الإمام عليّ (ع) يقول: يا ربّ، أرجوك أن تجعلني بقسمك راضياً؛ فهل أنت راض بما قسمه الله لك؟ إجعلني يا ربّ في جميع الأحوال متواضعاً، فهل أنت متواضع في جميع أحوالك؟ أم أنك تشعر بالزهو؟
نحن بحاجة إلى أن نسهر ليالي في كلّ كلمة من هذه الكلمات، ونعيش معها أياماً، فالمسألة ليست هي حجم الكلمة. إنّ هذه الفقرة مؤلفة من أربع كلمات، ولكن هذه الكلمات تدخل معك إلى البيت، مع زوجتك وأولادك، ومع جيرانك، ومع مؤسستك عندما تكون مع عمّالك، وتدخل إلى الناس عندما يكون لك شأن وأتباع، وتدخل معك في كلّ مجالات الحياة.
اجعل هذه الفقرة تمشي، واجعل لها يدين ورجلين وعينين مفتوحتين، حتى تمشي معك في داخل قلبك، وداخل وجدانك، وداخل حياتك، وأينما تكون، حتى إذا رآك الله تتواضع لعظمته من خلال تواضعك لخلقه يرفعك عنده درجة وذلك هو سبيل العظمة، "اللّهمّ ذلِّلني في نفسي وعظِّمني عندك". ليس المهم أن تكون عظيماً في نفسك، كن ذليلاً في نفسك، فتش في كلّ زوايا نفسك عن كلّ نقاط الضعف لتكتشفها وتصلحها لتكون بذلك عظيماً عند الله. بقدر ما تكتشف نقاط الضعف في نفسك، وبقدر ما تتعامل مع نقاط الضعف في نفسك، وبقدر ما تلجأ إلى الله، لكي يقوي ضعفك، تكون عظيماً عند الله. وإذا كان الإنسان عظيماً عند الله، فأي عظمة تبقى عندها للنسب والمال والسياسة. كان يقول الإمام زين العابدين (ع) لطاووس:
"دع عنك ذكر أبي وأُمّي وجدِّي، خلق الله الجنّة لمن أطاعه ولو كان عبداً حبشيّاً، وخلق النار لم عصاه ولو كان قرشيّاً".
العظمة هناك، عندما تصطف الأقدام بين يدي الله، وتزلزل الأقدام أمام الله، وترتجف الشفاه عندما تريد أن ترجع الجواب إلى الله، وتخفق القلوب خوفاً من النار، هناك في يوم الحساب يكون الشريف من شرّفته طاعتك، والعزيز من أعزّته عبادتك، حيث يرى المؤمنون والكافرون أنّ القوّة والعزّة لله جميعاً، وأنّه لا عظمة إلّا لمن يعطيه الله العظمة.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق