• ٢٥ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الإنفلونزا.. مرض الصغار والكبار

د. زياد التميمي*

الإنفلونزا.. مرض الصغار والكبار

◄الإنفلونزا مرض فيروسي حاد يصيب المجاري التنفسية بسبب فيروس مكوَّن من ثلاثة أنواع، وتؤدي لظهور أعراض حادة مفاجئة من الصداع والآلام الجسمية والحرارة مع التعب والإجهاد.

 

-       التاريخ:

تفي المصادر العلمية أنّ الإنفلونزا لم تكن معروفة في أوروبا حتى نهاية القرن التاسع عشر عندما حصلت الهجمة الوبائية الأولى عام 1889م، ثمّ بدأت الهجمات تتوالى، على أن أشدها كانت تلك التي انتشرت في العالم كله وأدت إلى وفاة ما يقرب من أربعين مليوناً من البشر، وبعد ذلك عاودت الإنفلونزا غاراتها في أعوام 33، 47، 57، 68 ميلادية، وبالرغم من تناقص حدة الأوبئة وتقاصر انتشارها، إلا أنها لا زالت تشكل خطراً لا يُستهان به على الصغار والكبار، مع حدوث دوري للأوبئة المحلية كل سنة إلى عشر سنوات.

 

-       الأسباب الرئيسية للإنفلونزا:

كما ذكرنا فإن سبب الإنفلونزا هو فيروس بأنواع ثلاثة (A)، (B)، (C)، والإصابة بأحدها لا تضفي مناعة ضد الانواع الأخرى، فأما النوع الأول فإنّه الأخطر والمسؤول عن الأوبئة المتجددة سنوياً أو أكثر، وذلك لأنّه يملك قدرة شديدة على تغيير صفاته الممرضة، والتي يستطيع بها أن يضلل جهاز المناعة لفترة وجيزة، حيث تنتج الأجسام المضادة التي تقضي عليه إلا إذا توفرت ظروف أخرى مثل سوء صحة المريض عموماً لصغر سنه أو كبره أو وجود أمراض مزمنة في القلب والرئتين وغيرهما، وهذه الحالة قد تعطي الضوء الأخضر للجراثيم للتدخل السريع على شكل التهابات رئوية أو غيرها، أما إذا حالت الظروف العامة للمريض من مساعدة الفيروس فإنّ جهاز المناعة بفضل الله سرعان ما يحدد العدو ويتدخل لإنهاء الاعتداء.

وتعتمد خطورة الإنفلونزا على عاملين: الأوّل: نوع الفيروس، فالأخطر هو النوع الأوّل (A)، ثمّ الثاني (B)، ومدى انتشار الوباء، فكلما اتسع نطاق المرض كلما صارت العدوى أشد الوفيات أكثر، ولكن قوة المرض ليست دائماً بنفس الدرجة فإنها تتراوح بين الخطير المؤدي للوفاة والخفيف الذي يعطي مناعة كاملة بدون ظهور أعراض سريرية، وعامل الخطر الثاني هو أي أمراض مزمنة سابقة يعاني منها المريض.

 

-       أسلحة فيروس الإنفلونزا:

 هذا الكائن الحي الذي يتراوح حجمه بين 80 و120 نانومتر (حيث النانومتر يساوي جزءاً من ألف مليون جزء من المتر) يملك من الأسلحة ما حيّر العلماء الأفذاذ، فأما الفيروس الأوّل (A) فإنّه يملك سلاحين مشرعين كأنّهما سيفان يبطش بهما بالخلايا بكل عنف، ويرمز للسلاح الأوّل بالحرف (H)، فكأنه قنبلة الفيروس الهيدروجينية، وهذا السلاح قابل للتطوير والتغيير حسب الظروف، والسلاح الثاني يرمز له بالحرف (N) فكأنه قنبلة الفيروس النووية، وهو أكثر ثباتاً لكنه فتاك كالآخر، وللعلم فإنّ الإنفلونزا قد تصيب كائنات أخرى غير الناس، مثل الحصان والطيور: كالبط، والديك الرومي، ويقال أن اسم الإنفلونزا مشتق من "أنف العنزة" حيث تم عزل الفيروس أول مرة.

 

-       العدوى:

 تتم العدوى مثل باقي أمراض الجهاز التنفسي عن طريق الرذاذ المتاطير من الشخص المصاب في حالة السعال والعطس والتنفس، فإذا صادف نزول الفيروس على الأغشية المخاطية للشخص السليم ولو بأعداد قليلة فإنها تكفي لبدء المرض حيث تكون الخطوة التالية هي التكاثر بأعداد رهيبة في زمن قياسي، وينتشر الفيروس إلى أبعاد الجهاز التنفسي وتتهاوى أمامه الحصون الأمامية المكونة من الأغذية المخاطية، لكن بفضل من الله فإنّه لا يستطيع تجاوز ذلك إلى الخطوط الخلفية، حيث تقف خلايا المناعة على أهبة الاستعداد وتكون أنتجت أسلحة خاصة خلال ساعات من حصول الاعتداء، لكن في بعض الحالات المضاعفة قد يصل الفيروس إلى الرئتين وربما الجهاز العصبي المركزي مؤدياً لما يسمى بمرض راي.

الأعراض وفترة الحضانة: فترة حضانة المرض تتراوح بين ثمانية عشر ساعة وثلاثة أيام كحد أقصى.

ويبدأ المرض فجأة حتى أن بعض المرضى يستطيع أن يحدد ساعة بدء المرض، ويكون على شكل أعراض عامة أهمها صداع أمامي شديد في الجبهة وخلف العينين يزداد بحركة العيون، ويتبع ذلك آلام شديدة في الجسم، خاصة الأطراف السفلية، ومنطقة أسفل الظهر، ثمّ ترتفع الحرارة وتتبدل إلى شعور بالبرد، قشعريرة، وربما ارتجاف الأطراف والفك، ثمّ بعد ذلك تظهر أعراض الجهاز التنفسي مثل زيادة الإفرازات وسيلانها بغزارة مع سعال وعطس، وأحياناً ألم شديد في الصدر، وقد تظهر على المريض أيضاً أعراض الجهاز العصبي مثل الخوف والقلق والإنهاك.

 

-       المضاعفات والأخطار:

 أهمها الالتهاب الرئوي الذي قد يكون من نفس الفيروس أو من جراثيم انتهزت الفرصة وتسللت للرئتين، والتهاب المخ الذي يعرف باسم "مرض راي" وقد وجد أن استعمال الأسبرين مع الإنفلونزا تزيد من إمكانية الإصابة بمرض راي.

 

-       الوقاية ضد الإصابة:

يوجد تطعيم لأنواع الفيروس الثلاثة لكن هناك حدود لاستعماله، أوّلاً تطوير الفيروس لأسلحته الهجومية، وثانيها بعض المضاعفات للتطعيم نفسه، لكن هناك فئة من الناس يتطلب حالهم التطعيم على اعتبار اختيار أهون الشرين وهم مرضى القلب الروماتيزمي وغيره، ومرضى الجهاز التنفسي المزمنين، ومرضى السكر، ومرضى أديسون (وهو قصور الغدة الكظرية فوق الكلوية)، وكذا المرضى الذين تستدعي حالتهم استعمال مثبطات المناعة والأسبرين، وأما المرأة الحامل فإنّها تطعم إذا كانت واحدة من هذه المجموعات.

ويجب العمل على إبعاد الأصحاء عن مريض الإنفلونزا خاصة الفئات التي ذكرنا وكبار السن والأطفال.

وجه آخر من أوجه الوقاية هو الامتناع عن التدخين، ليس في حالة انتشار الإنفلونزا ولكن للأبد فإنّ الدخان يُعمي جهاز المناعة في المجاري التنفسية، فلا تعود تعرف كيف تتصرف، ولا ماذا تفعل وإذا بالمريض أعزل بلا سلاح، لذا فإن من عين الحكمة أن يمتنع المدخن عن تدخينه ورأفة بنفسه وبغيره فقد أفادت الإحصائيات في الولايات المتحدة الأمريكية أنّ الإنفلونزا تقضي على عشرة آلاف إلى أربعين ألفاً سنوياً جلهم من المدخنين.

 

-       العلاج:

 يقوم أساس العلاج على مكافحة الأعراض وذلك باستعمال الأدوية المهدئة للآلام ما عدا الإسبرين الذي يمنع استعماله تماماً وعلاج الرشح والزكام، وكذلك استعمال الفيتامينات خاصة فيتامين ج، كما يجب الخلود التام للراحة واستعمال المشروبات الدافئة، وعدم أكل الطعام عسير الهضم.

 

*أخصائي أطفال بمستشفى الرس/ السعودية

ارسال التعليق

Top