مطبوعات كلية هارفرد لإدارة الأعمال/ ترجمة: هيثم نشواتي
لأنّ المديرين في كل مستوى عرضة للإنحيازات التنظيمية والنفسية، فإنّ المحافظة على المرونة الإستراتيجية نادراً ما تكون مهمة بسيطة.
إنّ الخطوات الآتية ستساعد في تحقيق ذلك:
1- قس النواتج وراقبها:
في شركة داو كورنينغ، يراجع فريق الإدارة العليا الأداء الإستراتيجية لكل مبادرة عامّة رئيسة مرّة كل ثلاثة أشهر على الأقل. يقول سكوت فيوزون مدير التسويق الرئيس في شركة داو كورنينغ: "في الواقع، المراقبة أكثر سلاسة ومرونة؛ لأننا نلتقي على نحو متكرر، كي نراجع ونُقوِّم أداء مشروع مقابل الأهداف التي تمّ تحديدها. إنّ شركة داو منهمكة في عشرات الأسواق المتنوّعة، حيث كل شيء يتغير بإستمرار. وهكذا فإنّ المراقبة المحكمة ضرورية لإبقاء المشروع على المسار وضمن الميزانية".
ويشير شيميزو وهيت أنّه مهم أيضاً للشركات أن تُفكِّر بجدّية في شأن ما الذي تقيسه. مثلاً، إذا كان هدفك أن تستولي على حصة السوق من منافس ما، فإنّك لا تستطيع فقط أن تقيس المبيعات الإجمالية لأنّه من المحتمل أن يكون السوق قد نما نمواً جيِّداً، ومع هذا النمو نمت مبيعات منافسك أيضاً. وعلى نحو مشابه، إذا كنت تحول إهتمامك إلى مبادرات النمو الجديدة، فإنّك تتكل على مقاييس تهدف إلى مراقبة نجاح الأعمال الناضجة تماماً.
وكي تعزز التكيف التنظيمي، ينصح فيوزون الشركات بأن تبقي المشروعات مرنة وقادرة على تحمل نتائج المجازفة بإعتماد موارد للمبادرات الجديدة لمرحلة واحدة في كل مرّة ولا سيما في البداية. ويوضِّح فيوزون قائلاً: "إذا أشارت المراقبة فجأة إلى تغيير مهم في إتجاه يرجح أن يحسن ناتج المشروع تحسيناً جوهرياً لكن الميزانية الآن قد بلغت مداها، فإنّ المبادرة برمتها تكون في خطر".
2- ليكن لديك شخص ما يعمل محامياً:
يحتاج القادة إلى أن يكونوا واعين لإنحيازاتهم المعرفية الخاصة؛ خشية أن يصبحوا حبيسي طريقة جامدة في نظرتهم إلى العالم. إنّ تعيين زميل موثوق أو –الأفضل مع ذلك– أكثر من زميل كي يتولى القيام بدور محامي في فريقك يعد طريقة ممتازة كي نكشف إنحيازاتنا، كما يشير شيموزو وهيت.
وماذا بشأن القرارات غير الجماعية؟
يجد هيت أنّه بسبب ضيق الوقت، فإنّ المديرين غالباً ما يصنعون قرارات إستراتيجية رئيسة بأنفسهم، ويقول: "لكن حتى عندما تفعل ذلك، فإنّ مشاركة تفكيرك مع زملائك والبحث عن تغذيتهم الراجعة يمكن أن تساعدك كي تحافظ على تفكير منفتح فعلاً".
إنّ العقبة الرئيسة للدفاع، هي نفورنا الطبيعي ومقاومتنا لفكرة أن ينظر إلينا بوصفنا "متعنتين". يشير المؤلفان إلى إدارة شركة جنرال موتورز، فإنّ أي شخص كان يُعبِّر عن مشكلة، يوصف فوراً بأنّه سلبي وليس لاعباً جماعياً في فريق.
ديبرا ميريسون –أستاذ مشارك في مدرسة التربية في جامعة ستانفورد وفي مدرسة الأعمال للتخرج التابعة لها ومؤلفة كتاب: (الراديكاليون المعتدلون.. كيف يلهم القادة التغيير على صعيد العمل يومياً)– تقول: "إنّ الشركات تحتاج إلى أن تُشجِّع الناس على التعبير عن آرائهم وأفكارهم حتى إذا كانت لا تتفق مع المنظور المهيمن". وتؤكد ميريسون أنّ "المؤسسات لا تستطيع أن تتعلم إذا كان كل شخص يُفكِّر ويتحدّث بالمنطق ذاته واللغة ذاتها".
3- عليك أن تتعقب على نحو موصول، المنظورات الخارجية:
إنّ الإصغاء بعقل منفتح إلى أفكار وآراء اصحاب وجهات النظر المختلفة سواء من خارج وحدة عمل خاصة أو خارج الشركة بالإجمال، يعد طريقة أخرى فاعلة لمواجهة إنحيازات الإدارة. غير ملحوظ نموذجياً أنّ الإنحيازات مثل الميل إلى التغاضي عن التغذية الراجعة السلبية أو إلى العمل بسرعة كبيرة تنمو بقوة طوال الوقت، ولاسيما إذا كان حجم أعمال الإدارة منخفضاً.
يقول شيميزو وهيت: "إنّ الحصول على الرؤية الثاقبة الخارجية الجديدة أمر مهم جداً عند كل مستوى تنظيمي. خذا في حسبانك الخطوات الآتية التي تستطيع الشركات أن تتبناها كي تساعد في أن تجعل ذلك يحدث:
- عَيِّن روتينياً أعضاء مجلس إدارة من الخارج: إنّ المديرين الجدد من الخارج ملزمون بالتعلُّم عن الشركة، معرض تعلمهم يتجهون إلى بحث السياسات والممارسات التي سلم بها جدلاً مدة طويلة.
- حَدِّد مدّة تولي كبار المديرين التنفيذيين لمناصبهم: يقول المؤلفان: "إنّ وصول مدير تنفيذي رئيس جديد يزود المؤسسة بفرصة كي تراجع الإفتراضات القديمة وتصحِّح الأخطاء في القرارات الإستراتيجية السابقة". مثلاً، بالرغم من أدائهما الرائع، فإنّ المديرين التنفيذيين الرئيسين الأخيرين لشركة تويوتا تنحيا، الأوّل بعد أربع سنوات والآخر بعد ست سنوات على التتابع.
- يجب أن تناوب المديرين في أداء العمل روتينياً: كثير من المؤسسات تناوب مديرين ومديرين تنفيذيين محددين بوصفه جزءاً من برامج تدريبها، ولكن شركات أخرى تترك موظفين معينين في المواقع نفسها سنوات، ومن ثمّ فإنّ التفكير المتخلِّف البالي والجمود هما النتيجة الحتمية. في المقابل، التدريب الشامل لا يوسع معرفة المؤسسة ومهاراتها فقط، بل إنّه ايضاً ينشط ويحفِّزهم.
- أفد من تحالفات الشريك: أصبحت التحالفات مع الشركات الأخرى خطوات إستراتيجية رائجة عمواماً بوصفها طريقاً للإستفادة على نحو مشترك من الموارد المتمم بعضها بعضاً. ومع ذلك، فإنّ تحالفات كهذه يمكن أيضاً أن تكون موارد ممتازة للتعلُّم والرؤية والأفكار الجديدة.
- عليك أن توجد مجموعات إستشارية مخصصة لأغراض معيّنة: إنّ مديراً تنفيذياً كبيراً أو رئيس وحدة أعمال غالباً سيحشد مجموعة غير رسمية كي تساعد في تحليل النتائج المحتملة للقرارات الإستراتيجية المهمة وتقويمها، مثلاً: هل يتعين على الشركة الإستعانة بوسيط خارجي، ولأي بائع يجب أن يكون ذلك؟ يجب على القادة أن يكونوا واضحين في توقعاتهم لما ستؤمنه المجموعة وللإطار الذي تعمل عبره. إنّ مشاركي المجموعة الإستشارية هم غالباً مديرون مختارون كي يظهروا مقتطفاً نموذجياً واسعاً من الخبرة.
يسلّم شيميزو وهيت بأن إقتراح جاتهما تنطوي على بعض المخاطر والعيوب. قد يعيد المديرون والمديرون التنفيذيون الجدد صياغة الإستراتيجيات الفاعلة الراهنة كي يضفوا عليها ببساطة، سمتهم الخاصة. إنّ منحنى التعلم لأي شخص في العمل الجديد أيضاً يجب أن يكون ذا مكانة مهمة.
يحذر ستيف أودلاند –رئيس ومدير تنفيذي رئيس لمؤسسة أوفيس ديبوت– قائلاً: "كن حذراً من وجهات النظر الخارجية، هؤلاء الذين لا يفهمون تماماً مؤسستك يمكن أن يقودوك خارج المسار ويحطموا علامتك التجارية ويمكن للتضارب والتناقض الإستراتيجي أن يشوش المستهلكين وأساساً يحطم قيمة حاملي الأسهم، لذا فإنّ المحافظة على التوازن أمر حاسم".
4- انظر إلى القرارات بوصفها حقيبة إختيارات:
تمتلك المؤسسات عادة مشروعات ومبادرات متعددة تجري في وقت واحد. إنّه لأمر حاسم ألا يدع القادة مشروعاً أو إثنين يسيطران على إهتمامهم. وكلما تغيرت الأسواق، فإنّ المبادرات التي تبدو أقل أهمية سرعان ما يمكن أن تصبح الأكثر قيمة وأهمية. إحدى طرق المحافظة على منظور متوازن، هي مراجعة مشروعات ومبادرات المؤسسات دورياً بوصفها حقيبة إختيارات. إنّ إنجاز هذا الأمر يجعل من الأسهل أن تعيد توزيع الموارد من مشروع إلى آخر مقدماً وعداً بالنجاح أكبر في ضوء حالة السوق، كما يشير شيميزو وهيت.
إنّ المؤسسات الأصغر تميل إلى تنفيذ مبادرات أقل بصورة متزامنة، لكنها تستطيع بسهولة أن توسع حقائب قرارها عن طريق إدراج تجارب وتغييرات صغيرة.
5- حلِّل النتائج وطبِّق التعلُّم:
تنشأ المرونة من القدرة على التعلُّم، ولكن هل تتعلّم الشركات كل ما تستطيعه من المبادرات الإستراتيجية التي تأخذها على عاتقها؟ من المحتمل ألا يكون الأمر كذلك. يميل المديرون إلى التغاضي عن السلبيات والتأكيد على الإيجابيات على أي حال، فقط عن طريق التحفص بعناية للأسباب التي أدّت إلى النتائج السلبية وتلك التي أدّت إلى النتائج الإيجابية يستطيع المديرون أن يزيدوا إلى الحد الأعلى تجربة تعلمهم.
إذا كانت مكتسبات شركة ما ضعيفة، على سبيل المثال، لكن الإدارة تتعلم كثيراً من التجربة، فإنّه يمكن للشركة أن تجرد الأصول وتطبق معرفتها المكتشفة حديثاً كي تجعل المكتسبات المستقبلية أكثر نجاحاً أو إذا شعر الفريق التنفيذي للشركة أنّ المشكلة ناجمة عن إندماج عديم الجدوى، فإنّها تستطيع أن تؤجل البت في التخلص من أصولها حتى تفهم المشكلة فهماً أفضل.
إنّ تقرير القيمة المحددة لتعلم من هذا القبيل قد لا يكون ممكناً، ولكن يجب على الشركة أن تعدّه جزءاً من كل إستثمار أو عائد مشروع وغالباً سيغير هذا التعلم منظوراتها تغييراً مهماً.
ويشير شيميزو وهيت إلى مثل جيد على ذلك وهو شركة أنظمة سيسكو، حيث إنّ هذه الشركة نمت إلى حدٍّ بعيد عبر سلسلة من المكتسبات الناجحة. وجد المؤلفان أنّ سيسكو تقوم بجهد حقيقي كي تتعلم قدر الغمكان من كل مكتسب، وتحذر كثيراً كي تتجنب رحيل هيئة الموظفين الأساسيين الذين يمتلكون معرفة مهمة بشأن الشركة المكتسبة وصناعاتها وأسواقها. هؤلاء الموظفون يمكن أن يصبحوا معلمين أقوياء يساعدون المؤسسات كي ترى أعمالها وأسواقها في إدراك جديد.
إنّ القدرة على تبني منظورات مماثلة هي بالطبع عنصر حاسم في بناء المرونة الإستراتيجية.
ارسال التعليق