تبقى قصة الحسين (ع) وقصة كربلاء وقصة عاشوراء التي انطلقت من أجل الرسالة، وتحركت من أجل أن نعيش كلّ الصراع في ساحة حرب الرسالة مع الكفر، وعملت على أساس أن تحشّد كلّ العناصر العاطفية والعقلانية والروحية والحركية في هذه الثلّة الطيبة من أهل بيت الحسين (ع) ومن أصحابه، وكان العنوان الكبير الذي يحكم هؤلاء هو (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا) (الأحزاب/ 23). فإنسان كربلاء هو إنسان عهد الله، فمن أراد أن يكون كربلائياً فليعرف كيف يصدق الله في عهده، بأن يكون المسلم الرسالي المجاهد والمنفتح على كلّ قضايا الإسلام والمسلمين.
إنّ الحسين (ع) هو صريع الدمعة الساكبة وصاحب المصيبة الراتبة ولكن الحسين (ع) هو إلى جانب ذلك إنسان الرسالة وإنسان الإنسانية كلّها، وإنسان الحقّ والثبات والجهاد. فعندما تستنزفون عيونكم بدموعكم تذكروا أنّ الحسين (ع) كان يبكي على الإنسان من حوله، وعلى مأساة الضلال في الذين جاءوا يحاربونه، وكان يبكي لأنّ الله سوف يعذب هؤلاء لأنّهم وقفوا ضده.
كان الحسين (ع) يبكي في قلبه دماً على الإنسان الذي يعيش تحت ضغط يزيد وأمثاله، كان يبكي على الإنسان كلّه، فليتسع الحسين (ع) في عقولنا ولا يبقى مجرد جراحات وإن كانت جراحاته تأكل كلّ الحزن في داخلنا، ولكن ليكن جرح الحسين جرح الإسلام وجرح الإنسان، ولتكن كربلاء إسلامية إنسانية حركية تؤتي أُكُلها كلّ حين بإذن ربها، ولتكن مثلاً (وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ) (إبراهيم/ 25)، مثل الحقّ ومثل الباطل، الحقّ الذي يتعمق في الأرض ليكون شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء، وليكون مثل الباطل الشجرة التي ليس لها أي عمق اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار.
في هذه الذكريات نلتقي بالدنيا والآخرة، بالإنسان في ذاتنا وفي أُمّتنا وبالحسين (ع) وبأهل بيته وأصحابه وبجده وأبيه وأُمّه وأخته والتسعة المعصومين من بنيه لنقول له: السلام عليك وعلى جدك وأبيك.. السلام عليك وعلى أُمّك وأخيك.. السلام عليك وعلى الأئمة من بنيك...
ونبقى في خط الحسين (ع).. خط الإسلام فكراً وحركة وحياة ويبقى النداء (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) (التوبة/ 105).
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق