• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

كيف نتعامل مع غيرة الكبير من الصغير؟

د. أحمد سلامة

كيف نتعامل مع غيرة الكبير من الصغير؟

 تعتبر الغيرة من الأمور الطبيعية لدى الإنسان، صغيراً كان أم كبيراً، إلا أنها عند الصغار تأخذ شكلاً مختلفاً قد يصل إلى العدوانية والإيذاء. والغيرة التي سنتحدث عنها هنا هي غيرة الطفل الأوّل من شقيقه، سواء في أواخر شهور الحمل به، أو بعد ولادته، حيث يواجه الأبوان مشكلة حقيقية، وهي كيفية التصرف عند قدوم الطفل الثاني، لأنّه يحتاج إلى رعاية خاصة، وهذا بالطبع سيغضب الطفل الأوّل، وسيجعله يتصرف بعدوانية ضد أخيه الصغير.

من الضروري جدّاً أن يتم تجهيز الطفل الأوّل نفسياً وبشكل جيِّد، ولكن على مراحل، لتقبل الطفل الثاني، ويبدأ ذلك قبل ولادة الطفل الثاني. ويلاحظ أنّه عندما تكون الأُم في شهور حملها الأخيرة، يسأل طفلها الأوّل عن سبب انتفاخ بطنها بهذا الحجم الكبير، وإن لم يفعل، فعليها أن تهيئ الظروف كي يسألها، حتى تشرح له بأن هناك أخاً أو أختاً له في بطنها، وأن هذا الشقيق سيأتي إلى الحياة ليعيش معهم. تقول الدكتورة John Martina، أستاذة علم النفس في جامعة North Carolina، إنّ الطفل الأوّل سيكون مأخوذاً بما تقوله أُمّه عن وجود طفل آخر في بطنها، وسوف بصور له خياله أشياء كثيرة، لأن عقله لن يستوعب ما تقوله له أُمّه، وبالتالي عليها أن تستغل هذه الفرصة لتقول لابنها الأوّل إنّ الطفل القادم هو شقيقه أو شقيقته، وإنّه سيأتي ضيفاً وغير قادر على تناول الطعام أو المشي أو الكلام، وإن هذا الطفل الضيف يحتاج إلى مساعدته. وتضيف الدكتورة Martina أن على الأُم أن تُبين لطفلها الأوّل أنه أصبح قوياً وواعياً، وأن عليه أن يساعد أخاه الذي لا يعرف في هذه الحياة شيئاً، أي عليها أن تحفز الروح الإيجابية فيه باعتباره إنساناً كبيراً وناضجاً يمكن الاعتماد عليه. وبالطبع فإنّ الطفل الأوّل قد لا يستجيب؛ لأنه لا يعرف من هو القادم الجديد، ولا كيف سيكون.. إلخ، ولكن على الأبوين أن يرددا أمامه بأن ضيفاً سيصل إلى البيت بعد شهرين أو ثلاثة، وأنه سيلعب معه، وسيحبه، وسينام معه في الغرفة، وقد يشاركه خزانة ملابسه، وكذلك على الأبوين أن يرصدا ردة فعل الطفل الأوّل حتى يتصرفا وفقاً لها.   - بعد الولادة: بعد أن يأتي الطفل الثاني، سيصبح الطفل الأوّل أمام حقيقة واقعة، وهنا ستبدأ المشكلات، لأنّ الطفل الأوّل لن يتقبل طفلاً آخر يشاركه حنان واهتمام والديه، خاصة الأُم، كما أنه لن يتقبل شخصاً غريباً يستأثر باهتمام الأسرة على حسابه هو. وهذه المشاعر طبيعية جدّاً، ويمكن التعامل معها وتخطيها بشيء من الحكمة والصبر، فعلى الوالدين مثلاً ألا يظهرا اهتمامهما بالطفل الجديد ولا يقبلانه أو يحضنانه أمام الطفل الأوّل، وفي المقابل إن كان الطفل الثاني بحاجة إلى دواء أو حقنة فيفضل أن يأخذ الدواء أو الحقنة أمام الطفل الأوّل. والسبب كما تقول الدكتورة Martina أنّ الطفل الثاني عندما يأخذ الدواء أو الحقنة سيبكي، عندها سيشعر الطفل الأوّل بأنّ الأبوين يعاملان الرضيع بقسوة والدليل المادي أمامه، حيث يرى الأُم تغطي الطفل الثاني دواءً مراً، فيشعر الطفل الأوّل بأنّ الأُم تعاقب طفلها بذلك ومن ثمّ يشعر بالرضا. كذلك يجب على الأبوين عدم تقديم ملابس جديدة للطفل الثاني إلا بعد أن يشتريا ملابس جديدة لطفلهما الأوّل، وكذلك الألعاب، وغيرها من الهدايا الأخرى.   - لا يزال الطفل صغيرا: على الأُم أن تعامل طفلها الأوّل وكأنّه لا يزال رضيعاً، فمثلاً عندما تُحضر وجبة طعام لطفلها الثاني عليها أن تُحضر الوجبة نفسها لطفلها الأوّل، وإن قامت بتحضير رضعة للطفل الثاني، عليها أن تسأل طفلها الأوّل إن كان يريد رضعة مثل أخيه، فإن قال "نعم" عليها أن تُحضر له رضعة مماثلة. وفي كثير من الأحيان قد يضطر الأب والأُم إلى إلى الاهتمام بالطفل الثاني لكونه مريضاً، لكن هذا الاهتمام يجب ألا ينسيهما الطفل الأوّل، لأنّه إن شاهد اهتمام والديه بأخيه لأنّه مريض فسوف يمرض هو الآخر، وسيصاب بالأعراض ذاتها التي أُصيب بها أخوة، كي يكسب عطف الطفل الأوّل أشياء غير معقولة، كأن ينام في سرير الطفل الثاني، أو أن توضع له حفاظات كما هو الحال بالنسبة إلى الطفل الثاني، وهنا على الأُم أن توافق على ما يقول، وبعد أن تلبي له رغبته، عليها أن تفهمه بأنه أصبح كبيراً على هذه الأشياء، ولكن بلطف وحب وحنان.   * عيد ميلاد: عندما يحين عيد ميلاد الطفل الثاني، على الأُم أن تترك الطفل الأوّل هو الذي يطفئ الشمعة، وهو الذي يتلقى الهدايا، فهي بذلك تجعل الطفل الأوّل سعيداً بعيد ميلاد أخيه لأنّه السبب في كل هذه الهدايا التي حصل عليها. كما أنه من الضروري عند شراء ثياب للطفل الثاني بمناسبة عيد ميلاده أن تشتري ملابس جديدة للطفل الأوّل أيضاً، وأن تتصرف وكأن عيد الميلاد هو للطفل الأوّل وليس للثاني. وعلى الوالدين أن يعرفا أن وجود الطفل الثاني يجعل الطفل الأوّل في حاجة ماسة للاهتمام والرعاية والحنان، وبشيء من الصبر وتدبر الأمور سيستوعب الطفل الأوّل ما يجري حوله، وستتحول علاقته مع أخيه الثاني إلى علاقة حب.

ارسال التعليق

Top