• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الأعمال الصالحة التي تقرّبنا من الله

الأعمال الصالحة التي تقرّبنا من الله

◄إنّ ما يمضي قُدماً بالإنسان في مسيرة القرب إلى الله هو العمل الصالح، والعمل الصالح هو العمل الذي فيه مرضاة الله، وهو حرث الآخرة كما قال أمير المؤمنين (ع): «العمل الصالحُ‏ حَرثُ الآخرة».

ويُطلَق العمل الصالح في المصطلح القرآني على العمل الطيِّب والصالح في نفسه، الذي يقوم به الفرد بنيّة التقرّب إلى الله ونيل رضاه، فمثل هذا العمل هو الذي يرتقي بالإنسان، ويتسلّق به سُلَّم الكمال، ويسمّى هذا العمل في الثقافة الإسلامية والقرآنية «عبادة».

ولا تُطلَق العبادة على الصلاة والصيام والحجّ وما شابهها فقط، بل إنّ كلّ عمل صالح وحَسَنٍ في ذاته ويُفعل بنيّة نيل رضى الله، سيكون عبادة، كما ورد عن أبي عبدالله (ع) حيث قال: «من أشدّ ما فرض الله على خلقه ذِكرُ الله كثيراً، ثمّ قال: لا أعني سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر، وإن كان منه، ولكنّ ذكر الله عند ما أحلّ وحرّم، فإن كان طاعة عمل‏ بها، وإن كان معصية تركها».

وهذا المعنى هو المراد من العبادة في الآية الكريمة ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ (الذاريات/ 56). إنّ الهدف المرسوم للإنسان هو القُرب من الله، وما يرفع الإنسان إلى مقام القُرب هو أعماله الصالحة، ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ (فاطر/ 10).

إنّ الإيمان الكامل هو الذي يكون القلب معه لله وحده دون سواه، فتكون جميع تحرّكات هذا الإنسان إلهيّة، وعندها يصبح في أعلى درجات الاستعداد لاستقبال ألطاف الحقّ ومواهبه السنيّة.

أمّا الوسيلة الفُضلى لنيل هذه الدرجة من الإيمان وتعميقها وترسيخها في القلب، فهي العمل الصالح، ﴿وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى﴾ (طه/ 75). والسؤال هنا: ما هذه الأعمال المقرّبة إلى الله والهادية إليه؟

يمكن الإجابة على هذا السؤال من خلال معرفتنا أنّ أعمال الإنسان وأفعاله تُقسم إلى ثلاثة أقسام:

1- الأعمال التي محورها الإنسان نفسه:

هناك فئة من الأعمال التي نقوم بها ليس لها علاقة بالآخرين، بل مردودها ومحورها الإنسان نفسُه. ومثال ذلك: تناول الطعام، وشرب الماء، وأفعال من هذا القبيل، فهي أفعال لا يلتفت الإنسان في أدائها إلى ما سواه، ويضع نفسه فقط في الحسبان.

2- الأعمال التي محورها مخلوقات الله والآخرون:

هذا النوع الثاني من أفعالنا يمكن تصنيفه إلى عدّة أصناف، مثل: التعامل مع العائلة والأقارب، التعامل مع الأصدقاء، التعامل مع مختلف طبقات الناس داخل المجتمع، والتعامل مع الأعداء، بل وحتى التعامل مع الحيوانات ومع الأرض والطبيعة والبيئة وما شابه ذلك.

3- الأعمال التي محورها الله سبحانه وتعالى:

وهي تلك المجموعة من أعمالنا التي ترتبط بالله جلّ وعلا، ونحن لا نقوم بها من أجل أنفُسنا أو من أجل الآخرين بالذات، بل نضع الله في نظر الاعتبار. وأبرز مثال على هذه الأفعال أداء الصلاة التي نؤدِّيها تعظيماً لله وعبادة له.

ويمكن لأيّ فعل أو حركة تصدر عن الإنسان أن تكون محلّ تقرّب وسموّ، فيصدق على هذا الفعل مفهوم العبادة الحقّة، ويدخل في دائرة الأعمال المقرّبة من الله، والتي يكون محورها الله عزّوجلّ وحده، وتصدر من الإنسان ابتغاء مرضاته.►

ارسال التعليق

Top