إنّ تطوّر ورقي أي مجتمع بات يقاس بدرجة التطور الثقافي والاجتماعي للمرأة ومساهمتها الفعّالة في البناء الحضاري للمجتمع. فالمجتمع الذي يصل إلى احترام المرأة والتعامل معها كإنسان متكامل له كامل الحقوق الإنسانية وآمن بدورها المؤثر في بناء وتطوّر المجتمع يكون مجتمعاً قد بلغ مرحلة من الوعي الإنساني وفهم أُسس التربية الإنسانية الصحيحة والتي تتحمل المرأة وزرها الأكبر ويكون قد تخلص من التقاليد والأعراف البالية التي سادت المجتمع والتي تسحق كرامة المرأة وتضعها في مكانة أقل من مكانتها الحقيقية. لبناء مجتمع مزدهر ومتطور يرقى إلى مستوى الأُمم الراقية لابدّ له من وضع مرتكزات أساسية لوضع المرأة في المكان اللائق بها لبناء المجتمع الراقي ومن هذه المرتكزات:
1- القضاء على الأمية الأبجدية بين النساء وذلك بتعليمهن القراءة والكتابة والتي تعتبر الخطوة الأولى لرفع المستوى الثقافي للمرأة وزيادة وعيها لتكون فاعلة في بناء المجتمع وتطوره.
2- المشاركة الفعّالة للمرأة بالأنشطة الثقافية والفنية وذلك بتشجيعها بكتابة الشعر والقصة والمسرحية وتسهيل نشر نتاجها الأدبي وإقامة الدراسات النقدية لتطويره وتشجيع المرأة على المشاركة الفاعلة في الأنشطة الفنية كالموسيقى والمسرح والفنون التشكيلية المختلفة كالرسم والنحت والزخرفة وحسب قابليتها.
3- قيام الدولة بإصدار التشريعات لحماية حرّية المرأة وضمان حقوقها المدنية كاملة وإطلاق طاقاتها الإبداعية وتدافع عن حقوقها ومكانتها الاجتماعية وحمايتها من العنف والأذى ومن العادات والأعراف العشائرية التي تحط من كرامة المرأة وشخصيتها.
4- أن تأخذ منظمات المجتمع المدني وخاصّة النسوية منها دورها الحقيقي في بناء ثقافة المرأة وزيادة وعيها وذلك بأنشاء نوادي وجمعيات ومراكز ثقافية كذلك فإنّ لهذه المنظمات دور فاعل بالعمل على تثقيف المجتمع وتغيرعقلية أبنائه نحو احترام المرأة وأهمية دورها في بناء المجتمع وتطوره.
5- وضع مناهج تربوية للمدارس بجميع مراحلها وللجامعات تدعم احترام المرأة والاعتراف بأهمية دورها كمربية وكمدرسة لأعداد جيل واعي يعمل على بناء وازدهار الوطن.
إنّ التطور والبناء الحضاري لأي مجتمع مرتبط ارتباطاً وثيقاً بتطوّر ثقافة ووعي المرأة ومساهمتها الفعّالة بهذا البناء ليكون مجتمعاً مدنياً وقائماً على المواطنة وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والمبادئ الإنسانية ولا يمكن لأي مجتمع أن يبني حضارة دون أن تساهم فيه المرأة مساهمة فعّالة
وختاماً، سواءً أكانت المرأة متعلّمة أو غير متعلّمة، فهي أساسُ هذا المجتمع ومن واجبنا أن نعتني بها، ولا نقلّل من قيمتها، فمن دونها تهلك المجتمعات، ولم تكن لتظهر الفئة العُظمى من المفكّرين، والمبدعين، والقادة؛ فهي التي تحرص على النهوض بهم وتوفير سُبل الراحة والفرص لهم. ومن جانب آخر، المرأة في الإسلام أمّن ديننا للمرأة كافة حقوقها، ومنحها مكانة عظيمة سواءً أكانت أُمّاً، أو زوجةً، أو بنتاً، أو أختاً، فلها ما لها من الحقوق وعليها ما عليها من الواجبات، بل وأعطاها ميّزات إضافية عن الرجل بأن جعلها الأُمّ التي تكون الجنّة تحت أقدامها، وأعطاها من الحسنات ما استحقّت عندما تقوم برعاية بيتها وتهيئته على أحسن وجه، وزوجها عندما تسانده وتقف معه في السراء والضراء، وتخفّف عنه عبء وظيفته وتعب يومه، وأولادها الذين تسعى جاهدة على تربيتهم تربية صالحة.مقالات ذات صلة
ارسال التعليق