◄قد يتساءل إنسانٌ: ماذا تعنون بالمشروع؟
هل مشروعُ الإنسانِ لابدّ أن يكون فردياً؛ هو الذي يقيمه ويتولّاه بالسقيا والمتابعة، وهو صاحبه في كل لحظاته؟ أو يمكنُ أن يكونَ مشروع الإنسان مشروعاً جماعيّاً، بمعنى أن يكون مشاركاً في مشروع يقيمه مجموعة من الأفراد، كأن يكون شريكاً في مشروع جمعيات أو مؤسساتٍ تربوية أو اجتماعية أو دعويّة؟
وبياناً لهذا يقالُ: قد يكونُ مشروع الإنسان مشروعاً فردياً؛ هو الذي يضع أهدافه، ويقوم على رعايته، ويتولّاه في كلّ لحظاته حتى يقوم ويثمر ويقوَى عودُهُ، ويكتمل بناؤه، وحينئذٍ يكونُ الإنسانُ قد أقامَ مشروعاً كبيراً، وقدَّم لأُمّته ما تتمنّاه منه من خلال تلك الجهود المتكاملة التي كوَّنت لبنةَ المشروع في البداية، ورعَتْهُ حتى أثمرَ ووصل إلى النهاية.
وقد يكون مشروع الإنسان مشروعاً جماعيّاً؛ كالعمل في مؤسسةٍ يديرها أفرادٌ، لكن ثمة شرطاً يعطي عملك دليلاً على عمقِهِ، ويكونُ له به صفةُ صاحب المشروع؛ وهو أن يكون هذا العملُ الذي تديرُه في مؤسسةٍ تشعرُ بأهميته، وقوته وأثره في رسالة المؤسسة، وتجد أنّ العمل الذي تنتظمُ به في المشروع العامِّ يستهويك أوّلاً، فتجد له مساحةً في القلب، وتجدُ لذّة له في العمل، وتجده كذلك يستفرغُ طاقاتك كلها أو جُلَّها، وتشعر المؤسسة في النهاية أنها تقوم بك عضواً صاحب مشروع، كما تقومُ بالرئيس العضو الأكبر في المشروع، سواء بسواء لا فرقَ في ذلك.
إذا كنتَ في المشروع المؤسسي؛ فأنت تقوم بمشروعٍ ولو كنت منضوياً في مجموعة من الناس يساعدُ بعضُكم بعضاً في اكتمال صورة المشروع، والابتهاج به في نهاية الرحلة كأحسن ما يكون.
وهذا بحمد الله تعالى أوضح ما يكون في كثير من المؤسسات التربوية والاجتماعية والدعوية التي تمثِّلُ نماذج المشروعات الجماعية، وتقدِّم في صورتها النهائية أعظم النفع لأمة الإسلام.
وحتى المشاريع العلمية تأخذ في غالبها منحىً فردياً في صور لا تُحصى؛ في صور العلماء في قديم الزمن وحديثه، وبعضها تأخذ صور الجماعية؛ هي مشروعات كثيرةٌ جدّاً تتأبّى على الحصر لكثرتها.►
المصدر: كتاب مشروع العمر
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق