◄"الكتاب عالَم خالد، منزه وروحاني ننال فيه خلال أوقات فراغنا السعادة الحقيقية".
ووردز ورث
"لن يموت العظماء والطيبون لأن أرواحهم تذوب على صفحات الكتب ويخلد ذكرهم في العالم أبد الدهر".
صاموئيل اسمايلز
إننا نحيا كيفما نفكر، إنّ هذه العبارة تدل في الواقع على هيمنة الأفكار على نمط معيشتنا وبتعبير آخر توضح دور أفكار الإنسان وأثرها في نهجه في الحياة. والمطالعة هي أكثر المناهل شفافية وأغناها بالثروة الفكرية التي تغذي عقل الإنسان.
تمتاز المطالعة بمكانة مهمة في حياة الشباب نظراً لما يتمتعون به من ذاكرة وفكر راسخين وإرادة صلدة إضافة إلى حاجتهم لتكميل تجاربهم في الحياة، الأمر الذي يشدّهم نحو زيادة المطالعة بغية تلقيح تفكيرهم بأفكار الآخرين ورسم الخطوط العامة في حياتهم بمساعدة قابلياتهم الفكرية والسير على هداها بجد ومثابرة.
يقول أحد المفكرين: "أسفي الوحيد الذي أشعر به عند دخولي المكتبة هو أن عمرنا قصير، مما يسلبنا الأمل في أن نتمكن من الالتذاذ والاستفادة من هذه المائدة الزاهية الممتدة أمامنا".
يرى بعض الكتّاب أن بمقدورنا الكشف عن نفسية الأشخاص وأخلاقهم عن طريق التأمل في الكتب التي يطالعونها. يُروى أنّ الفيلسوف والمفكر الألماني "كانت" كان يسير في حياته وفق برنامج دقيق مدهش لم يختل نظامه إلّا مرة واحدة عندما التزم الدار ثلاثة أيام لم يخرج منها، وعندما سُئل عن السبب، ذكر أنّه حصل على كتاب "أميل" لـ"جان جاك روسو" ولم يتمكن من الكفّ عن مواصلة قراءته فخصص له ثلاثة أيام حتى أتمّ المطالعة.
يؤكد أحد أصحاب الرأي: "صدق من قال أنّ الكتاب الجيد هو أشبه ما يكون بالعمل والسلوك الحسن. إنّه يهذب النفوس ويصفّيها ويرتقي بالأرواح إلى المعالي ويحرر الفكر ويطلق عنانه ويمنع الاقبال على الأهواء والملذات المادية وينزه الأخلاق ويطهر الذات وينير القلوب".
يقول الفيلسوف والمربي الشهير "جون لوك": "للتربية أساليب ثلاثة: أولها المطالعة، ثمّ التفكير وآخرها إلى الآخرين. إذن عليكم بمطالعة الكتب ثمّ التأمل والتفكير في عباراتها ومعانيها (في أوان الإختلاء بالنفس) والتمعن في حديث الآخرين عند مجالستهم لتعلم ما يتعلّق بأفكاركم من أحاديثهم".
لو أدركنا حقيقة التأثير العظيم للكتاب والمطالعة في بناء شخصية الإنسان سيكون من واجبنا الانكباب بحثاً عن المؤلفات البناءة الإيجابية بغية التوصل إلى الشخصية الإيجابية. ونحن في سياق إنتقاء الآثار والكتب المفيدة بحاجة إلى تبادل الأفكار والتشاور مع ذوي الجدارة مثلما نكون بحاجة إليها عند اختيار الصديق الصدوق المثالي.
أساليب تشجيع الشباب على المطالعة:
يمكننا الاهتمام بالاقتراحات التالية بهدف ترسيخ طبيعة الاقبال على المطالعة لدى الشباب:
1- إنّ التأكيد على ظاهرة "انفجار المعلومات" باعتبارها حدثاً من أحداث القرن الحادي والعشرين ينبه الشباب إلى تنمية المعلومات بمعدل سنوي هو 13% أي أنّ المعلومات تتضاعف كلّ 5 سنوات ونصف السنة. وتغدو المعلومات في بعض الفروع العلمية الحية والفاعلة بالية ومنسوخة بعد عشرين شهراً أو أكثر من السنة بقليل. إنّ هذا الأمر يحفز الشباب لمتابعة المطالعة بسرعة تتلاءم مع الوضع القائم إضافة إلى تحليل وتفسير المعلومات والعلوم المتنامية.
2- الإعلان عن المصادر المفيدة والمنتخبة من الكتب المنتقاة سنوياً لشريحتي المراهقين والشباب عبر وسائل الإعلام لا يكون مؤثراً من حيث تحفيز دوافعهم نحو المطالعة فحسب بل إن إطلاعهم على تأليف بعض هذه الكتب من قبل شباب متمرسين في الكتابة يدفعهم إلى تنمية قابليتهم على التأليف واستخدام القلم.
3- هناك فريق كبير من الشباب لا يفلح في هذا الأمر رغم إنشداده القلبي نحو المطالعة، ويعود السبب في ذلك إلى جهلهم الطرق المناسبة للقياد بهذا الأمر مما يؤدي إلى فشل مساعيهم في تحقيق المأرب المنشود. ومن شأن المؤسسات والمراكز الثقافية لاسيّما وسائل الإعلام، تقديم العون الكافي للشباب في هذا المجال عن طريق إرشادهم إلى الأساليب الصحيحة للمطالعة بواسطة الجاذبيات المرئية، الأفلام التعليمية والندوات العلمية، الثقافية.
4- تتبلور لدى الشباب رؤية واقعية عن الحياة، بعد مطالعة سيرة العظام والمشاهير لأن أهم ما يتوصلون إليه عند التأمل في تاريخ حياة هذه الشخصيات هو درجة الكمال التي يتمكن الإنسان من نيلها وروائع الأعمال التي بمقدوره القيام بها. إنّ اللجوء إلى تدوين سيرة حياة كلّ من هذه الشخصيات الصالحة في مؤلفات، يعمل على بذر روح الأمل والتمني في القلوب.
5- فيما يخص الكتاب، يؤكد أحد المفكرين: "في مجال العلوم علينا مطالعة أحدث الكتب وفي دائرة الآداب يجب مطالعة أقدمها". ربما تكون هذه الفكرة ذاتها قد ألهمت البروفيسور "براملد" أحد أصحاب الرأي في مذهب "التقدمية"، حيث اقترح: "على الشباب قبل إتمام مرحلة الثانوية أي قبل الالتحاق بالجامعات مطالعة ما لا يقل عن مائة مؤلف من روائع المؤلفات المميزة في مجال الآداب العالمية والوطنية ليكتسبوا رؤية واسعة قيمة حول الحياة ومظاهرها". إن وقوف الشباب على حقيقة ضرورة الاكثار من المطالعة من أجل الإمساك بزمام الحياة، يثير فيهم الحوافز اللازمة للإقبال على المطالعة.
6- تحذير الشباب من آفات زيغان المطالعة عن مسيرتها وتشمل عادة المطالعة المضطربة، المشوشة، المبتورة أو المحددة ببعد واحد، عن طريق شرح الأساليب الصحيحة في مجال "القراءة السريعة"، "سرعة الانتقال" و"القدرة على حل المسائل".►
المصدر: كتاب الشباب والقوة الرابعة للحياة
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق