• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

مقروئية الصحافة الإلكترونية

د. عبد الأمير الفيصل

مقروئية الصحافة الإلكترونية
◄إنّ التغيرات التي شهدتها علاقة الجمهور بالوسائل الاتصالية قد أدت إلى تناقص أعداد قرّاء الصحف في مختلف إنحاء العالم، وبالذات في الدول المتقدمة التي تتوفر على خيارات اتصالية متعددة، فعلى سبيل المثال ظل الرقم الإجمالي لتوزيع الصحف الأمريكية اليومية مستقراً عند حوالي 59 مليون نسخة خلال الأعوام 1960 حتى أوائل 1995 برغم ارتفاع عدد سكان الولايات المتحدة الأمريكية من 180 مليون إلى 260 مليون خلال المدة نفسها مع انخفاض هذا الرقم ليبلغ 56 مليون نسخة يومياً نهاية عام 2002 وعلى الصعيد الفردي للصحف الأمريكية تشير أرقام الهيئة المهنية الأمريكية لمراقبة النشر إلى أنّ جريدة نيويورك تايمز لوحدها فقدت 42% من قراء عددها اليومي و58% من قرّاء عددها الأسبوعي خلال عام 69-1997.

وفي الاتّجاه ذاته يشير مركز الصحافة الأوربية إلى أنّ معدل القرّاء في أوربا يتناقص، ولذلك فقد خسرت الصحافة الأوربية خلال عام 1997 وحدة (12) مليون قارئ.

ولقد تحولت هذه التحديات إلى سعي الصحافة بوجوب الاهتمام بالأنماط الاتصالية الجديدة للتقنية الحديثة التي تمثلها الصحافة الإلكترونية، وحفزت هذه الصحف للإفادة من الاتصال الإلكتروني الذي أتاحته شبكة الإنترنت عبر إصدار صحف أو نسخ إلكترونية من إصداراتها المطبوعة، وقد أثارت إحدى الدراسات التي أجريت عام 2000 من أنّ 87% من الصحف الأمريكية المطبوعة تنشر نسخاً إلكترونية من إصداراتها المطبوعة.

إنّ التلفزيون والصحافة الإلكترونية بشكل عام يكتسحان كلّ وسائل الإعلام الأخرى في نسب القراءة والاستماع المتداولة عالمياً وإقليمياً أو في توسع شبكات الإعلام أو في الانتشار الحقيقي أو في الإيرادات الإعلانية.

إنّ الصحافة التي تواجه تحدي عدم ارتفاع نسب قراءة الصحف في العالم تحاول أن تتصدى لهذه المعضلة من خلال البحث عن قرّاء جدد، ومن ذلك تطوير التوزيع والترويج لحقائق جديدة ومنها عصرنة تقنيات وصناعة الصحافة.

فصحيفة (الاندبدنت) البريطانية تضع كلّ قدراتها واستراتيجيتها للتأثير في نسبة الـ10% أو الـ20 أو 30% التي لا تقرأ من الجريدة، وجريدة (ليبراسيون) الفرنسية غيّرت من نفسها على الإنترنت شكلاً ومضموناً وسياسة عامة لتكون أقرب إلى الجمهور الواسع الذي يستخدم الإنترنت فزادت من عدد الصفحات والأبواب والزوايا والاهتمامات ولوّنت صورها أكثر لتكون مشوقة عملية أكثر عند القراءة.

وصحيفة اللوموند باشرت فلسفة جديدة لمهمات الصحيفة وصيغ الإخراج الجديدة بعد تطوير موقعها على شبكة الإنترنت بما جعلت عدد القراء يزدادون على نسخها الإلكترونية يوماً بعد آخر.

وفي رأي الخبراء أنّ الصحيفة مهما بلغت من التطور والمضمون الجذاب والشكل اللافت وهيئة التحرير المبدعة والترويج الإعلاني الفاعل تبقى عاجزة عن الانتشار الواسع إذا لم يرافق ذلك استخدام أمثل لمزايا شبكة الإنترنت وما يمكن أن تقدمه من تقنية تكون لها مزايا إيجابية سواء على إزدياد عدد قرّاء الصحيفة على الإنترنت أو على عوامل إخراج الصحيفة وتحريرها والخدمة التفاعلية التي تقدمها للقرّاء.

وإنّ المحررين والناشرين يجرّبون الأساليب الجديدة لاجتذاب القرّاء بما في ذلك القصص القصيرة والمزيد من الأخبار التي تقدم بطرق جديدة ففي عام 1997 استطاعت أكثر من 600 صحيفة تقديم خدمات صوتية لمعلومات على الطقس والرياضة، واتاحت الوصول إلى قواعد المعلومات الخاصة بها على شبكة الإنترنت.

يقوم الإعلام الجديد على التكامل والتداخل فهو يجمع كلّ مزايا وسائل الإعلام التقليدي ويزيد إليها ميزة التفاعل المباشر وإزالة الفروق بين المرسل والمستقبل فتبادل المعلومات والأفكار سيتم في اتجاهين بصورة سريعة وفورية، وسيكون بمقدور أفراد الجمهور استقبال وإرسال الرسائل في أي وقت وسيتمكنون أيضاً من مخاطبة بعضهم البعض بعيداً عن مصدر الفكرة أو المعلومة، أي أنّ سلطة المصدر والوسيلة الإعلامية ستتقلص وقد يوجه شخص أو وسيلة ما رسالة إعلامية لجمهور يحدد إلّا أنّ التفاعل حول هذه الرسالة قد يختلف تماماً عن أهداف صاحب الرسالة الأصلي، فالرسالة هنا تتحول إلى نص يتفاعل حوله كلّ أفراد الجمهور أو بالتحديد الأفراد الذين لديهم رغبة وقدرة في التفاعل حول هذه الرسالة النص، ولا شك أنّ هذا الوضع يخلق أشكالاً جديدة للتفاعل الاجتماعي وأساليب للربط أو حتى التلاعب بالوقت والمساحة.

 

عادات القراءة الإلكترونية:

لقد نما سوق الصحف الإلكترونية نموّاً سريعاً حيث نظر العديد من ناشري الصحف الإنترنت على أنّه طريقة اقتصادية وفعّالة للوصول إلى القراء فقد قدمت الإنترنت أملاً جديداً للصحافة التي تعاني من نقص التداول والتي تعد مهددة من قبل الجيل الجديد الذي لا يحبذ قراءة نسخ الصحيفة المطبوعة.

ومن الطبيعي أن تختلف عادات القراءة ومطالعة الأخبار في الإنترنت عنها في الصحف المطبوعة، فيجب أن يكون للقرّاء الخبرة الضرورية لاستخدام الحاسوب والإنترنت والدخول إلى مواقع الصحف وتصحيفها، كما يجب أن يعرفوا المواقع الإخبارية والصحف الإلكترونية سهلة الوصول وسهلة التجول أو الإبحار فيها.

وفي الحقيقة فأنّه ليست كلّ المواقع الإخبارية في الصحف الإلكترونية هي مواقع صديقة للمستفيد (سهلة الوصول) فمواقع الصحف التي يقتنع بها القرّاء قد تم تصميمها حسب احتياجات القرّاء واهتماماتهم.

وأشارت دراسة لمؤسسة نلسن الأمريكية لأبحاث الإنترنت إلى أنّ غالبية قرّاء الصحف الإلكترونية أكّدوا أنّهم يقرأون الصحف الإلكترونية في الإنترنت كونها متوفرة دائماً حينما يحتاجون إلى قراءتها، وأشار 36.1% منهم إلى كونها مواقع مجانية فيما أشاروا إلى أنّ أهمية الطبعات الإلكترونية تخدم القرّاء كون أخبارها آنية، وتحدث بين مدة وأخرى وتتابع تطورات الأخبار وقد ترفق القصص الإخبارية بصور تلفزيونية عن مواقع الأحداث.

في عملية النشر الإلكتروني لا تستطيع أية صحيفة تقديم أرقام غير صحيحة حول عدد قرّائها على الشبكة لأنّ كلّ موقع على الشبكة يسجّل تلقائياً عدد (الزوّار) الذين طرقوا بابه، بل أنّ هناك بعض البرامج تسجّل اسم وعنوان أي قارئ (أو أي زائر) ولكن حتى الآن مازال عدد قرّاء الطبعة الإلكترونية لأي صحيفة تبث صفحاتها على الشبكة أقل بكثير من عدد قرّاء الطبعة الورقية، وهذا العدد القليل لقرّاء الطبعة الإلكترونية يعزز وجهة النظر التي لا تزال تعد النشر عبر الشبكة نوعاً من الترويج للصحيفة، وينبغي عدم فرض أجور مقابلة وهناك بعض الصحف التي تبث مقتطفات فقط من أعدادها اليومية، ولا تبث الصحيفة كاملة إلّا للمشتركين لكن معظم الصحف يتم بث جميع صفحاتها مجاناً ولا يستبعد الاستمرار في النشر المجاني بصورة تجريبية حتى يتم التأكد من وجود جمهورو كافٍ من قرّاء الطبعة الإلكترونية مستعد للدفع ولا يتوقع حدوث ذلك قبل حلّ مشكلة القراءة الآلية للحروف العربية ويحتاج قارئ الصحيفة الإلكترونية إلى برامج مثل (نيتسكيب Netscape) الخاص بالتعامل مع صفحات الشبكة و(أكروبات Acrobat) الذي يتيح فتح الصفحات العربية لكن مواد الصحيفة العربية ليست معطيات إلكترونية يمكن خزنها ومعالجتها مثل الصحافة الأوربية والأمريكية، بل هي وثائق صورية على غرار رسائل الفاكس وبعض الصحف العربية يمكن (تقليب) صفحاتها بسهولة وفهرسة موادها وإجراء عمليات التكبير أو التصغير أو الطبع أو الحفظ كوثائق صورية وفي بعضها تتوفر أيضاً المواد السياسية والاقتصادية على شكل مقالات وتقارير منفصلة.►

 

المصدر: كتاب دراسات في الإعلام الإلكتروني

ارسال التعليق

Top