• ٢٠ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٨ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

آثار التقليل من شأن الطفل

آثار التقليل من شأن الطفل

أ) أثر التقليل من شأن الطفل في التنشئة:

كما يمكن لأحد أن يكسر عظمة طفل، فإنّه في نفس الوقت يمكن للمرء أن يكسر روح الطفل، إنّ التقليل من شأن الأطفال وإهانتهم والحط من شأنهم يقوّض من إحساس الطفل بذاته. إنّ الاعتداء اللفظي هو عبارة عن الاستمرار في الشتائم، وتجاهل أو رفض الطفل "اتمنى أنّك لم تولد"، "أنت غبي للغاية"، "أنت لا قيمة لك"، إنّ هذه الكلمات يصدّقها الأطفال خاصّة وإن سمعوها من آبائهم أو مدرسيهم أو غيرهم ممن يحبون ويثقون، كما يعتبر الأطفال بمقدرة على أن يرد مثل هذه الإهانات أو الإساءات بين الحين والآخر، إلّا أنّ استمرار هذه الإهانات أو الإساءات يمكن أن تسبب الضرر في شخصية الطفل، وبغض النظر عما إذا صاحبت هذه الشتائم اعتداء جسدي وجنسي، أو من تلقاء نفسها فإنّ آثارها ستكون مدمرة.

·      آثار التقليل من شأن الأطفال:

1- تعرقل بشكل كبير نمو الطفل العاطفي والنفسي.

2- من الممكن للطفل أن يمر خلال حياته بحالة من: (العزلة، ضعف الثقة بالنفس، الاكتئاب والفشل) لتلاحقه بالتالي أثناء مرحلة الشباب.

3- إنّ الأطفال الذين يجدون صعوبة في بناء علاقات ثقة مع الآخرين، الذين يجدون صعوبة في المدرسة، الذين يواجهون مشاكل مع المخدرات والذين يفكرون بشكل جدي بالانتحار عادةً ما يكون أولئك من الذين عانوا من سوء المعاملة اللفظية.

4- ينطبق الشيء نفسه على البالغين الذين يتعرّضون للإساءة اللفظية.

5- آثاره القلق والشعور بالذنب ويظهر ذلك في كثرة التأنيب والتوبيخ وإلقاء اللوم والسخرية وإجراء المقارنات غير العادلة ودائماً يذكّر الوالدان الطفل بالمعاناة التي تحمّلاها من أجله، ويطالبان الطفل دائماً بمستوى أعلى من التحصيل وكذلك استخدام التخويف وكثرة التوجيهات.

·      تقبل الذات هو العلاج:

هو إدراك الإنسان بأنّه شخص متفرد وذو قيمة، وأنّه ليس بحاجة ليثير إعجاب الآخرين، فالإمام جلال الدين السيوطي (رحمه الله) في مقدمة كتابه النفيس "الأشباه والنظائر" يقول عن نفسه: "رزقت التبحر في سبعة علوم: التفسير والدين والفقه والنحو والمعاني والبيان والبديع".

وقول يوسف (ع): (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) (يوسف/ 55)، إنّ الأنبياء والرسل لو لم يتقبلوا ذواتهم على أنّهم أنبياء فكيف لهم أن يقوموا بتبليغ الرسالة على أحسن وجه، ومن خلال التقدير الذاتي لشخصياتهم كأنبياء والإيمان بما هم عليه ترفّعوا عن كلّ ما يجعل النفس في خنوع وخضوع وضعف، ولم يخضعوا لأي سلطة سواء كانت مالية أو معنوية أو دينية وثنية.

أما ما يصدر عن بعض الناس من تفاخر وغرور واستعلاء أو خضوع واستسلام فهو في حقيقته ينم عن انعدام وجود تقدير للذات.

·      ثمار تقدير الذات الإيجابي:

-         هو الذي يجعل الإنسان بعيداً عن الأزمات النفسية والعصبية.

-         ويجعله بعيداً عن فكرة الانهزام في مقارعة الخطوب والنوازل.

-         كما يجعله بعيداً عن العزلة واجتناب الناس والنأى عنهم في زوايا مظلمة.

-         كما أنّه يجعل الإنسان يرضى عن الله تعالى ويرضى بما قسمه الله له.

-         وهو عامل أساس لتقدير ذوات الآخرين والاعتراف بوجودهم واحترام أفكارهم ورغباتهم وطموحاتهم وأحلامهم.

·      مساوئ تقدير الذات المتدني أو السلبي:

1- ينمو ويتطور من خلال التعرض للاستخفاف والتقليل من الشأن عن طريق المقارنة، فعندما يقوم الآباء بمقارنة أحد أبنائهم بطفل آخر فإنّ هذا شعور بالدونية والنقص وعدم القيمة سيتضاعف.

2- وبالتالي ينمي فيه الشعور بالتدني في الذات أو عدم تقبلها، ومن خلال هذا الشعور سيستمر الطفل في رؤية نفسه في مرآة الأطفال الآخرين مما يجعله يشعر بالإعجاب بهم.. فيظن بأنّهم يملكون ما لا يملكه من قوة وشجاعة وقدرة وثقة فتترسخ الدونية فيه وتتمكن.

3- العبارات المشجعة مثل قولهم "أنت أذكى بكثير من أن تقع في هذا.." وهو أسلوب يقدم بطريقة تزكي في الطفل النظرة الإيجابية لذاته.

4- الجانب الديني في حياة الفرد له دور أساسي في بعث التوازن المعنوي في الذات وتقبلها.

5- فالإنسان عندما لا يقبل ذاته يصير الشك والوساوس هي الهواء الذي يعكر صفو تفاعله واحتكاكه وتواصله مع الآخرين.. عندما لا يقبل ذاته كما هي: يصبح شديد الحساسية تجاه رفض الآخرين له.. وسيعتبر كلّ صيحة عليه وكلّ ريح تهب في اتجاهه، سيراها متآمرة أو همّازة لمّازة عليه.

6- عندما لا يقبل ذاته فإنّه يقوم بذبح كلّ قدراته هدراً.. عندما لا يقبل ذاته سيظل طول حياته يستجدي الحب الضائع الذي يتصيده عند الآخرين، عندما لا يقبل ذاته، فإنّه سيقضي حياته في ردود أفعال، عندما لا يقبل ذاته سيعيش أبداً وحيداً معزولاً وسيشعر بأنّ وجوده مع الآخرين لا طائل من ورائه.

 

ب) مشكلات التقليل من شأن الأطفال وعلاجها:

1- الطفل العصبي، الأسباب والحلول:

الكثير من الأُمّهات لا تستطيع التعامل مع الأطفال العصبية وقد تكون الأُم في بعض الأحيان سبباً في زرع العصبية في الأطفال، ويرجع السبب في ذلك إكساب الأطفال عادات غير محببة من الأُم عن قصد أو غير قصد أو نتيجة لتعامل الأُم مع الأطفال بانفعال وتوتر ويقلد الأطفال هذه العصبية بشكل لا إرادي.

قد يقوم الطفل بعادات أو أفعال عصبية لعدم مقدرته على التعبير بما يشعر به من توتر أو ضيق أو مخاوف من موقف معين أو التعبير عن حاجته لاهتمام وحنان الآخرين أو طلب المساعدة فهذه الأفعال والحركات العصبية تجعل الطفل يتغلب على الإحساس الذي ينتابه في هذه اللحظة.

·      أسباب العصبية عند الأطفال:

1-    تقليد الأطفال للكبار في عصبيتهم تقليداً عفوياً لا إرادياً.

2-    حرمان الأطفال من الإحساس بالأمان والاحتواء العاطفي.

3-    القسوة الزائدة أو التدليل الزائد من المربي للأطفال.

4-    التسلط الزائد من الآباء تجاه الأطفال والتدخل الزائد في شؤونهم.

5-    التوبيخ الدائم والتقليل من شأن الطفل والتقليل من مستواه العقلي والفكري.

6-    قد ينتج من شعور الطفل بالتوتر الشديد فتكون حركات عصبية لا إرادية.

7-    محاولة من الأطفال لتحقيق الذات ولفت أنظار الآخرين.

8-    شعور الأطفال بالتفرقة بينهم وبين أحد إخوانهم.

·      علاج العصبية عند الأطفال:

- يجب معرفة السبب الأساسي لهذا الحركات العصبية فقد يكون سبباً عضوياً يجب اللجوء للطبيب لمعالجته، وإذا كان سبباً عصبياً فلابدّ من إشباع حاجات الأطفال وتقديرهم وعدم نبذهم وتجنب القسوة الزائدة والتدليل الزائد.

- إعطاء الأطفال مساحة من الحرّية والتعبير عن أنفسهم بلا تحجيم للحرّية وترك مساحة للطفل بالاختلاط بالأصحاب من نفس العمر حتى ننمي لدى الأطفال الاجتماعية وحب الآخرين والتعبير عن أنفسهم بحرّية في غياب الأبوين.

- لا تكون عصبياً متوتراً دائماً أمام الأطفال حتى لا يقلد الأطفال تلك الانفعالات بشكل تلقائي.

2- مشكلة الخوف.. الأسباب والحلول:

الخوف عاطفة إنسانية.. طبيعية جدّاً، لكن كيف يمكن أن نساعد أطفالنا الصغار على إدراك ذلك وكيف نعلّمهم السيطرة على مخاوفهم، فإذا كان طفلك يعاني من الخوف، فيمكنك أن:

-         تتفهم مشاعره.

-         تطمئنه.

-         تعلّمه.

-         تتحاور معه.

-         لا تضخم الأمر.

الشرط: ما لم يتحول إلى حاجز يعيق نشاطات الطفل اليومية فلا خوف منه، وبنفس الطريقة، رفض الخوف والتقليل من شأنه ووصفه بأنّه تصرف سخيف قد لا يساعد الطفل كثيراً.

·      العلاج:

1- طمئن طفلك بأنّ المخاوف أمر طبيعي، وكلّ طفل يملك بعض المخاوف، وبالرغم من أنّ الأطفال قد لا يخافون من نفس الأشياء، إلّا أنّ كلّ طفل يملك شيئاً يخاف منه.

2- استعمل العمر وتجربة التعليم الملائم لمساعدة طفلك على فهم ما يصيبه بالخوف، إذا كان طفلك يخاف من الكلاب فيجب أن تعلّمه أكثر عن الكلاب وطرق الاقتراب منها بسلامة.

3- إذا كانت المخاوف داخل المنزل، فحاول تهدئة هذه المخاوف خصوصاً إذا كانت المخاوف على أساس يومي.

4- حاول التفكير بطرق إبداعية لتهدئة المخاوف بشكل مقبول، قد يستغرق الأمر بعض الوقت خصوصاً وأنّ الأطفال في حالة تطور مستمر.

5- وقد تأتي مخاوف جديدة وتذهب المهم أن نتذكّر بأن لا نجبر الطفل على مواجهة المخاوف بطريقة عنيفة أو الضحك على الطفل عندما يفشل في تخطي هذه المخاوف، أو التقليل من شأنه.

 

الكاتب: د. جمال ماضي

المصدر: كتاب دليل الآباء والأُمّهات في تربية الأبناء

ارسال التعليق

Top