الجميع يعلم أن تقلبات الطقس، والتلوث الحاصل في البيئة، والإجهاد النفسي والجسدي والنظام الغذائي غير الصحي جميعها عوامل تؤثر سلباً على الجلد وتضعفه، حيث أنّه معرض مباشرة لجميع هذه العوامل، أما النظام الغذائي الصحي هو الذي سيكون موضوع الاهتمام والملاحظة والتركيز.
أوّل هذه العوامل الصحيحة شرب الماء الصحي بوفرة خلال النهار، حيث أنّ الماء يفرز الرطوبة في الجسم، وخاصة في فصل الصيف الحار، ويحافظ على مستويات هذه الرطوبة في الجلد الذي يشغل مساحة واحدة، والمعروف أنّه كلما زادت رطوبة الجلد كلما بدا أكثر تألقاً وصحة وكلما خفت عليه ظهور التجاعيد. إنّ عدم شرب كمية كافية من الماء تتراوح ما بين 8-10 كوب في اليوم الواحد، يؤدي إلى تراكم المواد والفضلات في أنسجة الجسم، والتي قد تكون ضارة أو سامة أحياناً إذا حبست، مما يسهم في تشكيل السيلوليت وبسهولة في أعلى الفخذين، ويؤدي إلى شيخوخة الجلد المبكرة وقد تزيد هذه الكمية منه عند القيام بمجهود عال أو الوقوف كثيراً خاصة في فصل الصيف. إذن عليك تناول أطعمة صحية مفيدة لصحة الجلد، خفف من تناول الأطعمة المصنعة والمعلبة، واختر الأطعمة الجديدة في التحضير الطازجة (التازة) مثل العنب والبرتقال والكريب فروت والنومي الحلو وباقي الحمضيات، والتي تحتوي على نسبة عالية من فيتامين (C) الذي يلعب دوراً أساسياً في إنتاج الكولاجين، والذي يحول دون ترهل الجلد، كما في بعض الخضراوات والتي تحتوي على فيتامين C وكذلك A كالقرنبيط واللهانة والبروكولي، ضرورية للجلد وتسهم في الحفاظ على ليونته وصحته، مثل القضاء على البثور وشفاء حب الشباب والابتعاد عما يسببهما من الالتهابات، ثمّ لا ننسى الجزر والسبانخ، فالجزر يحتوي على نسبة عالية من البيتاكاروتين الذي يتحول إلى فيتامين A والذي يساعد على منع الجفاف للجلد وعدم تقشره، ثمّ الخضراوات الخضراء الأولى الغنية بعنصر الحديد مثل البقدونس والريحان والكراث والذي يكافح ظهور الهالات السوداء مباشرة تحت العيون، ثمّ لا ننسى ما لفاكهة الصيف من آثار جيدة على الجلد وخاصة البطيخ الأصفر المتوفر في هذه الفترة والغني بالليكوبين – والمعروف بمقدرته على التخفيف من الأضرار التي تلحق بالكولاجين، وبالتالي فهو يخفف من ظهور التجاعيد.
وبالإضافة إلى ما ذكرنا من الحصول على غذاء صحي، فإنّ عدم الحصول على ثماني ساعات من النوم ليلاً يمكن أن يتسبب في ترهل الجلد وظهور مبكر للتجاعيد وخاصة على الوجه، فمن السهولة ملاحظة شحوب الوجه وغياب الحيوية واللون الصحي النضر عند عدم النوم الكافي، لأنّ ذلك يؤدي إلى ضيق في الأوعية الدموية، وهو ما يعني تناقص كمية الدم الموزعة على كافة أنحاء سطح البشرة بما يكفي من الغذاء والأوكسجين، فيظهر الوجه شاحباً، إضافة إلى ذلك فإن فترة النوم الصحية والمريحة – لمدة لا تقل عن 7-8 ساعة هي التي يتم خلالها تزويد الجلد بدفعة من الخلايا الجديدة التي تحافظ على صحته وتماسكه وعدم ترهله وعدم ظهور التجاعيد المبكرة؛ كما لوحظ أنّ الإجهاد النفسي الناتج عن الافتقار إلى النوم أيضاً – الأرق – يتسبب في إفراز الدهون في الجلد، مما يؤدي بدوره كعامل من عوامل ظهور البثور وحب الشباب.
وتؤكد الدراسات العديدة في صحة الجلد أن ليلة واحدة من دون نوم تؤدي إلى أذى كبير فيه، وتعطل قدرته على الاحتفاظ بالرطوبة الضرورية لضمان صحته وشبابه وتحول دون جفافه.
بالإضافة إلى الماء والغذاء، يجب عدم التعرض لأشعة الشمس الشديدة الحرارة صيفاً والإجهاد النفسي، وعدم التعود على عادة غير صحية مثل التدخين، حيث أنّ أوّل أوكسيد الكربون الناتج من التدخين يعوق خلايا الدم الحمراء الناقلة للأوكسجين عن حمل كمية كافية منه إلى أنسجة الجسم المختلفة ومنها الجلد، وهذا يعني حرمانه من تلقي حاجته الضرورية من هذه العنصر الحيوي للقيام بوظائفه على أتم صورة، مما يؤدي إلى شحوب البشرة وافتقارها إلى الحيوية والنضارة.
أما أشعة الشمس، فكما نعرف جميعاً أنّ التعرض لها ولفترة قصيرة خاصة عندنا في فصل الصيف، أوّل النهار، يمنح الجسم دفعة من فيتامين D وتأثيره على صحة الجلد والعظام وهذه ظاهرة صحية مطلوبة وخاصة عند الأطفال وكبار السن. وعدم التعرض لأشعة الشمس القوية في فصل الصيف الحار لما للأشعة فوق البنفسجية بنوعيها من أذى على صحة الجلد، وقد حذر الفرنسي بيتربول في المركز الدولي للأبحاث السرطانية الشباب جميعاً في عمر العشرين والثلاثين سواء الفتيات أم الفتيان من التعرض للأشعة فوق البنفسجية الطبيعية والصناعية خاصة في الأماكن التي تساعد على إضفاء اللون البرونزي للبشرة (وهذا الهدف من التعرض لهذه الأشعة) لتعرضهم للإصابة بنسبة 75% لسرطان الجلد، وأوضح الدكتور بيل أنّ هذا التعرض للون البرونزي يؤثر في الجهاز المناعي للجلد ويزيد من خطورة الإصابة بسرطان الجلد.
أما فيما يخص الإجهاد النفسي والتوتر، فإن ذلك بدوره يضخ كمية كبيرة من الأدرينالين، وينتج عن القلق الدائم والتوتر أضرار الخلايا عامة ويمكن أن تتسبب في ظهور الأعراض المبكرة للشيخوخة، لذا يجب تحاشي ذلك قدر الإمكان، وجميعها تساعد على الاسترخاء وتخفيف التوتر.
وهنالك تمارين عديدة لذلك تستطيع القيام بها وأنت داخل الدار أو حتى في الحديقة إن وجدت صباحاً ومساءً جميعها تعتمد على الحركات البسيطة منها الضغط والنقر والتفريك والتدليك على مسارات مجددة في الجسم ومواضع كثيرة تساعد على تنشيط دورة الطاقة الحيوية، ويمكن استخدام زيت الزيتون للتدليك وللحصول على نتائج أفضل من هذه التمارين هذا وضغوط القلق والتوتر أصبحت جزءاً من حياتنا اليومية.
مثل الجسد فإنّ العقل يحتاج إلى التغذية الصحيحة الصحية والرياضية والشمس المعتدلة والهواء النقي والراحة والثقة المطلقة في القوة الإلهية – الله – سبحانه وتعالى لكي يستمر العيش بإيمان، وبالتالي بصحة جسدية سليمة وصحة عقلية ممتازة، ولكن غذاء العقل الصحي يساعدنا على التكيف مع القلق، والغذاء الصحي للعقل يكمل بعضه بعضاً، وهو: القراءة، والاستماع لما يريح العقل من آيات قرآنية، وموسيقى كلاسيكية، والتفكير بالمواقف الإيجابية التي تبعد الفشل وآثاره وتكون مشجعة (بالتفاؤل) وإبعاد الكآبة التي تقوي هرمونات الضغوط وبالتالي الإحباط.
أما رياضة التمارين للعقل والجسد فهي تتضمن أمور جديدة، وتقبل مفاهيم جديدة دائماً، واكتشاف معانٍ جديدة، لأنّ الإنسان يحتاج إلى راحة من الضغوط والتوتر والخوف المسيطر عليه من جراء ظروف غير اعتيادية وغير صحية ومنها العمل في الحديقة أوقات الفراغ داخل الدار أو المشي اليومي بانتظام، فالإنسان هو نتيجة تفاعل من الجسم والعقل والروح، لذلك كان اللجوء إلى الله وقراءة القرآن مفيداً جدّاً للقضاء على التوتر، سواءً أكان الفرد يعاني من أزمات وضغوط حياتية مؤقتة أو دائمة، فعندما تمنح عقلك جسداً صحّيّاً نتيجة غذاء صحّي يتعامل معه، وعندما تمنح عقلك عبادة روحانية فأنت تعطي عقلك فرصة للتكيف مع القلق الذي أصبح من سمات هذا القرن. جرّب ذلك فإنّها تجربة شخصية وكذلك لعدد من أشخاص نجحوا في الحياة العملية والعلمية.
المصدر: كتاب مفتاح الصحة والسعادة للكاتبة جيِّدة عبدالحميد
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق