◄المدير المتروِّي، المفكِّر.. الهادئ، ولكننا نؤكد هنا أيضاً إنّ المدير العقلاني الباحث عن المشورة الصحيحة والنصيحة.. هو الذي يجابه المشاكل قبل استفحالها.. بعقلية فاحصة حكيمة.. يُشخِّص الأسباب ويحلّها.. ثمّ يحوِّل نتائجها إلى خطوات عملية تؤدي إلى حل هذه المشكلة أو المشاكل.. وقد قيل "مَن شاوَرَ الناس.. شاركهم في عُقولهم".
ولكن هناك فئة من الناس تتردد في الاستشارة.. وتتحرّج من النصح والإرشاد.. ومنهم فئة تظن أنّ قبول النصيحة ضعف واستسلام.. أو اعتراف بالوهن وقلة الإدراك.. وهم في موقفهم السلبي المتزمت هذا أشبه بمن يقول: (إنّ أكثر الناس الذين يعطون النصائح هم أكثر مَن يحتاجها!).
ولهذا تراهم يعطون أُذناً صمّاء للنصائح الجيدة ويتجهون في عنادهم نحو الخطأ خوفاً من الضعف أو الخضوع للسيطرة..!
إنّ المدير العقلاني الناجح، لا تضرُّه الاستشارة الضرورية المفيدة عند مواجهته لمشكلة أو أزمة لم يمر بها مسبقاً.. بل على العكس، تدل على ثقته بنفسه وإيمانه بمبدأ الوصول إلى الحلول وأصوِّبها في سعيه للاستشارة والبحث عن ذوي الخبرة الذين سبقوه عمراً وتجربة.. وهل يوجد منها مَن هو في درجة الكمال؟! حاشا لعاقل أن يقول ذلك فإنّ (الكمال لله وحده). ولكن لابدّ أن يكون استقبال المدير للنصيحة والبحث عنها بحرص وتدقيق تأمين لا بشكل عشوائي أو اندفاع يفتقر إلى التَبَصُّر أو بطريقة أولئك الذين يتظاهرون بالبحث عن النصح وهم ينشِدونَ الاستحسان أو التأييد لآرائهم الفردية المتزمتة.
إنّ المدير لابدّ له أن يكون مقنعاً بجدوى النصيحة. حتى يؤمن قبولها نفسياً في قرارة نفسه.. ومن ثم يعمل بها عند تأكده من مصدرها وجدواها.. إذ أنّ اعطاء النصيحة أو الحصول عليها أسهل من تلقين السلوك الذي يقود إلى استعمالها.
وهناك من يقول: لا أحد يعطيك النصائح الصائبة مثل نفسك!
نعم، إلى حدّ ما يصحّ هذا القول إذا كنت أنت الوحيد الذي يلمُّ بأطراف المشكلة وأسبابها.. وإذا كنت حائزاً على التجربة والمعلومات والخبرات الكاملة التي تكفي وتفي بذلك.. وخصوصاً إذا كانت مشكلتك من النوع الخاص الذي لا يسمح لك بإطلاع الآخرين عليه..
عندما نذهب إلى عيادة الطبيب.. لابدّ أن يكون هناك شيء نشكو منه.. ما نوع الشكوى؟ أين؟ ومتى؟
ثم يتلو ذلك الاستعراض والوصف لنوع الألم.. أو الخلل.. عندها يبدأ الطبيب بالفحص.. وقراءة النتائج.. ثم يكون التشخيص.. وإعطاء الوصفة.. التي نلتزم بها.. ويكون العلاج..
وهذا ينطبق إلى حد بعيد على المشكلة التي نعاني منها..
المدير العقلاني أو الناجح كما أطلقنا عليه.. يُحدِّد موقع المشكلة قبل بدأ الاستشارة.. أو طلب النصح..
1- ما هي المشكلة؟ وأين موقعها؟
2- حجم المشكلة..
3- عمرها الزمني (متى بدأت؟).
4- أطراف المشكلة.
5- إمكانية العلاج (الوسائل المتاحة: مادية – تنظيمية – سيكولوجية)..
ثمّ يستخلص نتائج التساؤلات (أجوبتها) وصولاً إلى السؤال المهم التالي:
· هل يمكن حل المشكلة بدون اللجوء إلى النصيحة أو الاستشارة التي تتعدى شخص المدير؟.. وإذا كانت الإجابة: نعم فليكن ذلك.. أما إذا كانت الإجابة: لا.. يأتي دور السؤال التالي:
- هل يمكن باستشارة داخلية؟ (أي داخل المؤسسة) يمكن عندها الاستعانة بمنتسبي المؤسسة.. وبعكسه يصبح من المحتّم طلب النصيحة والاستشارة من ذوي الخبرة والمعرفة..
هذا الاستعراض السريع القصد منه تقليص حجم أو هامش طلب النصائح.. فما دمت ممتلكاً لخبراتك ومؤهلاتك، فإنّ النصيحة التي تدركها بنفسك أفضل بكثير من تلك التي تطلبها.. إذ أنّنا عندما ننشد النصيحة فإنّنا نبحث عن العون.. كما إنّ النصيحة لا تصلنا كاملة من جهة لا تعرف نوع مشكلتنا.
ولابدّ لنا أن نضع النقاط التالية عندما نفكر بطلب النصيحة:
- لا تأخذ المشورة من رجل يعاني المصاعب.
- كثير من الناس الذين يُقدِّمون النصائح هم بحاجة لها.
- رغم أنّ لكلِّ قاعدة استثناء، ولكن لا تأخذ نصيحة من منافس أو حسود.
- لا تسأل نصيحة من طرف لا يعرف مشكلتك جيداً.
- حافظ على أسرار عملك وأنت تعرض مشكلتك طلباً للاستشارة.
- لا تكرر طلب النصيحة من رئيس لك.
- تذكر دائماً المشكلة القديمة (المشابهة) وطريقة حلها.. حتى لا تضطر لطلب النصيحة من جديد.
- لتكن كلّ مشكلة تمر بك.. خبرة مضافة لتَجنُّب مشكلة أخرى قبل وقوعها التزاماً بمبدأ: (الوقاية خير من العلاج)، داخل النفس.►
المصدر: كتاب المدير الناجح والتخطيط الإداري الفعّال
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق