د. طارق عبد الرؤوف عامر/ مدير إدارة جودة التعليم الأزهري
◄إنّ نمو المجتمعات وتقدمها وإزدهارها يتوقف إلى حد كبير على الشباب باعتبارهم من أهم الموارد البشرية للمجتمع وأكثرها طاقة وفاعلية.
والموارد البشرية بالنسبة لأي مجتمع من المجتمعات هي الثروة الحقيقية وفيه الدرع الواقي، فهي الأداة للرقي في حالات السلم، وهي المعول البناء في حالات التنمية، وهي السلاح الواقي عند الشدائد، وهي كذلك معوال هدم في عصور التدهور والإنحلال مهما تعددت وتوافرت موارد المجتمع المختلفة لا يمكن استثمارها الاستثمار الأمثل إلا بأيدي البشر من أبناء المجتمع الذين بدون إيجابيتهم وحماسهم في هذا المجال، ومهما نضبت وجفت موارد المجتمع المادية وتعرض للنكسات والدمار أمكنه النهوض من كبوته وانطلاق محققاً المعجزات بفضل ثروته الحقيقية المتمثلة في البشر بشرط توافر مقومات البناء لدى هؤلاء والبشر بفضل إعدادهم المسبق في أوقات الرخاء تحسباً لاحتمالات وقوع البلاء.
ولما كان لعنصر الشباب كلّ هذه الهمية وتلك المكانة يكون من المفيد معرفة موقع الشباب وأهميته بالنسبة لمجموع البشر من أبناء المجتمع.
فالشباب ليس قطاعاً مستقلاً عن بقية قطاعات المجتمع ولكنه يكون قطاعاً أفقياً يدخل في تركيب مختلف القطاعات الرأسمالية ويمثل الشباب ثقلاً رئيسياً من ناحية الكم والكيف في قوى الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمات وفي القوات المسلحة، وبذلك يعتبر بمثابة القوة الطليعية للإنتاج والخدمات والدفاع عن المجتمع بفضل ما يتميّز به من خصائص بدنية وعقلية ونفسية واجتماعية مدعمة للإنتاج، هذا بالإضافة إلى أنّ قدراً كبيراً من مراحل التعليم يدخل في قطاع الشباب مما يضيف أهمية جديدة لهذا القطاع باعتبار أنّ الطلاب هم الطليعة المثقفة الواعية لقوى الشعب العاملة في المدى القريب وفي المدى البعيد.
ويعتبر الشباب تعبيراً واضحاً لإرادة التغير في المجتمع فهو يستطيع تبني الأفكار الجديدة أكثر من غيره وأن يتصدى لتحديات التغيير والتقدم وأن يسهم في عمل مسؤوليات النضال في المجتمع بما يتميز به من القدرة الفائقة على التعلم والابتكار وتكوين العلاقات وعدم الميل إلى تقبل الأمر الواقع والأوضاع القائمة بل السعي دائماً إلى مناقشتها وتعديلها وتغييرها وفقاً لآماله وتطلعاته، وذلك ضمن مميزات الشباب العديدة وخصائصه.
وبناءً على ما تقدم يعتبر الشباب القلب النابض في المجتمع أو هو التيار الدافئ الذي يسرد في أوصال المجتمع فيبعث فيه الحيوية والحرارة ويدفعه إلى الحركة السريعة في جميع الاتجاهات والمجتمع الفني بشبابه هو المجتمع القوي المزدهر بعكس المجتمع الفقير بشبابه فإنّ ما له إلى التفكك والإنهيار.
غير أنّ كلّ هذه الأهمية المؤكدة بالنسبة للشباب تمثل خطورة بالغة إذا لم يلق توجيهاً تربوياً يقوم على دعائم الفضيلة والتمسك بآداب الدين، فالتفكير في توجيه الشباب توجيهاً عملياً صالحاً، وإعداده لتحمل أعباء الحياة الفاضلة ليس بأقل قيمة من التفكير في أعظم المشروعات الاقتصادية والتي تنقذ الأُمّة من غائلة الفقر والبؤس لأنّ إعداد الشباب القوي الصالح هو مشروع الحياة المستقبلة للأُمّة التي تجد فيه الضمان لصيانة ما بنته.
وعلى الرغم من إسهام الموارد المادية والموارد البشرية معاً في إحداث التنمية المتكاملة وبناء الأُمّة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً إلا أنّ الموارد البشرية تحتل المرتبة الأولى في تقدم الأُمّة وبالتالي فإنّه بدون هذه الموارد البشرية لا يمكن كشف أو استغلال الموارد الطبيعية أحسن استغلال، بل إنّه يمكن القول بأنّه توجد هناك العديد من الدول الغنية بثرواتها الطبيعية إلا أنّها ظلت دولاً فقيرة بسبب ضعف الموارد البشرية.
فالثروة البشرية هي أداة لانطلاق الأُمم وبناء التنمية والتقدم، ومن ثمّ فقد أصبح مقدار ما تمتلكه الدولة من الثروة البشرية، والتي تتمثل في الكفاءات العلمية والمهنية والفنية والرياضية من العوامل التي تدخل في تقدير ثروة أي أُمّه من الأُمم ومما يعزز هذا القول أنّ هناك دولاً عديدة تمتلك الأموال الضخمة، ومن هذا تظل عاجزة عن النهوض بمجتمعاتها نهضة حقيقية لافتقارها لأهم عناصر التنمية، وهو العنصر البشري المؤهل عامياً وفنياً ورياضياً ومهنياً للقيام بدورها في خطط التنمية.
من هنا كان تخطيط الموارد البشرية أهم عناصر التخطيط الاقتصادي والاجتماعي والعلمي والفني والهدف القومي المهم كهذا التخطيط هو الاستخدام الأمثل لموارد الشباب البشرية بحيث تسهم بأكبر نصب في تنمية الدخل القومي وتحسين مستويات المعيشة.
وللشباب أهمية خاصة لما يتميز به من خصائص تجعل منهم عماد نهضة أي أُمّة ومعقد آمالها وبناء حضارتها، وهم بحقّ المرأة الصادقة لمدى تقدمها وآفاق مستقبلها حيث يكون قطاع الشباب في المجتمعات قطاعاً هاماً من هذه القوى والإمكانيات الإنسانية لما له من تفوق ذهني وذكاء عالٍ وناضج ومواهب خاصة وقدرة على الفهم والاستيعاب وعلى الخلق والإبداع وعلى التوجيه والإرشاد وهم بذلك يكونون أكثر قدرة على فتح آفاق جديدة منسقة للتغلب على المشكلات الراهنة التي تواجه مجتمعاتهم في الوقت الحاضر والمستقبل.
فنمو المجتمعات وتقدمها وإزدهارها يتوقف إلى حد كبير على الشباب باعتباره من أهم الموارد البشرية للمجتمع وأكثرها طاقة وفاعلية.
وتحتل مرحلة الشباب فترة بالغة الأهمية في حياة أي مجتمع من المجتمعات، وذلك لأنّ جيل اليوم هو الذي سيتولى قيادة الأجيال المقبلة، ومن ثمّ أولت معظم دول العالم اهتماماً كبيراً لرعاية الشباب بهدف توفير المناخ الصالح لنموهم كاملاً وإعدادهم إعداداً يعينهم على حسن التكيف مع المجتمع الذي يواجهونه والعمل على دوام تطويره إلى ما هو أفضل.
ومن مظاهر الاهتمام بالشباب قيام كافة الأُمم المتقدمة والنامية على السواء بوضع الخطط والبرامج وإنشاء المؤسسات والمنظمات الحكومية والأهلية، وكذلك المدارس والمعاهد والجامعات للارتقاء بالمستوى العلمي والثقافي للنشئ والشباب.
أي أنّ أهمية الشباب ودورهم التنموي فرض على المجتمع ضرورة تفرض النمو المتكامل والارتقاء بالمستوى الصحي والنشئ والشباب عن طريق النشاطات المختارة الرياضية والاجتماعية والدينية والفنية والثقافية مع التركيز على دعم وتأصيل القيم الروحية والدينية والسلوك والخلق الاجتماعي الديمقراطي وتنظيم استثمار أوقات الفراغ والطاقة الخلاقة لدى النشئ والشباب لما فيه خدمة المجتمع.
وبذلك يعتبر الشباب فئة مهمة ومميزة ومؤثرة في مجتمع إنساني فالإنسان بصفة عامة والشباب في أي مجتمع القوة الرئيسية للإنتاج.
ويتوقف على الشباب نمو المجتمع وتقدمه وإزدهاره باعتبارهم الثروة الحقيقية لأي مجتمع وهم الدرع الواقي للمجتمع في السلم والحرب فهم عامل بناء وهدم إذا تم رعايتهم بصورة إيجابية وهم على النقيض من ذلك إذا تركوا عرضة للضياع والانحراف.►
المصدر: كتاب الشباب واستثمار وقت الفراغ
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق