• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

اللحظات الأخيرة قبل سقوط نظام مبارك

منى مدكور وعالية قاسم وهيثم التابعي

اللحظات الأخيرة قبل سقوط نظام مبارك


من مقر رئاسة الجمهورية في مصر الجديدة، حيث كان الرئيس السابق حسني مبارك يتلقى التقارير بشأن الوضع المتفجر في الشارع، إلى كورنيش النيل حيث مقر الحزب الوطني الديمقراطي الذي كان حاكما، دارت الكثير من المشاورات والمناقشات، لكن أسوأ الاحتمالات التي كانت في أذهان رجال مبارك لم تصل إلى الحقيقة التي انتهى إليها الجميع؛ حيث يقبع غالبية رجال الحكم السابق في السجن.
وفي الطريق من قصر الرئاسة إلى مبنى الحزب الحاكم سابقا، تقع مقار المؤسسات التي اعتمد عليها مبارك في حكمه، ومنها مباني البرلمان والحكومة والأمن والتلفزيون، وفي دهاليز هذه المباني كان مصير مصر يتقرر لحظة بلحظة خلال 18 يوما من انفجار الاحتجاجات بدءا من يوم 25 يناير (كانون الثاني) 2011 إلى يوم 11 فبراير (شباط) من العام نفسه.
* مناورات قبيل التنحي عالم الاجتماع المصري الدكتور سعد الدين إبراهيم كشف عن سرّ ينشر لأول مرة، قائلا «لقد كان من المفترض أن يعلن مبارك قرار تنحيه عن الحكم في خطابه الثالث الذي ألقاه بتاريخ 10 فبراير، بعد حالة توافق مشتركة بينه وبين الإدارة الأميركية، بأنه لا مفر من هذا القرار، ولكن في آخر لحظة تم تعديل الخطاب، ولم يعلن مبارك تنحيه ليخرج بالشكل الذي أثار مزيدا من الغضب لدى الشارع المصري والإدارة الأميركية في ذات الوقت، حيث اختلطت لديهم مشاعر الاستياء والدهشة في آن واحد من عدم تنفيذ مبارك لما وافق عليه».
وكان الدكتور إبراهيم موجودا في البيت الأبيض بأميركا خلال فترة ما قبل تنحي مبارك. ويتابع الدكتور إبراهيم في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «من خلال قراءتي للأحداث، فإن الجيش كان يهمه أمران أساسيان في هذا التوقيت، أولا: أن تكون المظاهرات سلاح ضغط على مبارك لإلغاء كل مخططات التوريث، ثانيا: عدم إعطائه الفرصة بأن يصدر أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين وإلا تحول ميدان التحرير إلى مذبحة كبيرة، وقد كان هذان الأمران واضحين لنا في غرفة العمليات بواشنطن». وأضاف أنه تم نقل هذه القراءات صراحة إلى كل من مبارك وهيئة الأركان المصرية، حيث أبلغت الإدارة الأميركية مبارك وقتها بأنه إذا كان يريد إنقاذ حياته وحياة أسرته فعليه أن يستجيب لمطالب المتظاهرين (بالتنحي).
* دموع السيدة الأولى الدكتور إبراهيم يضيف بقوله: «لكن مبارك لم يفعلها ولم يتنحّ، ليفقد تعاطف الإدارة الأميركية معه من الخطاب الثاني، وليس الخطاب الثالث كما يشير البعض، حيث وصفوه وقتها بأنه رجل مناور يتفق على أشياء معينة ثم لا ينفذها، وهو ما جعل الرئيس الأميركي أوباما يطالب مبارك صراحة بمقولته الشهيرة (الآن.. عليك التنحي الآن، وليس بعد يوم أو يومين)، لأن الوضع كان يتفاقم بسرعة كبيرة».
ويفجر الدكتور سعد الدين إبراهيم مفاجأة أخرى عن السيدة الأولى السابقة، سوزان مبارك قائلا «لقد بكت سوزان مبارك كثيرا، وتوسلت لدى الإدارة الأميركية أن ينقذوها هي وزوجها، وقامت بمحاولات مستميتة من خلال علاقاتها المتشعبة مع الإدارة الأميركية لإنقاذ زوجها، لكن لم تفلح هذه المحاولات، لأن هذه الدول في النهاية مصالحها هي التي تحدد مواقفها وليست عواطفها».
* الخطاب الثاني عقّد المشكلة ووفقا لرواية سعد الدين إبراهيم، فإن سجالات قوية دارت داخل أروقة البيت الأبيض في تلك الفترة، قائلا «استدعيت إلى البيت الأبيض في تلك الفترة واجتمعت مع كل من سامنتا باور مستشار الرئيس الأميركي حول التحول الديمقراطي، ومايكل ماكفول مستشار الرئيس لشؤون روسيا والكتلة الشرقية، للتشاور حول الوضع، لأني مصري وصديق مقرب من أيام زمالتي لهما في جامعة هارفارد، فضلا عن أنني تعاونت معهما في تعديل خطاب الرئيس أوباما الذي ألقاه بمصر في يونيو (حزيران) 2009، ومن هناك بدأت أرى الصورة بوضوح».
ويضيف الدكتور إبراهيم قائلا «إنه منذ البداية كان يوم (جمعة الغضب) 28 يناير 2011 تاريخا فاصلا في موقف الإدارة الأميركية من مبارك ونظامه، حيث ترد تقارير متتابعة للرئيس أوباما أولا بأول حيال تطورات الوضع في الميدان في غرفة العمليات بالبيت الأبيض، خاصة مع انقسام الإدارة الأميركية حيال الرئيس مبارك في الأيام الأولى للثورة».
إلا أنه أضاف أن «الوضع كان ما زال متذبذبا، حيث انقسمت الإدارة الأميركية داخل البيت الأبيض إلى مجموعتين؛ مجموعة متعاطفة مع مبارك على رأسها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، وتدافع عنه باعتباره حليفا استراتيجيا، وكما قالت عنه (إنه وفيّ لنا)، وتعتبر أن تخلي الإدارة الأميركية عنه سيقلق باقي حلفاء أميركا في المنطقة وسيؤثر على مصالحها ككل.. وهناك مجموعة أخرى، وقد كنت أمثلها مع مجموعة من المستشارين السياسيين تعتمد على مقولة مفادها أنه: طالما قدمتم تأييدكم لمبارك لمدة ثلاثين عاما فلقد جاء الوقت الآن للوقوف مع الشعب المصري لعام واحد، لشهر واحد، أو حتى لأسبوع واحد، فمبارك هو الماضي، بينما الشباب في الميدان هم المستقبل، إنهم شباب مثل الشباب الذين ساهموا كذلك في إنجاح أوباما وتوليه الرئاسة الأميركية أيضا، فكيف نتخلى عنهم بعد ما قاسوه من عنف وتردّ في أسلوب مبارك ونظامه في التعامل معهم».
ويضيف الدكتور إبراهيم أن يوم 2 فبراير المعروف إعلاميا بـ«موقعة الجمل»، جاء حيث استكملت دائرة الرفض تماما داخل الإدارة الأميركية، وفقد مبارك أي تأييد له، وتحديدا مع اقتناع كلينتون وجون بايدن نائب الرئيس الأميركي، اللذين كانا معارضين، بالتخلي عن مبارك.
* صراخ بين الجدران ويقول ضابط في قوات الحرس الجمهوري، كان مكلفا بحماية قصر رئاسة الجمهورية أثناء ثورة 25 يناير، إن أسرة الرئيس مبارك كانت تعيش أجواء من الذعر والرعب والقلق أثناء الثورة، لافتا إلى أن قرينة الرئيس دخلت في نوبات عصبية شديدة أكثر من مرة ومشادات حادة مع الكثير من قيادات الدولة أثناء زياراتهم للتشاور مع الرئيس السابق.
ويضيف الضابط، أن قيادات عسكرية وقادة أجهزة أمنية ومعلوماتية كانوا الأكثر ترددا على قصر الرئاسة في مرحلة ما بعد الانفلات الأمني يوم 28 يناير، كاشفا عن أن سوزان مبارك توسلت مرات عدة لمسؤولين كبار لإنهاء «مهزلة التحرير» و«سحق المتظاهرين». وأفصح الضابط عن أن سوزان مبارك رددت أكثر من مرة بعصبية وتوتر بالغ «لن نهرب مثل أسرة بن علي». ويكشف الضابط عن أن أسرة مبارك طلبت أكثر من مرة أثناء الثورة تشديد الحراسة على قصر الرئاسة، وزيادة عدد القوات الموجودة لتأمين القصر الرئاسي.
* اجتماع نظيف «اللاحق» كان يبدو على القيادات السياسية العاملة تحت إمرة الرئيس السابق غير واثقة مما ينبغي عمله، ولم يكن هناك من يريد، على ما يبدو، أن يأخذ على عاتقه زمام المبادرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.. ويكشف فاروق حسني، الذي كان يشغل موقع وزير الثقافة أيام مبارك، عن أنه في آخر اجتماع وزراي لحكومة رئيس الوزراء الأسبق الدكتور أحمد نظيف نبه رئيس الوزراء إلى خطورة الوضع في الشارع، لكن نظيف لم يلتفت إلى ذلك.
وقال حسني لـ«الشرق الأوسط»: «وأنا ذاهب إلى مقر رئاسة الوزراء أدركت أن هناك حدثا جللا يوم 25 يناير، وكان هناك في نفس اليوم اجتماع وزاري برئاسة الدكتور نظيف، وتكلمت في الاجتماع قائلا لم أكن متخيلا أن يكون هذا جدول الأعمال الذي يجب أن نناقشه، فاليوم يجب أن يناقش الاجتماع ما يحدث في الشارع، خاصة أن رئيس الوزراء بدأ مناقشة جدول أعمال الاجتماع بشكل روتيني، فقلت له إن الدولة اليوم غير الدولة، والشارع غير الشارع، ويجب أن ننظر لهذا الأمر ببالغ الأهمية في هذا الاجتماع».
ويضيف فاروق حسني: «وقد آزرني في هذا الأمر الدكتور عثمان محمد عثمان، وزير التنمية الاقتصادية الأسبق، لكن نظيف فضل أن يؤجل هذا الأمر لاجتماع ينعقد في وقت لاحق».
* مشوار مبارك بعد «جمعة الغضب» وعن ذكرياته مع الأيام الأولى للثورة، أشار فاروق حسني قائلا «أعتقد أنه من القرارات الخاطئة التي اتخذها مبارك مع أيام الثورة الأولى، هو عدم تفهمه لدلالة نزول المظاهرات يوم 25 يناير، فهذا يوم عيد الشرطة.. يعني المظاهرات ضد وزير الداخلية. إذن كان لا بد بدلا من أن يطلب من الحكومة كلها أن تستقيل كان لا بد أن يقيل وزير الداخلية حبيب العادلي أولا وليس العكس».
ويضيف حسني: «لذلك أعتقد أنه كان ممكنا أن يقال العادلي نهاية شهر يناير وتقال الحكومة مع بداية فبراير. لقد كان وقتها لا بد من قرار سياسي يتخذ للدلالة على تفاعل مبارك وتجاوبه مع المتظاهرين، لكن أن تقال الحكومة ولا يقال العادلي فهذا أمر به الكثير من علامات الاستفهام».
ويكشف فاروق حسني عن أن مبارك اتصل به هاتفيا في اليوم التالي لـ«جمعة الغضب» التي وقعت أحداثها الدامية يوم 28 يناير 2011 ليحدثه حول افتتاح معرض الكتاب كعادته السنوية. وقال فاروق حسني: «اتصل بي مبارك صباح يوم 29 يناير وقد كنت قد أبلغت باستقالة الحكومة في نفس اليوم، فوجدته يستفسر عن إمكانية افتتاح معرض الكتاب السنوي والمقرر له نفس اليوم من كل عام!».
ويضيف الدكتور حسني أنه قال لمبارك: «كان مفترضا أن يفتتح اليوم بعد ساعة أو ساعتين، لكن ألغي الافتتاح بسبب الأوضاع في البلد»، فرد مبارك قائلا «إذن افتتحه غدا.. أي يوم 30 يناير 2011»، فقلت له: «لكني غدا لن أكون وزيرا للثقافة، بالإضافة إلى أن كل الناشرين عادوا إلى بلادهم نظرا للوضع الأمني.. فقال لي: طيب».
* محاولات لكبت «ماسبيرو» ويعرف مبنى التلفزيون بالقاهرة باسم «ماسبيرو» نسبة إلى المنطقة الموجود فيها على كورنيش النيل. ويتذكر عمرو الشناوي، مدير عام المذيعين في «الأخبار» بالتلفزيون المصري «أن الأمور مرت بعدة مراحل.. ففي خلال الفترة من 25 يناير كانت هناك عمليات كر وفر، ولم تأخذ الأحداث حجمها الطبيعي في التغطية، ولم تتح الحرية للمراسلين المكلفين بالتغطية الميدانية لنقل الواقع، حيث كانت تعليمات كبار المسؤولين في وزارة الإعلام والتلفزيون بتجاهل ما يحدث في الشارع، ثم بدأنا نتعامل مع الأحداث على أنها مظاهرات واحتجاجات قوية».
ويضيف الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «لم تكن لدينا المساحة لعرض الحقائق.. حتى عندما كان يدخل ضيف (في اتصال هاتفي) على الهواء (بالتلفزيون) كان الاتصال يقطع عندما يطيل الضيف في الحديث.. استمر الوضع بهذا الشكل وعلى هذا الحال لعدة أيام، حتى قمنا في نهاية المطاف بتجاهل التعليمات بشكل صريح».
* محاولات أخيرة للبقاء كان سيد الغضبان القيادي بالجمعية الوطنية للتغيير من بين الكثير من السياسيين الذين التقوا في أيام الثورة غير واضحة المعالم مع اللواء عمر سليمان، نائب رئيس الجمهورية آنذاك، ويقول إن سليمان عرض عليهم بيانا معدا مسبقا وغير قابل للتفاوض وطلب منهم توقيعه، ويضيف الغضبان «تضمن البيان بقاء مبارك في السلطة مع وجود إجراءات سياسية مؤقتة لحين انتخاب رئيس جمهورية جديد بعد انتهاء فترة مبارك في سبتمبر (أيلول) 2011»، ثم يوضح: «كما تضمن البيان الذي رفضنا بالإجماع التوقيع عليه اعترافا باندساس عناصر أجنبية عملت على زعزعة الأمن القومي واستقرار البلاد وأنها كانت وراء كل ما حدث في الشارع»، لكننا رفضنا ذلك.
* المدافع تحاصر القصر كان محيط القصر الرئاسي بالعاصمة المصرية يوم الخميس 27 يناير الماضي، أي بعد يومين من اندلاع الاحتجاجات المليونية في طول البلاد وعرضها، يخيم عليه حالة من الهدوء التي تسبق العاصفة، وإن كانت البلاد كلها في حالة تأهب وترقب لما ستسفر عنه أحداث اليوم التالي فيما عرف باسم «جمعة الغضب»، التي باندلاعها تغير مسار الحياة السياسية في مصر.
وشهد قصر العروبة منذ اللحظات الأولى لاشتعال الأحداث عدة مشاهد لا يمكن أن تمحى من ذاكرة الثورة المصرية في أيامها الـ18. ففي صباح يوم 28 يناير في الوقت الذي انطلقت فيه المسيرات المليونية المناهضة لنظام مبارك إلى ميدان التحرير في وسط العاصمة بعد صلاة الجمعة، شهدت منطقة شرق القاهرة في ضاحية مصر الجديدة مظاهرات قليلة نسبيا إذا ما قورنت بالأعداد الغفيرة التي توجهت لميدان التحرير وإن كان هدفها هو عرين الأسد؛ مقر مبارك.
ففي شارع الأهرام بمنطقة الكوربة المواجه لأحد جوانب سور القصر الرئاسي والمؤدي إلى قصر العروبة، محل إقامة الرئيس السابق، تجمع قرابة الألفي متظاهر أو أكثر يهتفون ضد مبارك ونظامه واصطف أمامهم بعرض الشارع المواجه لنادي هليوبوليس الرياضي - القريب من منزل مبارك - جنود من الأمن المركزي لمنعهم من التقدم.
كانت وتيرة تأجج الأحداث في ميدان التحرير سريعة جدا، وبالتالي كانت وتيرة تكثيف التعزيزات الأمنية حول محيط القصر الرئاسي.. ففي كل ساعة تزداد أعداد جنود الأمن الذين كونوا دروعا بشرية أغلقت الشوارع المؤدية لقصر الرئاسة، وفي غضون ساعات، وبعد نزول الجيش المصري عصر «جمعة الغضب» إلى الشارع لحفظ الأمن والمنشآت الحيوية بالدولة، تحولت المنطقة إلى مربع شائك، وأغلقت كل الطرق إليه بالأسلاك الشائكة وقامت على حراسته من كل الجوانب دبابات ومدرعات كان عددها أكثر من الأعداد التي حفظت الأمن في ضاحية مصر الجديدة بأكملها.
وبعد خطاب مبارك الأخير في 10 فبراير الماضي الذي أعلن فيه نقل السلطة إلى نائبه عمر سليمان دعا الكثير من المتظاهرين إلى مسيرة من ميدان التحرير وحتى مقر الرئاسة لرفض ما جاء في هذا الخطاب.
وعقب صلاة الجمعة في 11 فبراير الماضي التي كانت تسمى «جمعة الحسم» تدفق الآلاف من المصريين وتجمعوا حول «المربع الشائك» لقصر الرئاسة مطالبين برحيل مبارك، وحاصروا المكان من كل جوانبه من ميدان الكوربة وشارع السيد الميرغني وشارع الخليفة المأمون المؤدي إلى ميدان روكسي.
ووفقا للمعلومات التي سربها بعض المقربين من قصر الرئاسة في أيامه الأخيرة، كان مبارك أكثر أعضاء البيت الرئاسي ثقة في أن ما يحدث في الشارع مجرد مظاهرات ستتمكن قوات الأمن من تفريقها.
* انسداد قنوات اتخاذ القرار وفي هذه الأثناء أصيب رجال مبارك في مقر الحزب الحاكم وفي مقر الحكومة بارتباك بسبب انسداد قنوات الاتصالات واتخاذ القرار بين المستويات القيادية والبيت الرئاسي، لكن بعد مرور عدة أيام مع تزايد المظاهرات المليونية، وحدتها، كان الكل قد قفز من السفينة حيث ساد اعتقاد بأن مبارك قرر الخروج خارج البلاد. ويروي أحمد قنديل، أحد المتظاهرين أمام قصر الرئاسة في ذلك اليوم: «للوهلة الأولى لم أعرف لحظتها ماذا يحدث. ففي نحو الساعة السادسة فوجئنا بأن الدبابات التي كانت تحيط بالقصر وكانت موجهة صوبنا، أو بالأحرى كانت مصوبة لحماية القصر، قد أدارت فوهات المدافع نحو مبنى القصر، وخلال ثوانٍ شاع نبأ خطاب تنحي مبارك الذي أذاعه عمر سليمان واهتز المكان من صياحنا بالفرحة وعدم التصديق».
وفي ذلك الوقت، قبل إذاعة بيان التنحي على التلفزيون المصري بدقائق قليلة، وجهت قوات الجيش التي كانت تقوم بحماية قصر الرئاسة بتغيير وجهة فوهات مدافع الدبابات والمدرعات نحو القصر الجمهوري وقوات الحرس الجمهوري، تحسبا لوقوع أي اشتباكات بينها وبين قوات الجيش، وفي هذه اللحظة عمت فرحة عارمة بين جموع المصريين في أنحاء الجمهورية.
وقام المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي كان وقتها وزيرا للدفاع بجولة في سيارته أمام قصر العروبة وتبادل التحية مع الجمهور الذي كان يحتفل برحيل مبارك.

ارسال التعليق

Top