• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الرياضة والصحة

الرياضة والصحة

من الحقائق التي لا تقبل الجدل، أنّ الجسم السليم، المعافى من كلّ الأمراض، القوي البنية، يتمتع بقدرات هائلة، تساعده على البقاء، والانتصار في معركة الحياة، والحياة كلّها معركة، ومن أهم مستلزمات هذه المعركة هو الجسم السليم.

والإسلام يوجه المسلم في كثير من توصياته وإرشاداته إلى ضرورة بناء الجسم بناء قوياً، فها هو ذا الرسول العظيم محمّد بن عبدالله (ص) يقول: "إنّ لبدنك عليك حقّاً" فالبدن بحاجة إلى رعاية وتوجيه وتربية، كي يُبنى بناءً محكماً، بحيث يكون قادراً على الانتصار في معركة الحياة المستمرة والطويلة، أما الجسم الهزيل، المريض، الواهن.. فإنّه سينهزم أمام أبسط الضربات في معركة الحياة!

ولبناء الجسم بناءً قوياً سليماً، لابدّ من توافر مجموعة من العناصر من أهمها:

الغذاء والرياضة.. وهذا ما سنسلّط عليه الأضواء في السطور القادمة.

 

الغذاء الصحي:

يعتبر الغذاء الصحي من أهم العناصر لبناء جسم سليم وجذاب وقوي، فكثير من الأمراض ناتجة من سوء التغذية أو من الإسراف فيه أما عندما يتوافر الغذاء الصحي المتكامل، فإنّ الجسم يكون قادراً على مواجهة كافة أنواع الميكروبات والفيروسات المسببة للأمراض، وذلك لأنّ الغذاء الصحي يقوي الدفاعات الداخلية للجسم ضد كلّ الأمراض المهاجمة.

إنّ سوء التغذية هو السبب الرئيسي للإصابة بكثير من الأمراض، وإليك بعض ما يقوله الأطباء في هذا المجال:

"إنّ أبسط تغيير في الحديد والكالسيوم والفلزات من الدم يؤدي إلى فقدان الاتزان العضوي والنفسي عند الإنسان".

"يلاحظ انتشار انحناء العظام عند أطفال الفقراء خصوصاً في المدن الكبيرة، ويظهر ذلك بتكلس عظام البدن وعدم انتظام ونزاكة الأسنان، وهذا المرض إنما هو نتيجة عدم كفاية الفيتامين D، وعدم التوازن بين الكالسيوم والفوسفور في البدن".

"إنّ خروج العينين من الحدقة مرض يمكن أن يؤدي إلى العمى، وسبب ذلك نقصان الفيتامين A في الطعام، والذي يوجد في الجزر والخضروات".

"أحياناً يكون فقر الدم مرتبطاً بالغذاء، إنّ عدم كفاية الحديد في الكريات الحمراء يؤدي إلى نقصان المادة الملونة التنفسية في الدم أي الهيموغلوبين".

"وربما كان بطء نمو الأطفال والمراهقين وانحراف مزاج البالغين ناشئاً من قلة الحوامض العضوية في البدن".

من الضروري إذن.. أن تحافظ على التغذية الصحية، وأن تكون على إطلاع جيِّد بما تحتاجه من غذاء، ولذا من المهم أن تطالع بعض الكتب التي تتناول الأغذية بالتفصيل، كي تكون لديك ثقافة جيدة في هذا الموضوع، والآن نقدم إليك – وباختصار – بعض المعلومات المهمة عن التغذية الصحية:

يقسم الغذاء إلى أربع مجموعات رئيسة هي:

1-  مجموعة الحليب ومشتقاته، كالألبان والزبدة والقشدة.

2-  مجموعة اللحوم، وتشمل اللحوم البيضاء والحمراء.

3-  مجموعة الخضروات، وتشمل الحمضيات والخضروات الصفراء والخضراء.

4-  مجموعة الحبوب، وتشمل الحبوب والبقول بأنواعها.

وفيما يلي نقدم لك أهم محتويات الغذاء الصحي وهي:

1- البروتينات: لقد أطلق على هذا الغذاء الحيوي اسم "طوب البناء في الجسم" نسبة إلى تركيبه، ومن فوائده العديدة تحسين ردّ الفعل العصبي، ومنح الطاقة، وبناء البشرة، والشعر، والأظافر، ومهاجمة الأمراض، وترميم الكسور، واستبدال الأنسجة التالفة، وقد اتفق الأخصائيون على أنّ حاجة الجسم إليها تساوي نسبة 12% من الكمية الكلية للغذاء اليومي وهي ضرورية ليقوم بوظائفه بكفاءة تامة.

ومن المصادر القيمة للبروتينات: السمك، والدواجن، والفستق، والزبدة، والأجبان، والبازلاء، والمكسرات، والحليب، والبيض، واللحوم الحمراء.

2- الدهون: وهو غذاء أساسي على عكس الاعتقاد السائد بأنّها مضرّة ويجب الابتعاد عنها، ولكن بكمية محدودة، لاحوائها على فيتامينات أ، د، هـ، ك، والتي تعتمد على الدهون في امتصاصها وتوزيعها في الجسم، أضف إلى هذا اشتمالها على الأحماض الدهنية التي يصعب على الجسم تصنيعها بنفسه. وللدهون دور أساسي في تكوين جدران الخلايا، وهي أعلى مصدر مركز للطاقة حيث تمد الجسم بضعف السعرات الحرارية التي تمدها البروتينات أو الكربوهيرات.

وتوجد الدهون في اللحوم الحمراء، والألبان، وزيت الذرة، والسمسم.

3- الكربوهيدرات: يعتبر الكربون أكثر المواد الغذائية توفيراً لمصادر الطاقة وحرارة الجسم، ولهذا فمن المفروض أن تكون السكريات بنسبة 58% من الغذاء المتوازن، وهناك نوعان: منها المثالي كالنشا والسكر الطبيعي والحبوب والأرز والبقول والفواكه والخضروات، وغير المثالي حيث تكون حاجة الجسم منه قليلة كالحلويات والمربى والدبس.

4- الماء: هو أهم أنواع الغذاء على الإطلاق، وتساوي كمية الماء في الجسم 64% من وزنه الكلي، فأنت تحتاج إلى الماء لهضم الطعام، وتنظيم درجة حرارة الجسم، والتخلّص من الفضلات، ومع أنّ الجسم يصنع بعض مائه، إلّا أنّك في حاجة إلى أربعة أكواب منه يومياً حتى يكتمل النصاب، وذلك على شكل مرطبات أو فواكه أو غيرها مع أنّ الماء الصافي يضاهيها عطاءً.

5- الفيتامينات: هل فكرت يوماً في عواقب نقص الفيتامينات من جسمك؟!.

فنقص فيتامين (ب2) مثلاً سيسبب احتقان العيون، وفيتامين (د) سيخفض من كمية الكالسيوم الممتص، والمسؤول عن قوة أسنانك وعظامك، أما نقص فيتامين (أ) فيؤدي إلى جفاف البشرة والعمى الليلي، وكما أنّ نقص الفيتامينات يؤدي إلى أمراض، كذلك زيادتها أيضاً، فارتفاع كمية فيتامين (أ) في الجسم تنتهي بأضرار محققة في الكبد والكلى، وارتفاع فيتامينات أ، و، هـ، قد تسبب أعراضاً مختلفة كارتفاع ضغط الدم وضعف في العضلات واضطراب في الكلية.

ومن المهم مراعاة النظافة في الغذاء، وتنظيم الوجبات زمنياً، والاعتدال في الأكل، واحتواء الغذاء على كلّ العناصر المكوّنة للغذاء الصحي، والامتناع عن الأطعمة التي لا توافق جسمك، واجتناب الأطعمة والأشربة المحرمة شرعاً.

 

الرياضة والصحة:

ينعكس أثر الرياضة على كثير من أوجه الحياة التي تشمل الأداء البدني والإنتاج الذهني والانفعالات النفسية وصحة الإنسان البدنية والنفسية، بالإضافة إلى الدور الكبير الذي تلعبه الرياضة في نواحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وإذا كان الإنسان في العصور القديمة يمارس التمرينات الرياضية ويعتبرها جزءاً من حياته اليومية، فإنّ الإنسان العصري في حاجة ملحة إلى ممارسة الألعاب الرياضية، حيث تسبب التقدم العلمي المذهل خلال المائة سنة الأخيرة في بزوغ العديد من المشكلات البيئية التي شكلت أعباء جسيمة على الإنسان، فقد تبين أنّ الإنجازات العلمية والتقنية التي حققتها البشرية خلال المائة سنة الماضية أكثر من تلك الإنجازات التي تحققت على مدى مليون سنة قبل ذلك.

وقد ساهم هذا التقدم في تقديم كلّ الوسائل التي تخدم الإنسان، ولكنها من جهة أخرى قللت من اعتماد الإنسان على نفسه، وأصبح يعتمد في كلّ شيء تقريباً على الأجهزة الآلية بما ساهم في نشوء أمراض خطيرة كأمراض القلب الناتجة عن قلة الحركة، ومن هنا، فإنّ الرياضة في عالم اليوم أكثر ضرورة وإلحاحاً من أي وقت مضى.

وللرياضة فوائد عديدة.. من أهمها:

1-  زيادة الرشاقة والتناسق.

2-  طاقة ونشاط أعلى.

3-  تحسن في عادات النوم.

4-  نظرة للنفس أكثر ثقة.

5-  تنشيط الدورة الدموية.

6-  التخلص من الجلطة الدموية.

7-  إطالة الشباب.

8-  فقدان الوزن الزائد.

9-  حرق أفضل للسعرات الحرارية.

10-                   مزاج نفسي أفضل.

11-                   ابتعاد عن القلق والغضب.

12-                   تقوية القلب.

13-                   تقوية عضلات الجسم.

14-                   قدرة جيدة في التفكير.

"ومن الرياضات الجيدة: المشي، والهرولة، والسباحة، وركوب الخيل، والرماية، والتمارين السويدية، كما أنّ من الرياضات الحديثة الجميلة: رياضة الكاراتيه حيث إنّها تجمع بين الفاعلية في الدفاع عن النفس، وبين الفن والتسلية.

ولكي تحصل على لياقة بدنية جيدة، ويعتاد جسمك على الرياضة دون انشداد أو تقلص في العضلات، عليك بمراعاة الآتي:

1-  التدرج في التمرين من الخفة إلى الشدة.

2-  العلمية في التمرين.

وكقاعدة.. لا تترك الرياضة، مهما كنت مشغولاً، واعلم أنّ الرياضة تفعل فيك شيئاً نافعاً أكثر من أن يوصف!".

إنّ الغذاء الصحي، والرياضة الممتعة، لهما من أهم العناصر في بناء الجسم السليم والقوي والجذاب.

وبتكامل الصحة بجميع أقسامها النفسية والعقلية والبدنية، لدى الإنسان تتكون الشخصية السليمة من الأمراض، القادرة على خوض معركة الحياة، بكلّ قوة وجدارة.. هذه الشخصية مؤهلة وبامتياز، لتحقيق الطموحات، ونيل الدرجات الرفيعة، والتقدم نحو الأمام على سكة السعادة والنجاح.

فلنحافظ على صحتنا، ولنتذكر الحكمة التي تقول:

(درهم وقاية، خير من قنطار علاج).

 

     الكاتب: عبدالله أحمد اليوسف

المصدر: كتاب الشخصية الناجحة

ارسال التعليق

Top