وازدياد الخوف من الله تعالى محمودٌ؛ لأن زيادة الخوف تعود إلى زيادة العلم بالله تعالى والإيمان به، وبما أخبر عنه في مُحكَم كتابه وهَدْيِ نبيه (ص). وكلما تفكّر المرء فيما أوعد الله تعالى عليه من أنواع العذاب وأصناف التنكيل التي تنخلع القلوب لهولها وترتجف الأوصال يتملك المرء الخوف فيسيطر عليه.
ويظهر ذلك في جوارحه، في رقّة قلبه، ودمع عينيه وهو ما يسمى البكاء من خشية الله تعالى. وقد مدح الله تعالى المؤمنين الباكين خوفاً من عذابه. قال الله تعالى مثنياً عليهم: (يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا) (الإسراء/ 109). كما ذَمَّ من لا يتأثّر بآيات الله تعالى تُتلى عليه وقَوارعُ العذاب تطرقُ أذنيه، قال الله تعالى: (أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ) (النجم/ 59-60). فهدّدهم إن بقوا على سيرهم المعوج هذا في سخريتهم من آيات الله وإعراضهم عنها بالحزن الدائم والبكاء الكثير حين لا يُخَفِّفُ البكاء ألماً ولا يُذهِبُ همّاً. قال الله تعالى: (فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا) (التوبة/ 82).
منزلة البكاء:
أثنى الله تعالى على الباكين خوفاً ووَجلاً من عقابه. ومن لوازم الثناء:
1- تكفير السيئات؛ فمن بكى خوفاً من الله تعالى كانت دموعه هذه وقاية له من عذاب النار يوم القيامة. وفي الحديث الشريف "لا يلجُ النارَ أحدٌ بكى من خَشيَةِ الله عزّ وجلّ حتى يعودَ اللبنُ في الضَّرْع" (10539 مسند أحمد، ص668/2).
2- دخول الجنات والفوز بالرضوان؛ وقال رسول الله (ص): "سبعةٌ يُظِلُّهم الله في ظِلِّهِ يومَ لا ظلَّ إلا ظلُّهُ.. ورجلٌ ذَكَرَ الله خالياً ففاضتْ عيناه" (660 فتح الباري، ص143/2) وظلُّ كلِّ شيءٍ بحَسبِهِ، ويُطلَقُ على النعيم كما في قوله تعالى: (أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا) (الرّعد/ 35).
وروي أنّ رسول الله (ص) كان يدعو الله تعالى أن يرزقه عينين تبكيان قال (ص): "اللّهمَّ ارزقني عينَيْنِ هطَّالتينِ تَشفِيان القلبَ بذروف الدموع من خَشيَتِكَ قبل أن تكون الدموع دماً والأضراس جمراً".
وبهذا يتبيّن لك أخي المسلم أنّ الخوف من الله تعالى خيرٌ، وأنّ البكاء خوفاً من عذاب الله خيرٌ. نسأل الله عزّ وجلّ أن يرزقنا قلباً من عذاب الله خائفاً، وعيناً من خوفه دامعة، وأن يوفِّقَنا لما يحبّه ويرضاه. ►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق