التأثير في الجانب النفسي:
بالنسبة إلى الكثير من الذين يعانون من مشاكل نفسية – ليس بالضرورة مرَضية – تعوقهم عن التعبير بالكلام والمواجهة اللفظية، وفّرت مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة مثالية وسهلة للتعبير عن آرائهم بحرية حيث وجدوا ضالّتهم بالكتابة لإيصال وجهات نظرهم بطلاقة، وليس بالضرورة أن تكون وجهات نظر منطقية أو مقبولة اجتماعيّاً، فهذه المواقع وفّرت إمكانية التنفيس عن المشاعر المكبوتة بصرف النظر عن ماهيتها، ولكن من جهة ثانية أدى اللجوء إلى هذه الوسائل – خصوصاً بإفراط – إلى الانعزالية والتوقّف عن المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والرياضية والتلاقي مع أفراد الأسرة، خاصة مع توافر هذه المواقع الآن في أجهزة الهواتف المحمولة، إلى درجة أنّه أصبحت هناك حالة من الإدمان، ويمكن القول إنّ مَن يتابع هذه المواقع لأكثر من 5 ساعات يوميّاً متواصلة فهو مدمن.
ومن الآثار السلبية لذلك أنّ التواصل الجسدي يقلّ كما يقلّ التعبير عن حركة الجسد والوجه وهنا يفقد الشخص قدرته لاحقاً على قراءة تعابير وجه الذين يتواصل معهم.
التأثير في القدرات الذهنية:
تتلامس مشكلة إدمان بعض الأبناء للتعامل مع شبكات التواصل الاجتماعي مع صلب اهتمامات العاملين في مجال التربية والتعليم. كيف لا وشغلهم الشاغل هو بناء النشء وصقل شخصيته وحمايته من كلّ ما يضره.
إنّ الأطفال باتوا مدمنين على استعمال الأجهزة الذكية واقتنائها في مختلف المراحل العمرية بصورة تفوق الخيال، وقد أصبحت هذه الأجهزة تسيطر عليهم بشكل خطير جدّاً أبعدهم عن استخدام قدراتهم الذهنية من حيث الذاكرة أو محاولة التفكير في أغلب الأمور التي تواجههم، كما أفقدهم قدراتهم البدنية.
ويجب على الآباء والأُمّهات الالتفات إلى تلك الظاهرة الخطيرة والعمل على إرجاع هوايات القراءة وتعلم اللغات المختلفة والخروج للتنزه في الأماكن العامّة والحدّ من التعرّض المفرط لوسائل التكنولوجيا الحديثة، مؤكدين أنّ للأجهزة التكنولوجية واستعمالاتها تأثيرات سلبية منها التأثير السلبي في الذاكرة وخمول وظائف الدماغ.
العزلة وقلّة التواصل مع الناس:
فضلاً عمّا تتطرّق إليه الدراسات الطبية عن تسببها في أمراض خطيرة كالسرطان والإجهاد العصبي ومرض باركنسون (مرض الرعاش).
وفي حال اكتشاف الآباء برامج غير أخلاقية على أجهزة أبنائهم اللوحية أو هواتفهم الذكية يجب استشارة المختصّين في كيفية العقاب أو التعامل معهم لأنّ لكلّ طفل شخصية مختلفة ولكلّ شخصية أسلوب تعامل معيّن قد يعلمه الوالدان، لكن إذا كان لا يعلمان كيف يتعاملان مع شخصية الابن فيجب التوجّه إلى المختصّين بعلم التربية.
تأثير في الصحّة:
إنّ عدداً من الدراسات اكّد أنّ للأجهزة تأثيراً في صحّة الأطفال كأمراض التشنُّج في عضلات العنق والسمنة والعزلة والكسل والخمول الجسدي والفكري فضلاً عن مشاكل في العين، كما أنّ معظم الألعاب المستخدمة من قبل الأطفال والمراهقين لها آثار سلبية جدّاً. أما الآثار السلوكية فتكمن في الميول إلى العنف والعدوان وتقمّصهم لشخصيات الألعاب التي في أغلبها شخصيات سيِّئة كسارق أو قاتل.
إنّ دخول هذا النوع من الأجهزة إلى الأُسرة تَسبَّب في ترسيخ مفاهيم الانطواء والعزلة بصورة مفرطة بحيث أصبح لكلّ فرد جهاز خاصّ به، ومن جهة أخرى فإنّ لهذه الأجهزة آثاراً سلبية على معدّل التركيز الذهني والتغيّرات السلوكية والجهاز البصري وزيادة الضغط العصبي.
نصائح وإرشادات للأهل:
لا يخفى أنّ دور الأهل في التخفيف من سلبيات التواصل الاجتماعي والحدّ من آثاره الخطرة دور بارز وأساسي، بل لعلّه اليوم أولى من أي دور آخر لأنّ التواصل الخاطئ غالباً ما يتمّ بين جدران المنزل.
وقد ألمحت بعض الدراسات إلى مجموعة من الإرشادات التي تقوم بدورٍ في تصحيح استخدام شبكات التواصل الاجتماعي عند الأطفال والناشئة والمراهقين والشباب:
- أهمية أن يقوم الوالدان بتنظيم وقت أبنائهم في استعمال هذه الأجهزة والتحكّم في نوعية البرامج أو الألعاب التي يتفاعلون معها وعدم ترك الحبل على الغارب لهم بهذا الشأن.
- التوعية وتنمية الوازع الديني تساعدان في بناء سور واقٍ للأبناء من مشكلات العصر من خلال تفعيل الأنشطة الدينية وللقاءات الهادفة والمطالعات الجاذبة وزيارات الأشخاص المؤثرين في هذا المضمار.
- الرقابة وتبيان المضارّ أفضل طرق حماية الأطفال من شبكات التواصل الاجتماعي: لابدّ من المراقبة الشديدة للمراهقين والأطفال مع ضرورة التوعية. كما يمكن للوالدين أن يستخدما الطريقة غير المباشرة مثل أن تقول الأُمّ لابنها: "هل يمكن أن تعلّمني بعض الأشياء في حسابي – أضفني لأتعلّم منك" وهذا التواصل عن طريق النت نوع من خلق جوّ الصداقة بين الوالدين والأبناء ممّا يزيد من حمايتهم.
- توجيه الأبناء وتقديم النصيحة وتقبّل الأبناء لها من خلال التقارب العاطفي في الأسرة الذي يساهم في تقبّل التوجيه والنصيحة، ثمّ تحذيرهم من جميع الأخطار المحيطة بهم وتبصيرهم بما تحويه المواقع من ممارسات منافية للدين والأخلاق.
- تقنين استخدام التكنولوجيا وصدّ الأطفال عن التركيز عليها بانشغالهم في متابعة القراءة والنوادي الرياضية والأماكن الترفيهية، مع ضرورة تنمية الهوايات، لأنّ أغلب الأطفال اليوم في غفلة عن مواهبهم، ويؤدي ذلك أيضاً إلى التأخّر لغويّاً، ولا يوجد تفاعل اجتماعي كما كان في السابق. كما يمكن تجمّع أصحاب السنّ الواحدة للتحدّث مع الزملاء للتناقش الحضاري في موضوع معيّن وقراءة كتب أو قصص مفيدة... إلخ.
- عدم استخدام هذه الشبكات من قبل الأهل أمام أبنائهم؛ لأنّ الأهل والحال هذه سيقضون على إمكانية أي إرشاد لأبنائهم، وحتى في ساعات الضرورة فمن المهمّ أن تتمّ عملية استخدام هذه الشبكات بعيداً عن أنظار الأبناء.►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق