• ١٨ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٩ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

خواطر في ظلال العيد

خواطر في ظلال العيد

اليوم عيد..
مضت ساعاتُ الليل، وبزغ الفجرُ، وانطلقت صيحةُ (الله أكبر) تعلن أفول الليل وإشراق الصبح.. قام الناسُ من مضاجعهم ترتسم الفرحةُ على وجوههم.. فاليومَ عيد!!
 خلعوا عن أبدانهم ملابس النوم، ولبسوا الملابس الجديدة، وانتشروا مهللين مكبرين.. فاليوم عيدٌ!!
جميلةٌ تلك الليلة.. ليلةُ العيد.. الناس ينتظرون إشراقة نور الشمس فينتشرون فرحين.. لثيابهم الجديدة لابسين.. هلا قرأنا في تلك الليلة التي رقدنا فيها منتظرين صبيحة العيد رقودَنا الأكبر الذي ننتظر بعده القيامة الكبرى عندما تشرق الأرضُ بنور الله؟!
كأني بليلة العيد تهتف بنا قائلةً: ها أنتم انتظرتم بعد يقظتكم من نومكم عيدًا.. فهل انتظرتم بعد قيامتكم إلى الله رب العالمين عيدًا؟! ها أنتم انتظرتم بعد رقدتكم الصغرى فرحةً وبشرًا.. فهلا انتظرتم بعد رقدتكم الكبرى فرحةً وبشرًا؟!.

حكمة العيد
شرع الله -سبحانه وتعالى- لنا عيدي الفطر والأضحى، وجعل سبحانه عيدَ الفطر بعد ركن من أركان الإسلام الخمسة وهو الصيام، وجعل عيدَ الأضحى بعد ركن من أركان الإسلام الخمسة أيضًا وهو الحج.. إنه تشريعٌ حكيمٌ عظيمٌ يحتاج بنا إلى انتباه وتدبر.. كل عيد تسبقه طاعة، فعيدُ الفطر بعد طاعة الصيام والقيام، وعيدُ الأضحى بعد طاعة الحج.. إنه التدريب العملي على انتظار العيد بعد الطاعة.. أرأيت عظمةَ وحكمةَ ودقةَ التشريعَ الإسلامي؟
لقد أصبح لليلة العيد معنى جديدٌ في نفسي، فها أنا أنتظر العيد بعد ليلة سبق نومي فيها طاعةٌ لله سبحانه، فإذا أردت أن يكون يوم القيامة لي عيدٌ فلا بد أن يسبق موتي طاعةٌ لله سبحانه.. إذا كانت ليلة العيد حاجزًا بين الصيام أو الحج وصبيحة العيد، وإذا كان القبر حاجزًا بين الدنيا والآخرة، فليكن ما قبل القبر طاعةٌ لله حتى تكونَ الآخرة عيدًا فيها البشر والسعادة.
سرت بين الناس في صبيحة العيد متأملاً، فرأيتهم وقد تفاوتوا في زينتهم كلٌّ على قدرِ غناه أو فقره، فقلت: إي وربي.. يتفاوت الناسُ هنا على قدر ما لديهم من الأموال ويتفاوتون هناك.. في الآخرة.. على قدر ما لديهم من الأعمال: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7، 8].
فمنهم من ألبس ملابس الجنة، قال تعالى: {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسان: 21]. ومنهم من ألبس ثياب أهل النار، قال تعالى: {سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ} [إبراهيم: 50].
أخي الحبيب، إذا قمت من نومك في صبيحة العيد فرحًا مستبشرًا فقُلْ: ها أنا قمتُ فرحًا مستبشرًا هنا.. فهل سأقوم فرحًا مستبشرًا هناك؟! ها أنا لبستُ الجديد الجميل هنا، فماذا سألبس هناك؟!

ارسال التعليق

Top