• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

معاناة المرأة بعد سن الخمسين

د.أحمد عبدالملك

معاناة المرأة بعد سن الخمسين

◄بعد أن أكملنا أنا وزوجي عامنا الثلاثين، تغيّرت حياتنا بصورة غير طبيعية، وصرنا لا يطيق بعضنا بعضاً. أصبح زوجي عصبياً، وأصبحت أنا أكثر عصبية منه؟ كان الحوار بيننا يمتد لساعات، مُجلجلاً، يصل إلى بيت الجيران. ولم نكن نصل إلى نتيجة في أي حوار. أشعر بأنّ زوجي يكرهني، وبأنّه لا يعيرني أي اهتمام أو رعاية، بل إنّه لم يعد يتذكر مناسبة عيد زواجنا، أو يأتي بهدية صغيرة.

أقف أمام المرآة أشاهد جسدي. صحيح، لم يعد كما كان في السابق. تَغضّن وتلوّى وغطته النتوءَات والازدحام اللحمي من كلّ صوب، على الرغم من أنّني أداوم على الرياضة واختار الغذاء الطبي المناسب، ولكن.. دون جدوى.

صحيح أنّه ليسَت الحياة الزوجية كلّها جنساً، كما يقولون. ولكن، حتى في الموضوعات الأخرى أجده بعيداً عني. ما عاد يُجاملني، أو حتى يلاطفني أو يلمسني. ودوماً يكرّر جملة سمعها من أصدقائه: "الزوجة بعد ثلاثين عاماً تصبح أختاً".. يقولها الرجال على سبيل التندُّر والنكتة.

كنت أتألم عندما أسمعه يكررها. وبلا شك، يكررها العديد من الرجال الذين هم في سنّه. صحيح أنّ اهتماماتنا غير منسجمة، فهو متابع جيِّد للرياضة، ويعرف أسماء وتواريخ الفرق الرياضية ومبارياتها، ولا تفوته أي مباراة في أي دوري.

عادةً ما ينفصل الزوجان جنسياً بعد الخمسين. أنا أقدّر هذا. وقد تذوي الجذوة اللذيذة، التي ظلت مشتعلة لثلاثين عاماً، أو أكثر، لظروف صحّية ونفسية وأحداث وذكريات. ولكن، أن يتم الانفصال العاطفي، فهذا يبعث على الشك في أنّ امرأة أخرى دخلت حياة الرجل، وملَكت عليه مشاعره وأحاسيسه ووقته الذي كان يُخصّصه لزوجته. كما أنّني زوجة، ومن حقّي أن احتفظ بزوجي.

أصبحتُ أتحسّسُ من أي كلمة يرميها عليَّ تختص بالجَمال أو الأناقة أو الجسد المتناسق. كما أصبحتُ أتوجّسُ من كلّ سفرة يسافرها، وما أكثر سفرات الرجال غير البريئة لبعض البلدان، التي تتوافر فيها ملذات اللهو والجنس الرخيص. كما أنّه عندما يجلس في المنزل لا يتكلم ولا يفتح أي موضوع. أشعرُ بأنّ باله مشغول، وبأنّ هموم الدنيا على رأسه، خصوصاً، بعد أن أحيلَ إلى التقاعد، وأصبح لا عمل له سوى متابعة مباريات كرة القدم.

اتمنّى من الجهات المختصة، أن تدرس هذه الحالة، لأنّني اسمع عن حالات كثيرة مماثلة، حيث تنتهي حياة الزوجين نهاية تختلف عن نهايات أفلام شكري سرحان وفاتن حمامة، وتَحلّ الكراهية والنّأي محل الحبّ والقرب، وينسى الزوجان سنوات من الساعات اللذيذة والذكريات الجميلة، ذلك لأنّهما، ولربّما أحدهما، لم يتحمّل وطأة الحياة أو تَغيُّرات الزمن، ولربّما أيضاً لم يَتوقّع أن يصل إلى هذه السن التي تُقيِّد المشاعر وتُجمّد الأعضاء النَّشطة، بل ولربما أنا لم استوعب تلك التغيُّرات.

أنا فقدت زوجي، ولربّما كنت مخطئة، لاعتقادي بأنّه سيظل نجماً في حياتي للأبد، وأنّه سيظل فحلاً إلى ما لا نهاية. أنا فعلاً تعسة و"غلبانة"، ولكن.. ليس باليد حيلة►.

ارسال التعليق

Top