• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

أيها الشاب.. اكتشف مواهبك

يوسف ميخائيل أسعد

أيها الشاب.. اكتشف مواهبك

◄هناك مهمتان أساسيتان يجب على المرء القيام بهما: المهمة الأولى – هي اكتشاف مواهبه المطمورة في شخصيته. والمهمة الثانية، هي عملية توجيه تلك المواهب الوجهة الصحيحة.

الواقع أنّ اكتشاف المواهب من الصعوبة بمكان. ذلك أنّ المواهب الشخصية تكون في الغالب مختبئة حتى عن عيني صاحبها. فلا يكون أمام المرء إلّا أن يحس ببشائر تلك المواهب. فهي تكون كالسمكة المختبئة تحت سطح الماء، ولا يظهر من جسمها أي جزء. ولكن الصياد الماهر يعرف طريقها بما يظهر من آثار لحركاتها وهي تحرك الماء بذيلها.

فإذا كانت لديك مواهب لأن تكون طياراً ناجحاً، فإنّ الكشف عن تلك المواهب ليس سهلاً. صحيح إنّ المسألة قد تكون أبسط من ذلك إذا كانت الموهبة متعلقة بالموسيقى أو الرسم مثلاً. ولكن بالنسبة للأعمال المعقدة كالطيران، فإنّ الكشف عن الموهبة لا يكون سهلاً.

ويجب أن نميّز بين نوعين أساسيين من المواهب: النوع الأوّل – المواهب المتعلقة بالإبداع الفني. ومن هذه المواهب موهبة التلحين أو موهبة الغناء أو موهبة الرسم. أما النوع الثاني – فهو المواهب الوظيفية التي تتطلب الاستفادة من دراسة علوم مختلفة ومن مواقف عملية كثيرة. ومن هذا النوع موهبة الطيران وموهبة الجراحة في الطب وغيرهما من مواهب وظيفية.

وبالنسبة لمواهب الإبداع الفني فإنّ الشاب يستطيع أن يعتمد على ما يحس به من رغبة. فإذا أحسست بالرغبة في التلحين أو الرسم مثلاً، فاعلم أنّ لديك موهبة التلحين أو الرسم. ولكن إذا أحسست بالرغبة في أن تصير طياراً أو جراحاً، فهذا لا يضمن لك أن تصير طياراً ممتازاً أو جراحاً يشار إليه بالبنان.

وعلى أيّة حال فإنّ الرغبة ضرورية في إظهار الموهبة أياً كنت. فيجب أن تحس بشوق أو حنين إلى التعبير عما بداخلك من مواهب. ولكن يجب أن تعلم أنّ الطريق إلى استغلال مواهبك ليس مفروشاً بالورود. إنّه طريق طويل وصعب ويحتاج إلى الجهد والعرق.

وإذا أردت أن تتقن فناً من الفنون، فيجب أن تُروى شجرة الموهبة بالعلم والخبرة. وهناك فرق بين الجلوس على شاطىء الموهبة، وبين أن تغوص إلى أعماقها. ولكن إذا وجدت أنّك تبذل الجهود الكبيرة لخدمة موهبتك بغير أن تجني شيئاً، فعليك بالبحث عن موهبة أخرى في أعماقك.

وهناك فرق بين النجاح في الدراسة وبين النجاح في ممارسة المهنة المتعلقة بتلك الدراسة. لقد تكون لديك موهبة لدراسة علوم كلية الشرطة، ولكن ليس لديك موهبة الاشتغال كضابط شرطة. فموهبة الدراسة شيء، وموهبة توظيف ما تدرسه شيء آخر.

وهذا في الواقع جعل علماء النفس يضعون مقاييس للاستعدادات أو المواهب. وهناك بوجه عام مقاييس تقيس المواهب المتعلقة بدراسة فروع العلوم المختلفة، وهناك من جهة أخرى مقاييس تقيس المواهب المتعلقة بممارسة الوظائف المتباينة.

فإذا أردت أن تصير طياراً، فإنّ علماء النفس يقيسون مواهبك في ناحيتين الناحية الأولى – ما يتعلق بموهبتك في دراسة علوم وفنون الطيران. أما الناحية الثانية. فهي ما يتعلق بموهبتك في تطبيق تلك العلوم والفنون في أثناء الطيران.

والمهم في جميع الحالات أن تبدأ أنت باكتشاف مواهبك. فليس أحد يستطيع أن يخلق فيك مواهب ليست موجودة لديك.►

 

المصدر: كتاب شخصيتك بين يديك

ارسال التعليق

Top