينا قليلاً ثم تواصل قائلة: "كما أنّ كلمات الحب والغزل ومدح جمالها والتعبير لها عن الشوق، وكلّ هذه الأمور تطمئنها كثيراً بأنّها مازالت تتربع على عرش قلب رجلها، وفي ذلك أيضاً تأكيد ضمني لها بأنّها مازالت مثار اهتمامه وإعجابه". لكنها تعود لتستدرك أنّه "عندما ينقطع هذا التواصل، تصبح المرأة في حالة شك حول مكانتها عند زوجها، وبالتالي قد يقودها هذا الأمر إلى التفكير بأنّه قد كف عن الإعجاب بها".

 

مقارنة:

بدورها، تلفت سهار غرايبة (متزوجة منذ 20 عاماً) إلى طبيعة المرأة، التي تصفها "بأنّها دائمة القلق والخوف من أن يبتعد عنها زوجها ويزول إعجابه بها"، لكنها تعود لتلفت إلى "أنّ هناك مؤشرات تهدد المرأة وتشعرها بأنّها بدأت تفقد بريقها كامرأة مفضلة لديه، ومن أهم هذه الأمور التي تُشعرها بالخطر هي ولكنها إن زادت على حدها، فإنّها ستزعج الرجل جداً، وقد تسبب نتائج عكسية مثل أن ينفر من زوجته مثلاً". ومن ناحية أخرى، يرى هاني "أنّ بعض الاهتمام من الزوج قد يحل هذه المشكلة، ويجنبه كثيراً من المعاناة في احتواء تلك الهواجس والتعامل معها".

 

عوامل عدة:

من أين ينبع شعور المرأة بأنّها ما عادت تحوز إعجاب زوجها؟ وما المشاكل الأسرية التي يمكن أن تنتج عن هذا الشعور؟ وكيف يمكن معالجة هذه الأزمة؟ في هذا السياق، تؤكد الدكتورة غادة الشيخ (استشارية أسرية) "أنّ وراء هذا الشعور تكمن جملة من مشاكل الحياة الزوجية من ضمنها الروتين والبرود العاطفي والصمت الزوجي الذي يسود العلاقة بعد مدة من العشرة الزوجية"، لافتة إلى أنّ "كلّ أزمة تظهر إلى السطح تُبيّن طبيعة العلاقة الزوجية بين الطرفين، ومدى التفاهم والاتفاق والانسجام بينهما". تضيف قائلةً: "تبدأ هذه الظاهرة بعد الزواج، ويختلف هذا الإحساس من امرأة إلى أخرى حسب ظروف الحياة التي يعيشها الزوجان". وتقول: "يظهر شك المرأة في توقف زوجها عن حبها أو الإعجاب بها كواحدة من هذه الأزمات التي تؤرقها وتُفقدها طعم السعادة في حياتها الزوجية، كما أنّها قد تجعلها في حالة دائمة من عدم الاستقرار والمشاكل مع زوجها، وقد تُدخله في دائرة مغلقة من الشكوك والاتهام بأنّه على علاقة بغيرها". وتؤكد الدكتورة الشيخ "أنّ احتواء مشكلة "ما عدت أعجب زوجي"، يتم عبر محورين: أولهما هو أن تلتفت الزوجة إلى نفسها وأن تحبها وألا تجعل زوجها محور حياتها الوحيد، وألا تنتظر أن تأتيها الثقة والإعجاب منه لتولد منهما سعادتها ورضاها عن نفسها، حيث إنّ الرضا والثقة بنفسها ينبعان من داخلها. وكذلك السعادة، تستطيع هي أن تولدها من داخلها أيضاً، وذلك بأن تغير ما في نفسها أوّلاً، ليس على مستوى الشكل فقط، إنما على نطاق الجوهر أيضاً، وذلك انطلاقاً من الآية الكريمة: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (الرّعد/ 11). وتشير الدكتورة الشيخ إلى أنّ "على المرأة أن تملأ وقتها بالمفيد، وألا تتخلى عن هواياتها وصديقاتها وأن تعمل على تطوير ذاتها في كلّ الجوانب، حتى لا يكون زوجها هو شغلها الشاغل وعليها أيضاً ألا تضع سعادتها رهن كلمات يقولها لها الزوج أو لا يتلفظ بها". وتضيف: "أما المحور الثاني لحل المشكلة، فتقع مسؤوليته على الرجل، حيث إنّ بعض الأزواج، ونتيجة لخبرتهم الضعيفة بطبيعة المرأة في حبها للمديح وكلمات الحب والرومانسية، يتجاهلون هذه الجوانب تماماً بعد الزواج ويهملونها، وهذا البرود يجعل المرأة تشعر بالانزعاج". وتختم الدكتورة الشيخ مؤكدة "أنّ على الأزواج الالتفات إلى هذه الجوانب المهمة".

 

اختلاف فهم:

من ناحية نفسية، تقول الدكتورة مها عبد الحليم (أخصائية في علم النفس): "إنّ هناك مستويات مختلفة من الفهم بين النساء والرجال قد تدفع المرأة إلى الشعور بأنّها لم تعد مرغوبة من زوجها"، لافتة إلى "أن تكوين البناء النفسي لطرفي علاقة الزواج، يلعب دوراً جوهرياً في التفاعل بينهما وردود الأفعال، فتركيبة الرجل النفسية تميل إلى الواقعية والاستسلام لروتين الحياة بعد الزواج، وإلى الانشغال بأمور يعتبرها أهم، مثل توفير العيش لأسرته". وتضيف: "من هنا، فإنّ حب الرجل لزوجته على طريقته الخاصة، التي تعتمد على الأفعال وليس الأقوال، يصطدم مع تركيبة المرأة العاطفية التي تعيش على الكلام الجميل والمدح والتعبير عن العاطفة، ومن هنا تظهر المشكلة". لكن الدكتورة مها عبد الحليم تعود لتنصح المرأة "بأن تعمل على تقوية ثقتها بنفسها، وأن تكون واقعية في مطالبها مع ضرورة مراعاة طبيعة الرجل". وتتابع مؤكدة أنّه "مادام الزوج يُحسن معاملتها، فيجب أن تجذبه إليها بالوسائل الدبلوماسية، وتضيف إليها كلّ ما هو جميل من الصفات والسمات التي تجعل زوجها منجذباً إليها". ولكنها تعود لتشير إلى "أنّ هناك نوعية من الزوجات يطلبن من أزواجهنّ التعبير لهن عن حبهم كلّ يوم وفي كلّ وقت بصورة لفظية"، لافتة إلى "أنّ هذا الأمر قد يحاصر الزوج ويشعره بالضيق منها". وتختم مؤكدة "أنّ إصرار المرأة على زوجها أن يُعبر لها عن مشاعر حبه بالطريقة التي تستهويها، قد يُشعره بأنّه مُجبر على ذلك ومسلوب الإرادة، وبالتالي ينفر منها".

 

نقد مستمر:

من جهتها، ترى الدكتورة فاطمة الغرياني (استشارية أسرية نفسية) "أنّ الزوجة تكتشف أنّها لم تعد على رأس قائمة الإعجاب لدى زوجها عندما يبدأ في انتقادها ويستمر في إعطائها الملاحظة تلو الأخرى، متناسياً أن يشكرها أو يقدر ما تقدمه في سبيل العلاقة أو الأسرة". وتضيف: "هكذا، نجد أنّ أغلب هؤلاء الزوجات يجتمعن في عوامل عدة سلبية، أهمها عدم قبول الذات والخضوع للبرمجة المجتمعية السلبية عن العلاقة الزوجية والروتين، وكذلك فقدان التقدير الذاتي وعدم إلمامهنّ بالطريقة المثلى للتفاعل مع الزوج من خلال تفهم نمط شخصيته والتحلي بروح الصداقة وروح المرح والمشاركة في الاهتمامات والهوايات"، لافتة إلى "أنّ هؤلاء الزوجات يتوقعن دائماً أن يأتي التقدير من الخارج، وخاصة من الزوج وينتظرون دائماً منه التشجيع والتقييم". ومن وجهة نظر الدكتورة الغرياني فإنّ "المرأة السعيدة المرحة المقدرة لذاتها والقادرة على إدارة حياتها وإدارة أمور العلاقة بثقة ومرونة، هي الفائزة على الدوام بإعجاب الزوج والجميع، فهي تعرف أنّها جميلة، ومديرة منزل رائعة، ولا تتلهف على تقييم دائم يجعلها تبدو غير واثقة بنفسها". وتختم الدكتورة الغرياني مؤكدة "أنّ ثقة المرأة بنفسها وبجمالها وقدراتها عامل جذب قوي يجذب الإعجاب والإطراء أينما ذهبت، وكذلك عندما تتحلى بروح صديقة مخلصة مرحة للزوج، فإنّها تتملك قلبه وثقته. لكن إذا تحولت هذه الصداقة إلى رغبة في السيطرة عليه، أو التحكم فيه، أو استغلال أسراره، أو البوح للآخرين، فإنّها تخسر صداقته وثقته وإعجابه في آن معاً".►

ارسال التعليق

Top