يشكّل الإمام الحسن (عليه السلام) القدوة الصالحة والحيّة للمؤمنين المخلصين، فعندما نريد أن نتفهّم الإمام الحسن (عليه السلام)، فليس أفضل من أن نقرأ ما قاله عنه ابن أخيه الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) في ما رُوِي عنه. قال (عليه السلام): «كان أعبدَ الناس في زمانه ـ لم يكن هناك عابد في مستواه ـ وأزهدهم ـ على الرغم من وفرة الأموال لديه التي كان يعطي منها الفقراء والمساكين ـ وأفضلهم. وكان إذا حجّ حجّ ماشياً ـ مع أنّه كان لديه ما يركبه، تواضعاً لله ـ وربّما مشى حافياً، وكان إذا ذكر الموت بكى، وإذا ذكر القبر بكى، وإذا ذكر البعث والنشور بكى، وإذ ذكر الممرّ على الصراط بكى، وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره، شهق شهقةً يخشى عليه منها». ويتابع الإمام زين العابدين (عليه السلام) حديثه عن عمّه فيقول: «وكان إذا قام في صلاته، ترتعد فرائصه بين يدي ربّه عزّوجلّ، وكان إذا ذكر الجنّة والنار اضطرب اضطراب السَّليم، وسأل الله الجنّة وتعوّذ من النار، وكان لا يقرأ من كتاب الله عزّوجلّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ) إلّا قال: لبيك اللّهُمّ لبّيك ـ كأنّه يتصوّر أنّ الخطاب موجَّه إليه، وأنّ الله يناديه فيستجيب للنداء ـ ولم يرَ في شيء من أحواله إلّا ذاكراً لله سبحانه». ويُنقل عنه (عليه السلام)، أنّه والإمام الحسين (عليه السلام)، التقيا بشيخ كان يتوضّأ ولا يحسن الوضوء، فأرادا تعليمه، ولكنّهما كانا في قمّة الشباب وهو شيخ كبير، وعادةً، لا يقبل الكبير من الصغير أن يعلّمه، ولكنّ الإمامين (عليهما السلام) اختارا أسلوباً آخر، إذ تعمَّدا إظهار تنازع بينهما بشأن الوضوء، ثمّ قالا: «أيّها الشيخ، كُن حكماً بيننا، سيتوضّأ كلّ واحد منّا. فتوضّآ، ثمّ قالا: أيّنا أحسن؟ قال: كِلاكما تحسنان الوضوء، ولكنّ هذا الشيخ الجاهل ـ يعني نفسه ـ هو الذي لم يكن يحسن». وبهذا الأسلوب الإنساني الحكيم، أراد الإمامان أن يحفظا لهذا الرجل كرامته، فقد علّماه ما يجب عليه بكلّ محبّة، من دون أن يسيئا إلى كرامته، وهذا هو خُلق أهل البيت (عليهم السلام).
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق