حسناً، حان وقت التحدُّث عن الاتّقاد بالنشاط
من بين الأشياء الرائعة التي بإمكان المدرّب الشخصيّ القيام بها، مساعدتك على الاتّقاد حيويّة وحفزك لالتزام النشاط البدنيّ. ويحتاج البعض إلى النظام والانضباط والحماسة التي يمكن أن يمنحها له المدرِّب الشخصي البارع. فإنّ الاستعانة بمدرّب شخصيّ ليست ضرورة حتمية لتحقيق النجاح. يمكنك أن تضخّ في عروقك النشاط والحيويّة بالقدر ذاته، وبالمعرفة والأدوات الملائمة بوسعكَ أن تغدو لنفسكَ مدرّباً شخصيّاً.
تكمن الخطوة الأولى الكبيرة في الحفز. فثمّة العديد من الأعذار لتُبرِّر استلقاءكَ على الكنبة متكاسلاً. وصدِّقني، أعرف ذلك تماماً، فلقد اختبرتُ هذا الوضع مراراً. إنّ الكنبة الوثيرة المُريحة يمكن أن تكون مكاناً آسراً ومغرياً يُراودكَ لتتمدّد وتسترخي ولتتلاشى مسبِّبات توتّرك كلُّها – فواتير، وزحمة سيْر، ورَبّ عملٍ مزعج، و...
حسناً، أسألك بنفسي "النهوض والتحرُّك". فأنتَ لست بليداً خَمولاً. بوسعكَ الاستمتاع استلقاء على الكنبة في وقت لاحق، بعدما تتصبّبُ عَرَقاً بفضل نشاط كبير.
فالإحساس الممتع بالاسترخاء إنّما هو متعة زائفة، وعقيمة، وخطرة من الناحية الطبّيّة – إذا لم تكن أيضاً ممّن يتمتّعون بنشاطٍ بدنيّ منتظم.
إنّني أسمعُ هذه الذرائع طوال الوقت من المرضى الذين أعاينهم، وحتى من زملائيّ الأطبّباء. لكن عليكَ التيقُّن من إمكانيّة تخصيص متّسَعٍ من الوقت. بل عليك أن تُدرك مدى أهميّة تخصيص مثل هذا الوقت ومعرفة الذي يفوتكَ إذا لم تقم بذلك! إليكَ بعض الإرشادات لتنظيم "استراحة جسدية يوميّة":
الحل (1): جدِّد الوقت الضائع – وحوِّلْه إلى وقت مخصّص لاستراحة جسدية يوميّة:
فلنتوقّفْ للحظة ونفكِّر في ما تفعله طَوالَ اليوم على مدار الأسبوع. علامَ تُنفق الوقت حقّاً؟
أراهنُكَ إنّك إذا ما حاولت، فإنك، لا ريب، ستتمكّن من تحديد مقدار كبير من الوقت الضائع.
متى عاودَتْك الرغبة ثانيةً في تمضية نصف ساعة على الإنترنت لتُحدِّث حسابك على موقع "تويتر"، وموقع "فايس بوك"، أو لتتصفّح شبكة الويب على غير هدى، فما عليكَ إلا أن تُطفئ الكومبيوتر، وتنهض من مكانك، وتنطلق خارجاً لتتجوّل في أرجاء الحيّ مشيئاً على القدمين أو هرولة.
وبمجرّد إعادة وضع الأولويّات، يمكن لأيّ كان تقريباً أن يُخصِّص نصف ساعة على الأقلّ، في معظم أيّام الأسبوع، للتمتُّع باستراحة جسديّة يوميّة. وانظر إلى المسألة من هذا المنظور: ليس لديك وقت تُضيِّعه بعدم الاعتناء بنفسكَ!
الحل (2): ادعُ شريكَ العمر و/ أو العائلة إلى "استراحة جسديّة يوميّة":
راقِبْ كيف تُمضي العائلة بأكملها معظم أوقاتها. ألا تُمضي مزيداً من الوقت الضائع مع الأجهزة الكهربائيّة؟ عندما تُلغي استخدام تلك الأجهزة جميعها، ما عدا الأساسيّة منها كالكومبيوتر والتلفاز، أراهِن أنّه سيتبقّى لشريك العمر والأولاد نصف ساعة من وقت الفراغ في معظم أيّام الأسبوع.
ومن ثمّ شجِّع عائلتك على التزام ممارسة النشاط البدنيّ كروتينٍ يوميّ تلقائي، ولا يأخذ كثيراً من وقتهم. وفي خلال عطلات الأسبوع، على سبيل المثال، يُقدِم العديد من العائلات، إمّا على تخصيص مزيدٍ من الوقت لمشاهدة التلفاز، أو التسوّق في المراكز التجاريّة. وبدلاً من ذلك، استقطع ثلاثين دقيقة إلى ستّين من هذا الوقت للتنزُّه مشياً على الأقدام في أرجاء الحيّ برفقة الزوجة والأولاد، أو اللهو معهم بتفاذف الأطباق في أقرب حديقة عامّة.
وإذا تمكّنت من إقناع شريك العمر بالانضمام إليك في أيّ نشاطٍ بدنيّ، فأنا أعتقد أنّك بذلك تكون قد حقّقتَ انتصاراً كبيراً في حياتك، بل عزّزت فرص نجاحك. وقد سمعتُ قصصاً رائعة عن زوجين يزن كلٌّ منهما نحوٍ 136 كيولوغراماً، التزاما معاً الوصول إلى وزن صحي من خلال الأكل الصحّيّ والنشاط البدنيّ، وقد نجحا في ذلك. إنّ هذه القصص مذهلة ومُلهِمة حقّاً، نظراً إلى الموقف الإيجابي لمثل هذين الزوجين. ومن شأن التجربة المشتركة والإنجاز المتبادل أن يُعزِّزا أيضاً العلاقة فيما بين الزوجين الشريكين.
ليكُن لعائلتك ميلٌ إلى اعتبار النشاط البدني جزءاً مكمّلاً من روتينهم اليومي.
الحل (3): اتَّبع الطرق المختصرة الممكنة جميعها:
من الطبيعي أن يُسهُل عليكَ القيام بالنشاط البدني إذا كنتَ منتسباً إلى نادٍ رياضي، أو كنت تقطن في منطقة ريفية أو بالقرب من حديقة عامّة، لكنّ ذلك لا يتوفّر دائماً.
ويكمن مفتاح ذلك في اقتطاع جزء من وقتك المهدور وانتهاز أيّ فرصة مؤاتية لممارسة النشاط البدني. وليس عليكَ مغادرة المنزل للقيام بالتمارين. بل جرِّب هذه الطريقة السهلة والرخيصة جدّاً:
أبسط تمرين رياضيّ في العالم (أو كيف تحوّل غرفة التلفاز إلى نادٍ رياضيّ منزليّ صغير للاستخدام الدائم وفي الأيّام الممطرة):
· استخدم الرباط المطّاطيّ المقاوم. إنّه رباط عمليّ، مطّاطيّ مَرِن، يمنحك فوائد تمارين القوى وشدّ العضلات ذاتها كشأن أيّ نادٍ رياضي راقٍ.
· قمْ بتمارين المقاومة والقوى المُشار إليها في الكتيِّب المرفق مع الرباط تِباعاً.
· سِرْ داخل الغرفة بحيويّة، أو اقفز على الحبل فيما أنتَ تشاهد برنامجك التلفزيونيّ المفضّل أو فيلماً على الـ"دي في دي". وإذا ما سرتَ في المكان، فلتتمايل يداك وترتفع رُكبتاك إلى الأعلى، على أن يوازي وقع قدميك ومستوى الجهد المبذول وقع المشي السريع وجهده. ابدأ بذلك لمدة خمس دقائق، ومن ثَمّ لثلاثين دقيقة أو أكثر. ويجب أن تتصبّب عرقاً.
· تهانينا! لقد دلَّلْتَ نفسك بتمرين أوّليّ رائع يجمع تمرين العضلات والأوعية الدمويّة القلبيّة معاً، وبِتَّ تجني فوائد صحية جمّة، جسدياً ونفسياً.
· واظِب على القيام بهذه التمارين، وجَنْي فوائدها أكثر فأكثر مع مرور الوقت.
الحل (4): حوِّل المواعيد الاجتماعية إلى مواعيد نشاطات:
ويبدو أنّ معظم الناس يُخطِّطون تلقائيّاً لقضاء عطلة الأسبوع مع الأصدقاء والتهام أشياء ضارّة مثل الأطعمة الدهنيّة والمشروبات السُكَّرية. ولا أنفكُّ أسمع من الناس كم أمضوا عطلة نهاية أسبوع ممتعة انغماساً في مثل هذه الأطعمة بالطبع. لكنّنا حيل نفعل ذلك سرعانَ ما نشعر بتوعّكٍ بعد فترة من تناوُلها! فلماذا لا نُقلع عن هذه العادة السيئة؟
إنّني في مقابل ذلك أفضل لقاءات مع الأصدقاء تشمل القيام بنشاط بدنيّ، حتى إنّه بوسعك القيام بذلك في خلال اجتماعات العمل، فقد ذهبت مرّة في رحلة تجذيف مع زملائي في العمل، وكانت واحدة من أكثر تجارب الترابط المهني التي خَبَرتُها فعالية في حياتي.
وعندما يحين وقت الغداء، قم بنزهة لثلاثين دقيقة مشياً على القدمين مع زميلك في العمل. ادعُ أصدقاءك إلى نزهة على الدّرّاجات أو للعب الكرة في الحديقة العامّة، فمَن قال إنّ اللعب هو للأطفال فحسب؟ في جميع هذه الحالات، ثمّة ترابط عاطفيّ عميق مع مَن هم برفقتك، بفضل الطاقة والمتعة والحماسة التي يشعرك بها النشاط البدنيّ.
المصدر: كتاب طبِّب نفسك بنفسك
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق