السيد محمد حسين فضل الله (رحمه الله)
- خطُّ الرسالات:
في القرآن الكريم تتضح لنا معالم الخطوط العامة لدعوة نبيّ الله عيسى (ع) عندما بعثه الله رسولاً إلى بني إسرائيل، حيث يقول تعالى: (وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلأبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ) (الزخرف/ 63-64)، إنّه (ع) قدّم لهم البيّنات التي تثبّت لهم أنّه رسولٌ من الله تعالى (.. أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ...) (آل عمران/ 49)، جاءهم بالبيّنات التي توضح لهم أنّه ليس مجرّد شخص عادي يحمل رسالة، ولكنه رسولٌ من الله يؤدي إليهم وحيه.. ولذلك أعلن لهم بأنّه قد جاءهم بالحكمة وبالرسالة التي تجعل منهم حكماء يتحرّكون بحساب ويقفون بحساب، ويتصرّفون في حياتهم على أساس دراسة الأمور بحسب توازنات المصلحة والمفسدة، ليتعرّفوا الحسن فيعملوه والقبيح فيتركوه. وهذه هي الطبيعة الحكمة التي جاء بها أنبياء الله ليعلموها للإنسان كي لا يُخطىء أو ليقلّ خطأه، وليعمل الشيء على طبق طبيعة الأمور السليمة والمصلحة النافعة. فيضع الأشياء في مواضعها ويحسب للأمور حساباتها بدقة.
فالخطُّ الأوّل الذي جاء به عيسى (ع) هو خطُّ الحكمة، وأمّا الخطُّ الثاني (وَلأبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ)، وهذا خطُّ جميع الرسالات، حيث يوضح الرسول للناس حقائق الأمور، لأنّ الناس قد لا يعرفون الحقيقة، أو قد يختلفون في فهم هذه الحقيقة، وفي فهم القضايا الأساسية التي تختلف حولها الآراء. ولذلك، فإنّ دور الأنبياء الذين يتحدّثون عن الله في كلِّ ما يفيضون فيه وما يريدونه للناس أن يتحرّكوا فيه، أنّهم يبينّون لهم الحقيقة من النبع الصافي الذي هو وحي الله، حيث سبحانه خلق الأشياء كلّها ويعرف مَن خلق وما خلق، ويعرف كيف تُدار وتتحرّك الأمور لأنّها مِن صُنْعِه (فَاتّقُوا اللهَ) راقبوه في حساباتكم وسرّكم وعلانيتكم، واحسبوا حسابه في كُلّ ما تريدون أن تأخذوا به وما تريدون أن تتركوه، ولا تحسبوا حسابات الناس، وما هو رأيهم في الأمور والقضايا، ولكن احسبوا حسابات الله، وما هي إرادته في هذا الأمر وذاك الأمر (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) لأنّ طاعة الرسول هي طاعة الله، والرسول عندما يتحدث فإنّه يتحدّث بكلمة الله، وعندما يتحرّك فإنّما يتحرّك بأمر ووحي الله، فمن أطاع الرسول فقد أطاع الله (إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ) لستُ إلهاً لتعبدوني من دون الله، وإذا كنتم ترون أني أخلق من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فتكون طيراً بإذن الله وأني أبريءُ الأكمَه والأبرص وأُحيي الموتى، بإذن الله، فإني أعمل ذلك لا من جهة قدرتي الشخصيّة، ولكن من خلال إرادة وإذن الله، فلو أن الله سبحانه لم يمكّني من ذلك، وهو القادر على كل شيء لما استطعت من ذلك شيئاً، فالله هو ربّي وربّكم (فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ) فالطريق المستقيم هو الإيمان بالله والاعتراف بربوبيته في كُلِّ ما يريده من أمرٍ ونهي.
- التنكّر للحق رغم وجود البيّنات:
ورغم وجود البيّنات التي يضعها الأنبياء (ع) بين أيدي لناس فإنّهم يختلفون في موالاة الحق (فَاخْتَلَفَ الأحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِم فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِن عَذَابِ يَوْمٍ ألِيم) (الزخرف/ 65) فهناك مَن آمَن، وهناك من كفر، والذين كفروا ظلموا أنفسهم بهذا الكفر، فظلموا الحقيقة، وسينالون على ظلمهم عذاباً عظيماً يوم القيامة.
ثمّ يتوجّه القرآن بالحديث عن هؤلاء الذين يظلمون أنفسهم فيكفرون، أو يظلمون أنفسهم فيفسقون، أو الذين يظلمون الناس فيعتدون عليهم، أو الذين يظلمون ربَّهم فيُشكرون به ويعصونه، هؤلاء ألا يفكرون أنَّ حياتهم الدنيا ليست خالدة في وجودهم؟ ألا ينظرون إلى مَن سبقهم من الناس كيف عاشوا وماتوا، وإلى الطغاة والظالمين، كيف أماتهم الموت فجأة؟ ألا ينتظر هؤلاء أن يأتيهم الموت بغتة ليواجهوا الحساب أمام الله يوم القيامة؟ (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (الزخرف/ 66)، وتأتيهم الساعة، والساعة يوم القيامة، والقيامة هي يوم الفصل (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا) (النبأ/ 17)، ويوم الفصل هو يوم التغابن (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ) (التغابن/ 9)، حيث يشعر الإنسان بالغبن لأنّه ضيّع حياته فيما لا يرضي الله، ويلتقي هناك الذين كانوا يتصادقون على لهو وعبث وشرابٍ حرام وشهوة محرّمة، وعلى موقفٍ وموقعٍ حرام، فهؤلاء الذين كانت صداقاتهم قائمة على الفجور، وكانوا ينفتحون على بعضهم بالمحبة والصداقة، هؤلاء إذا وقفوا يوم القيامة، فإنّ الصداقة تتحوّل إلى عداوة، حيث يحمّل بعضهم بعضاً المسؤولية فيما وصلوا إليه وفيما واجهوه، ويُلقي بعضهم على بعض اللوم، ولولاكم لكنّا مؤمنين، ويتلاقون في النار فيتحاجّون ويتحدث المستضعفون مع المستكبرين الذي اضلّوهم بسبب استضعافهم و(كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا) (الأعراف/ 38)، وينطلق الجيل المتأخر ليحمّل الجيل المتقدّم المسؤولية في ذلك كلِّه، فتتقطّع الأنساب وتتقّطع العلاقات.. ووحدها تبقى الصداقات التي انطلقت في الدنيا على أساس حبّ الله ورسالته والدعوة إليه والجهاد في سبيله، وحدها تبقى إلى يوم القيامة، الصداقات القائمة على الحبّ في الله والبغض في الله. فالصداقة التي تستمد حركتها في الله سوف تبقى عندما يُعْرَض الناس على الله يوم القيامة (الأخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ) (الزخرف/ 67)، فكلُّ علاقة ترتكز على رضى الله فهي علاقة تمتدّ للآخرة، وكلُّ علاقة تستند على الشيطان، فإنّها تتقطّع يوم القيامة.
- الأمن الكبير:
وينادي الله عباده الذين آمنوا به وعملوا صالحاً واستقاموا على طريق الله وتوحيده، واستقاموا على كلمة الله (يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) (الزخرف/ 68)، إذا كنتم فقدتم العون في الدنيا، وتنكّر لكم أهلكم وأصدقاؤكم ورفضوا قناعاتكم، فإني أنا ربُّكم ووليّكم.. ومَن كان الله وليَّه في يوم القيامة فإنّه يدبّر أمره، ولذا، فمن أيِّ شيءٍ يخاف وعلى أيّ شيءٍ يحزن؟.. فالإنسان المؤمن يحظى بالأمن الكبير عندما يكون مع الله، وعندما يكون الله معه، فهناك الفرح الكبير الذي لا حزن معه، والأمن العظيم الذي لا خوف معه.
(يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) مَن هم عباده؟ (الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ) (الزخرف/ 69)، آمنوا بما أنزل الله على رسله ولم يفرّقوا بين أحد منهم، وسلّموا أمرهم إلى الله في كلّ ما أمرهم فلم يعترضوا (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ) (الزخرف/ 70)، ادخلوا الجنّة أيها المؤمنون من الرجال والنساء، فلتدخل المرأة مع مَن ارتضته زوجاً لها وليدخل الرجل مع زوجته، حيث تجدون الفرح الكبير وتتلقون السرور (يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأنْفُسُ وَتَلَذُّ الأعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (الزخرف/ 71)، هناك السعادة كُلُّ السعادة حيث لا تعب ولا مرض، بل الراحة والخلود في النعيم (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (الزخرف/ 72)، فأورثكم الله تعالى الجنة بعملكم. ولا تُعطى الجنّة مجاناً، بل للجنّة ثمنها وجهدها وتعبها، وعلى الإنسان الذي يطمح للوصول إلى الجنة أن يكابد في خط الإستقامة ويعيش الحركة في طاعة الله (لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ) (الزخرف/ 73)، وهذه هي النتيجة التي يحصل عليها المؤمنون بإيمانهم، والعاملون بعملهم الصالح.
- يطلبون الموت تخفّفاً من العذاب:
وكما أنّ المؤمنين في نعيم الجنة خالدون، فالمجرمون في جهنم خالدون (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) (الزخرف/ 74-75)، فالعذاب لا ينفصل عنهم، فهم في عذاب دائم، لذلك هم متعبون متألمون (وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ) (الزخرف/ 76)، فظلموا أنفسهم عندما اختاروا الكفر على الإيمان، والمعصية على الطاعة، واختاروا الإنحراف على الطاعة.
وهم في شدّة العذاب ينادون (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ...) (الزخرف/ 77)، لقد عشنا الألم كأقصى ما يكون الألم، ولا قدرة لنا على البقاء في هذا العذاب، فليقضِ علينا ربُّك بالموت حتى نتخفّف من عذاب وآلام جهنم (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ) (الزخرف/ 77)، ويأتيهم الجواب، هذا مقامكم الذي لا خروج لكم منه (لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ) (الزخرف/ 87)، وما تناولنه من عذاب، فلأنّكم رفضتم الحق الذي جاءكم به الرسل من عند الله، وهذا الحقّ تمثّل في العقيدة والشريعة، وفي حركة الحياة، وفي علاقات الناس، ولكنكم كرهتم هذا الحق وتصدّيتم له (أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ) (الزخرف/ 79)، وفي مواجهتكم للحقّ وضعتم الخطط، وأبرمتم أموراً من خلال ما كنتم تتحرّكون في الدنيا لتفتنوا الناس ولتصدّوا عن سبيل الله، ولكنّ الله تعالى كان لكم بالمرصاد، فإنّه سبحانه عندما يُبرم الأمور يُبرمها بأقوى مما يبرمها الناس ويخطّط بأقوى مما يخطّطون (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) (الزخرف/ 80)، إن كانوا يظنون أنّ الله تعالى لا يكتشف خططهم ومؤامراتهم وانحرافاتهم فإنّهم واهمون، لأنّ الله سبحانه، يعرف خططهم السريّة ويسمع سرّهم عندما يستبطنون السرّ الذي يتحرّك في خط الخطيئة والظلم والانحراف، ويعلم نجواهم عندما يتناجون ويحدّثون بعضهم بالشرّ، فالله تعالى يعلم كلَّ ذلك، وملائكته المرسلون يكتبون عليهم كلَّ ما يتحرّكون فيه (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (ق/ 18).
وينكر عليهم القرآن الكريم اعتقاداتهم الخاطىء عن الله سبحانه (قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ) (الزخرف/ 81)، فأنا أكفر بقولهم بأنّ لله ولداً، وأنا أوّل العابدين لله أعبده ولا أشرك به شيئاً فهو الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤاً أحد (سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) (الزخرف/ 82)، فتنزّه سبحانه عما يصفون له من أولاد أو من شركاء، فهو تعالى الذي يتنزّه عن ذلك ويملك العظمة التي تعلو فوق ذلك.
- دعهم فسيندمون:
ويتوجه الخطاب إلى رسول الله (ص) (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) (الزخرف/ 83)، قل – يا محمد – كلمتك وأبلغ رسالتك واعمل بكلِّ ما لديك من جهدٍ في سبيل أن ينفتح لهم الطريق على الحق، وإذا لم يسيروا معك، اتركهم يخوضوا في أحاديثهم الباطلة ويلعبوا ويُلْهِهُم الأمل حتى يصلوا إلى يوم القيامة وليس لهم رصيدٌ من عمل ولا أساسٌ من نجاة (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) (الزخرف/ 84)، إذا عشتم في الأرض فاعرفوا أنّ الله معكم يُهيمن عليكم ويرحمكم ويرصدكم ويحاسبكم، وإذا عشتم في السماء فاعرفوا أنّ الله معكم أيضاً، لأنّه سبحانه لا يخلو منه مكان فهو فوق المكان، ولا يخلو منه زمانٌ فهو فوق الزمان (وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) (الزخرف/ 84)، الذي خلق الأشياء ودبّرها بحكمته، فليس هناك شيءٌ إلّا ولله فيه سرٌّ وقانون، وهو العليم الذي يعلم كلّ شيء في الظاهر والباطن (وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (الزخرف/ 85).
المصدر: من عرفان القرآن
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق