• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

تحركات عربية لعزل الاسد

دومينيك ايفانز

تحركات عربية لعزل الاسد

سيشجع قرار جامعة الدول العربية تعليق عضوية سوريا وفرض عقوبات عليها بعد نحو ثمانية اشهر من الاضطرابات على اتخاذ اجراءات دولية اكثر صرامة ضد دمشق لكن من غير المرجح ان يؤدي الى تدخل عسكري غربي.

وخلافا لدعوة الجامعة في مارس اذار الى فرض منطقة حظر جوي على ليبيا وهو ما مهد الطريق لتدخل حلف شمال الاطلسي الذي ساعد على الاطاحة بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي لم تشمل الاجراءات الصارمة التي اتخذت يوم السبت طلبا باستخدام القوة.

لكنها ستعزز القوى الغربية التي تطالب باستصدار قرار قاس من مجلس الامن الدولي ينتقد قمع سوريا للاحتجاجات ضد الرئيس بشار الاسد والتي تقول الامم المتحدة ان 3500 قتيل سقطوا خلالها.

كما سيزيد هذا المتظاهرين جرأة بعد أن استلهموا الانتفاضات الشعبية التي أطاحت برؤساء تونس ومصر وليبيا وتحدوا حملة عسكرية ممتدة منذ مارس اذار وخرجوا الى الشوارع ينادون باسقاط الاسد.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم خلال اعلانه قرار الجامعة العربية بالقاهرة "نحن لا نرغب في التدخل الاجنبي وحريصون على سوريا... ان اي حديث عن فرض حظر جوي على سوريا او المطالبة بتدخل أجنبي أمر لم يتم تداوله ابدا خلال الاجتماع."

لكن الاجراءات التي أعلنها ومنها تعليق العضوية في الجامعة وعقوبات سياسية واقتصادية ومناشدة الجيش وقف اطلاق الرصاص على المدنيين تمثل زيادة كبيرة في الضغط على سوريا من جانب دول عادة ما تحجم عن التدخل في شؤون نظيراتها من الدول العربية.

ويواجه الاسد بالفعل عقوبات أمريكية وأوروبية على صادرات النفط السورية وعدة شركات حكومية علاوة على توتر العلاقات مع جارته الشمالية القوية تركيا.

ودعا قرار الجامعة العربية أيضا الدول العربية الى سحب سفرائها من دمشق وهو أمر سيعزل الاسد ويجعله اكثر اعتمادا على ايران مما سيعزز العلاقات التي أقامها الرئيس الراحل حافظ الاسد والد بشار وازدادت قوة خلال حكم الاسد الابن المستمر منذ 11 عاما.

وردت دمشق غاضبة على قرار تعليق عضويتها بالجامعة الذي أقره 18 وزيرا من جملة 22 وقالت ان هذه القرارات لا يمكن اتخاذها الا بالتوافق واتهمت الجامعة بتطبيق اجندة غربية مناهضة لسوريا.

وقالت ريم علاف الباحثة في مؤسسة تشاتام هاوس البحثية بلندن "على الرغم من كل التبجح والتصريحات السورية فان هذه اكبر ضربة تلقوها. اكبر من عقوبات الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة."

ولم يذكر رئيس الوزراء القطري العقوبات الاقتصادية المزمع تطبيقها على سوريا بالتفصيل. ويتوقع ان تعاني دمشق من أزمة اقتصادية حادة هذا العام في ظل تراجع عائدات السياحة وتعطل التجارة والصناعة وانخفاض انتاج النفط كما تسعى السلطات جاهدة للعثور على مشترين للخام السوري.

وسيكون لفرض عقوبات تجارية شاملة على سوريا أثر مدمر لكن قد يكون تنفيذها صعبا. ويقول محللون انه قد تفرض عقوبات مستهدفة ربما على مبيعات المنتجات النفطية لسوريا.

وقال كريس فيليبس المحلل المتخصص في شؤون الشرق الاوسط بوحدة ايكونوميست للمعلومات "فرض حظر شامل على التجارة سيمثل تصعيدا خطيرا ومثيرا للدهشة. سيكون اعلانا واضحا جدا عن أنهم يريدون اسقاط النظام وليس اجباره على تقديم تنازلات وحسب."

وأضاف "أعتقد أن هذا غير مرجح بشدة. حتى اذا توافرت الارادة السياسية لتنفيذه فسيكون صعبا من الناحية اللوجيستية" مضيفا أن تركيا والعراق المجاورتين تعتمدان بشدة على سوريا كممر لصادراتهما ووارداتهما.

ويقول عادل سليمان رئيس مركز الدراسات المستقبلية والاستراتيجية بالقاهرة ان العقوبات الاقتصادية لن تجبر الاسد على اجراء اي تغيير لسياساته لكنها ستعزز التحركات الدولية ضد دمشق.

وأضاف سليمان أن مجموعة الاجراءات التي اتخذتها الجامعة العربية ومن بينها مقترحات باجراء محادثات مع منظمات لحقوق الانسان بشأن سبل حماية المدنيين السوريين ستعطي فرصة لكافة أطراف المجتمع الدولي للتحرك.

وعرقلت الصين وروسيا اللتان تتمتعان بحق النقض (الفيتو) في مجلس الامن الدولي جهود اوروبا والولايات المتحدة لاستصدار قرار يدين الحملة التي تشنها سوريا وكان سيمهد الطريق لفرض عقوبات من الامم المتحدة.

وقال فيليبس من وحدة ايكونوميست للمعلومات ان قرار تعليق العضوية الذي صدر يوم السبت سيؤدي الى تخفيف معارضة الصين لقرار الامم المتحدة التي يقول ان جزءا منها يرجع الى مخاوف بكين من أن ينظر اليها على انها تقف في وجه رغبات شركائها العرب في التجارة.

وقال "هذا يبعث برسالة واضحة الى الصين مفادها أنها لا تحتاج الى التمسك بالاسد كي تحتفظ بتأييد الدول العربية... اذا تسنى التأثير على الصين فقد يضع هذا ضغطا على روسيا فيما يتعلق باستخدام الفيتو."

وعلى الرغم من تصاعد الضغوط الدولية الا أنه لا يتوقع كثيرون أن ينهي الاسد الحملة التي يقول انها تستهدف الجماعات المتشددة التي تنحي دمشق باللائمة عليها في أعمال العنف بسوريا. وتقول السلطات ان اكثر من 1100 من قوات الامن قتلوا منذ بدء الاحتجاجات الشعبية.

وقال رامي خوري مدير معهد عصام فارس في بيروت انه اذا ظل الاسد يتحدى الاشارات التي يرسلها العالم العربي والمجتمع الدولي فان الموقف سيزداد قتامة بالنسبة له.

وأضاف أن النظام نفسه لا يظهر بوادر جدية على اتخاذ الخطوات اللازمة.

وقال خوري انه في ظل عدم احراز تقدم فقد تكثف الجامعة العربية اتصالاتها مع المعارضة كمقدمة لقصر التعامل على المعارضة بوصفها الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري.

وأضاف أنها قد تدعو ايضا منظمات عربية لتوفير نوع من الحماية للمدنيين السوريين لكنه رفض احتمالات أن يتدخل حلف الاطلسي على غرار تدخله في ليبيا.

وقال الامين العام للحلف اندرس فو راسموسن خلال زيارة لليبيا منذ اسبوعين ان الحلف لا ينوي التدخل في سوريا لكن خوري ومحللين اخرين قالوا ان من غير المرجح أن تغير الخطوات التي اتخذت يوم السبت هذا الموقف.

ونتيجة للدور المحوري الذي تلعبه سوريا في سياسة الشرق الاوسط تتعامل القوى الغربية مع التدخل بحذر. كما أن تركيبتها العرقية والطائفية معقدة وهي حليفة لايران وحركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (حماس) وحزب الله اللبناني علاوة على أنها مازالت رسميا في حالة حرب مع اسرائيل التي احتلت مرتفعات الجولان السورية في حرب 1967 .

وقالت علاف "يجب أن نكون شديدي الحذر من القفز الى الاستنتاجات بشأن التدخل الدولي... نحن أبعد ما نكون عن وضع مماثل لوضع ليبيا."

ارسال التعليق

Top