• ٢٨ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٩ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الإسلام والأسرة في مجتمع متطور

موسى الصدر

الإسلام والأسرة في مجتمع متطور

◄1-  التطوّر:

إنّ التطوّر هو نتيجة التفاعل المستمر بين الإنسان وبين الكون المحيط به، وليس ناتجاً عن حدوث عنصر جديد في مسرح حياته، ولا عن غياب عنصر عنه.

إنّ الإنسان يبحث فيقرأ سطراً من كتاب الكون فيطّلع على عنصر جديد، أو طاقة جديدة، أو على صفة جديدة في الشيء الذي يعرفه، وعند ذلك يحاول أن يستفيد من علمه الجديد في سبيل تحسين وضعه ليستعمل الجديد، ويطوّر حياته، والكون المحيط به، ويتطوّر هو أيضاً، ثم ينطلق من المرحلة الحياتية الجديدة للبحث عن جديد آخر، وهكذا.

والجديد في حياة الإنسان ينتقل من حقل إلى حقل، فيحصل تفاعل آخر بين مختلف قطاعات حياته، ومنطلقات جديدة للتحرك والتطور.

 

2 ـ الإسلام والتطوّر:

والإسلام دين الفطرة، وشريعة الخلق، فلا يمكن أن يعترف بالجمود بل يدعو للتطوير والتكامل. ويوجّه التطوّر هذا بطريقين:

الأوّل: أنّ بقاء كلام الله (القرآن الكريم) بين الأُمّة، وهو وحي نصاً وروحاً، يعني أنّ أي فهم جديد للقرآن، وفي أي مستوى كان هو صحيح، عندما يحصل حسب القواعد المعتمدة في الكلام، ويمكن اعتماده والتمسك به في تنظيم شؤون الحياة.

وفي كلام الإنسان لا يمكن اعتماد هذه القاعدة، لأنّ الإنسان يعبّر عن مستوى ثقافي معين لا يمكنه تخطيه، ولذلك لا يجوز فهم كلامه إلّا في حدود مستوى ثقافته.

فالخلود والتطور في الإسلام مرهونان بإلهية الكلمات القرآنية، التي تقف متوازية إلى جانب الإنسان والكون، وتقدّم توجيهاً محدداً حسب التفاعل المتجدد في الإنسان والكون. ويمكن استمرار التفاعل بين الإنسان وبين القرآن بالفهم المتجدد بموازاة التفاعل بين الإنسان والكون بالتطوّر.

الثاني: وفي صميم التعاليم الإسلامية أحكام خاصّة لتطوير العقود والأحكام: أمثال الشروط التي يمكن إيرادها ضمن العقود، والتي تغيّر صورتها.

 

3 ـ الأسرة والمجتمع:

إنّ الأسرة تشكّل جانباً مهماً من حياة المجتمع البشري وتتفاعل مع المجتمع بصورة متقابلة فتتأثر بالتطورات الاجتماعية اقتصادية وسكنية وغيرهما، وتؤثر في المجتمع بدورها حيث تنعكس حالات الأسرة وأحداثها على المجتمع الكبير. ولذلك فإنّ دراسة هذا الموضوع لها بُعدان متقابلان: تأثير المجتمع المتطوّر على الأسرة، وتأثير الأسرة على المجتمع.

 

4 ـ الإسلام والأسرة:

في رأي بعض الباحثين إنّ المجتمع في نظر الإسلام يتكوّن من وحدات، وكلّ وحدة هي الأسرة، وليست الفرد. كما إنّ المجتمع ليس الوحدة التي تتجزأ إلى الأفراد أو الأُسر أو الطبقات. والحقيقة إنّ مقام الأسرة وتأثيرها في المجتمع في رأي الإسلام كبير جدّاً حتى عند مَن لا يلتزم بهذا الرأي.

ويكفي إثباتاً لذلك الحديث الشريف: "ما بُني في الإسلام بناء أحب عند الله من الزواج".

 

5 ـ الأسرة في مجتمع متطوّر:

يمكن تحديد المعالم الأساسية للأسرة في مجتمع متطوّر معاصر في النقاط التالية:

الأولى: الحاجات المتزايدة في مختلف شؤون الحياة والتي تتطلب مزيداً من الجهد لأجل تأمينها فيضطر الرجل إلى تطوير عمله أو تغييره، أو النزوح إلى المدينة أو العاصمة أو الهجرة، وتضطر المرأة في بعض الأحيان لأن تعمل.

وهذه العوامل تنعكس بصورة واضحة على حياة الأسرة والعلاقات الأسرية بالإضافة إلى أنّ مجرد تزايد الحاجات أيضاً من عوامل تغيير هذه العلاقات.

إنّ الوقت المطلوب لزيادة النشاط، وغياب الرجل في حالات الهجرة أو النزوح، وتغير الظروف عندما تهاجر أو تنزح الأسرة، وهكذا غياب المرأة عن البيت وبقاؤها في أجواء عملها، واستقلالها المادّي، وغير ذلك من المؤثرات، لها مفعول عميق في العلاقات الأسرية، بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

 

6 ـ العلاقات الأسرية وحركات الشبيبة:

إنّ العلاقات الوالدية تهتز بصورة رهيبة في الظروف المذكورة، حيث إنّ الطفل الذي يشعر بحاجة إلى الرعاية الدائمة المطلقة، يرى نفسه في رعاية بديلة عن الوالدين (من شخص أو مؤسسة) والرعاية هذه تحصل مقابل ثمن ما. أمّا رعاية الأبوين فلا تحصل إلّا في بعض الأوقات وفي حدود معينة.

إنّ الطفل يفتقد في مثل هذه الظروف صفة الإطلاق في والديه، وبالنتيجة يرى الوجود العام المتمثل في وجودهما محدوداً نسبياً وسطحياً.

ويتقلّص مقام الوالدين ومقام الوجود كلّه في نظر الطفل وفي مشاعره. فيراه الطفل محدداً مثمناً، وتهتز العلاقات الوالدية، وتهتز العلاقات بين جيل الطفل والجيل السابق من خلاله. وهكذا نجد تفسيراً للحركات العنيفة التي يمارسها الجيل الصاعد في عصرنا حيث إنّ الأجيال المتعاقبة كان يرتبط بعضها ببعض لا بالرباط الفكري وبالوحدة العقلانية، إذ أنّها كانت دائماً مفقودة، بل إنّ هذا التفاوت في التفكير والمنطق هو السبب الأساسي للتكامل والخروج عن الجمود.

ولكن الجيل الصاعد المغاير منطقياً وعقلياً للجيل الذي سبقه، كان يرتبط به بمشاعر عاطفية متينة حيث كان يجد فيه الإطلاق في العطاء. فكانت الأُم مثالاً للعطاء الدائم الشامل العميق، للعطاء اللامحدود، وكذلك الأب والمعلم والطبيب وغيرهم. وكان الطفل ينمو من خلال هذه الصورة الجذابة عن الحياة وعن الماضي، ينمو الطفل مسحوراً مجتذباً يمتلئ وجوده بمشاعر الحبّ والاحترام، ويرتبط برباط وثيق من الوفاء والشعور بالمسؤولية.

وهذا الترابط العاطفي القلبي إلى جانب التغاير العقلاني، هو الذي يجعل الأولاد مكملين لدور الآباء. إنّهم مجددون، ولكنهم يشكّلون استمراراً لوجود الأجيال السابقة.

وفي الخط الأفقي، حيث العلاقات الزوجية، تظهر المشكلة التي لاحظناها في الخط العمودي وفي العلاقات الوالدية.

إنّ التباعد الزماني والمكاني، والتهاء كلّ من الزوجين بعمله الخاص وبأجوائه الخاصّة، وتقليص العطاء الزوجي بمعناه الشامل، وما يرافق هذه العناصر من تصرّفات وانطباعات، تجعل العلاقات الزوجية مهزوزة، والثقة ضعيفة، والتفاهم قليلاً.

إنّ نمو الفرد في الأسرة بمعزل عن الآخرين، نمواً عقلياً واجتماعياً، يجعل التفاوت بين أفرادها ينمو فتحدث هوة تتعمق باستمرار بين الزوجين أنفسهما وبين الأولاد.

 

7 ـ المشكلة من أساسها:

والحقيقة إنّ المشكلة هذه لا تقف عند حدود العلاقات الوالدية والعلاقت الزوجية، بل تقتحم العلاقات الاجتماعية كلّها فتعطي صورة خاصّة عن المجتمع، تقوم العلاقات بين أفراده على أساس عطاء محدود ومثمن. وتجعل التفاعل بين الأفراد، التفاعل الذي هو حقيقة المجتمع، تجعله تفاعلاً آلياً غير إنساني وبلا روح.

والسبب الحقيقي لهذه المشكلة، هو اعتماد المادّة والمادّية قاعدة لبناء الحضارة، وعزل ما وراء الطبيعة عن التأثير في الحياة كما ارتآه بُناة الحضارة الحديثة.

إنّ المادّة لا يمكن أن تكون مطلقة، ولذلك فالعطاء البشري الذي هو صلته ببني نوعه، والذي هو أساس تكوين مجتمعه، هذا العطاء قائم على أساس مادّي، فهو نسبي ومحدود حيث ينطلق من دافع مادّي ومحدود. فكلّ فرد يقدم لمجتمعه عملاً يتحدد بنسبة الأجر الذي يأخذه من مجتمعه، وبمقدار المنفعة التي تعود إليه.

إنّ هذا المجتمع، يعيش كلّ فرد فيه، غريباً يرتبط مع الآخرين بحسب منافعه المشتركة معهم، فالمجتمع شركة تجارية كبيرة تضم شركات أصغر منها باسم الأسرة والعائلة والطبقة والصداقة والوطن والأُمّة.

وفي هذا المجتمع يصبح التباعد الزماني أو المكاني خطراً على الأسرة، وسبباً لاهتزاز العلاقات، حيث الفتاعل يتقلّص، والمصالح المشتركة تتضاءل من أجل مصالح أخرى مشتركة بين أفراد الأسرة والآخرين.

 

8 ـ رأي الإسلام هنا:

إنّ المجتمع الذي يقترحه الإسلام هو المجتمع الإنساني الحيّ، الذي يرتبط الأفراد فيه بعضهم ببعض من خلال عطاء مطلق لا يُحدد ولا يُثمن.

إنّ العمل هنا رسالة يجب تحقيقها ببذل كلّ ما في طاقة الفرد، فهو قطعة من وجود الإنسان ذابت فتحوّلت إلى العمل.

والعمل حيّ مثل الإنسان، عبادة، لا يمكن تجمديه ولا تثمينه. والمجتمع الذي يتكوّن من هذه الأعمال وهذه العلاقات مجتمع حيّ كمثل الجسم الواحد على حدّ تعبير الحديث الشريف.

والعمل بهذه الصورة ينبغ من الإيمان بالمطلقات وبالقيم التي لا ينفصل الإيمان بها عن الإيمان بالله.

والمؤمن بالله يهدف من خلال عمله إلى هدف أسمى، هو كماله، ولذلك فإنّ عمله هو حركته التكاملية نحو الأفضل، ولا يقصد من خلاله الوصول إلى الأجر الذي يقدمه له مجتمعه بل الأجر هذا هو واجب مجتمعه تجاهه، وليس ثمناً لعمله.

وهنا نشعر بالصورة التي يرسمها الإسلام للمجتمع، إنّه موجود حيّ وواحد متماسك الأجزاء.

ومن خلال صورة المجتمع وتبيّن أدوار جميع الأفراد المطلقة، نتلمس دور الأُمومة والأبوة المطلقة. فنصل إلى علاج المشكلة المطروحة.

إنّ الوالدين اللذين يقومان بدورهما بصورة رسالية ومطلقة، وإلى درجة التفاني في خدمة الطفل ـ الوالدان هذان ـ يغمران مشاعر الطفل ويملآن عقله إيماناً، وقلبه حبّاً، ووجوده رعاية. ويعيش الطفل وينمو في هذا البحر المتدفق مؤمناً ملتزماً مكملاً لرسالة والديه وفياً لعطائهما ولجيلهما.

والزوجان أيضاً يشكّلان وحدة متكاملة خلال العطاء المطلق الرسالي، الذي يقدمه كلّ منهما للآخر، ويقدماه معاً للأولاد.

المهم هو نوعية العطاء، لا حجمه، ولا كميته، فالمشكلة لا تحصل في الأساس..

 

9 ـ وتدابير إسلامية أخرى:

ويضع الإسلام لتطبيق هذا المبدأ أُطراً في باب العلاقات الأسرية، لكي يضمن بقاءها، ويصون الأيديولوجية الاجتماعية العامّة التي بحثنا عنها. فيفرض على الوالدين رعاية الأولاد بشكل الحضانة والولاية والتربية، ويؤكد أنّ تربية الطفل تعادل رسالة الإنسان في حياته حيث يكون الفرد من خلال تربية طفله مثالاً لنفسه يحمل الرسالة، ويوجب على الولد الإحسان والاحترام بالنسبة إلى والديه. ويعتبر بيت المرأة مسجدها، وحُسن التبعل جهادها، ويعطي لعملها في البيت ولخدمة أولادها وزوجها طابع القداسة وعنوان السجود وثواب الجهاد.

ويحثّ الإسلام تشجيع الأُم في العطاء حتى يعتبر أنّ "الجنّة تحت أقدام الأُمهات".

ويضيف تعاليم لتنظيم العلاقات وتحديد واجبات الرجل تّجاه المرأة، ويكرّس هذا كلّه بفرض نفقة الزوج دائماً، ونفقة الوالد على الولد، والعكس في حالة احتياج أحدهما إلى الآخر.

 

10 ـ والنقطة الثانية مشكلة الجنس:

إنّ الرغبة في كسب المزيد من الأرباح في المجتمعات الحديثة تدفع إلى نشاطات تجارية واسعة النطاق تعجل بتطوير المجتمعات وتطوير الأسرة.

وتعتمد النشاطات المتنوّعة المذكورة لكسب المزيد من الزبائن، تعتمد على عنصر الإثارة الجنسية، وتستعمل كافة الوسائل العلمية لتحريكها وتنميتها. ولذلك نجد بوضوح في الأفلام والمسرحيات وكافة وسائل الإعلام وفي كثير من النشرات، نجد التركيز على جانب الجنس.

وفي مختلف أنواع التجارة أيضاً، يستعمل الجنس لاجتذاب المشترين، أو للدعاية والإعلانات؛ والأزياء المعاصرة كذلك تعتمد على الجنس بصورة أساسية.

إنّ هذه الوسائل التي تلعب دوراً كبيراً في تطوير الحياة الأسرية بمختلف جوانبها، هي أيضاً تخلق هزات عنيفة واضطرابات وأنواعاً من الفوضى في العلاقات الجنسية بين الزوجين، تلك العلاقت التي تشكّل عنصراً مهماً في الحياة العائلية وثباتها، وفي تكوين الوحدة المتكاملة خلالها، وإنّ هذه الاضطرابات تترك أثراً عنيفاً في كيان الأسرة وفي وهن دعائمها.

ومن ناحية أخرى، يؤثر هذا المناخ الشامل في النضوج المبكر للأولاد من هذه الناحية، ويجعلها تنمو بسرعة على حساب سائر الكفاءات. وهذا الوضع بدوره يؤثر على العلاقات الوالدية والانسجام العائلي. كما يؤثر أيضاً على عزوف الفتيان والفتيات عن الزواج، حيث إنّ الأعباء الثقيلة التي يتطلّبها الزواج من جانب، والاكتفاء الجنسي لوجود مناخ مناسب من جانب آخر، والاستهلاك للكثير من الطاقات الجنسية خلال العشرة العابرة من جهة ثالثة، كلّ هذا يحول دون رغبة الفتيان والفتيات في الزواج.

ويزيد في تعقيدات الأحاسيس الجنسية، والعلاقات المعتمدة عليها، نمو وسائل ارتباطها وكثرتها، وتعاظم اللقاءات وتوسعتها، واختلاطها، وتعميمها، والمنافسات الطبيعية التي تتكون خلالها.

 

11 ـ وعلاج المشكلة في رأي الإسلام:

إنّ الإسلام وضع مخططاً شاملاً لمعاجلة هذه المشكلة ولمواجهتها، وبإمكان هذا المخطط أن يصون أيضاً الأسرة ضمن المجتمع المتطور مع إبقائها متفاعلة معه. والتخطيط هذا يعتمد الأصول الآتي ذكرها:

أوّلاً: التربية الإسلامية منذ الطفولة تعتمد على تنمية مشاعر الطفل الجمالية وتوجيهها نحو الجمال الكوني المتجلي في الموجودات، ونحو الجمال المعنوي البارز في الخدمات والترفع، وهذه المحاولة ظاهرة في القرآن الكريم: (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرْضِ زِينَةً لَهَا) (الكهف/ 7)، (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ) (الصافات/ 6)، وهذه التربية تساعد على بقاء الغريزة الجنسية بحجمها العادي.

ثانياً: منع المرأة من الإثارة بجميع أنواعها: نطقاً (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) (الأحزاب/ 32) ومشياً (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ) (النور/ 31)، وجسماً (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) (النور/ 31).

ثالثاً: الحدود الموضوعة في العلاقات بين الرجل والمرأة (الأجنبيان) مثل غض البصر، وعدم العشرة الحميمة، والمغازلة، والتلذذ، والريبة.

رابعاً: صيانة الأسرة عن عبث الآخرين، واعتبار العبث هذا من أهم المعاصي، ففي الحديث: "ما بُني في الإسلام بناء أحب عند الله من الزواج". والمفهوم المخالف لهذا الحديث حول موقف الهادم منه هو المطلوب هنا.

خامساً: الحض على الإسراع بالزواج واعتباره احرازاً لنصف الدين.

 

12 ـ وقواعد إسلامية لتطوير الأسرة:

وعلينا أن نذكر أحكاماً تخصّ الأسرة وتساعدها على بقائها سعيدة ضمن المجتمع المتطور:

لا مانع إطلاقاً من عمل المرأة في الإسلام.

لا يجب على المرأة التطوّع لخدمة البيت وتقديم الخدمات للطفل أو الزوج.

إنّ المرأة لا تجبر على الزواج، فلها أن تختار الحياة العامّة. ولكنّها عندما تختار حياة الأسرة، فعليها أن تتقن العمل، وتؤدي الرسالة، لأنّها التزمت بها. وهنا يمكننا أن نضيف شرطاً يجوز للمرأة أن تعمل عند توفيره، وهو عدم تأثير العمل على مهمات المرأة الأسرية.

تأمين السكن المنفصل من واجبات الزوج، ويعد جزءاً من الإنفاق اللازم عليه، وتأثير السكن على وضع الأسرة وتطويرها واضح.

يجوز تحديد النسل برضا الزوجين، فإنّهما الوحيدان الصالحان لتحديد حجم العائلة.

ويمكن تطوير صورة الزواج، ومواقع الطلاق، وأوضاع الحضانة، وتفاصيل الحياة الزوجية، يمكن تطوير هذه كلّها من خلال الشروط الواردة ضمن العقد. فبالإمكان لأحد الزوجين وضع تفاصيل عن السكن والإنفاق والعلاقات المتنوّعة بينهما، مما يتناسب مع مصالح تطوّر الأسرة ووضعها ضمن العقد.

وبإمكان المرأة أن تضع شرطاً ضمن العقد يحدد صلاحيات الرجل في الطلاق وذلك عن طريق ذكر شرط فرض نفقات أو دفع مبالغ عندما يبادر إلى الطلاق بغير سبب مُبرر، ومن الممكن اعتماد المحكمة أو لجنة التحكيم لتمييز السبب المبرر. وبإمكانها أيضاً أن تطلب الوكالة في الطلاق للمحكمة، أو للجنة التحكيم، في حالات مختلفة.

وبالإمكان تحديد إدارة شؤون الطفل بعد الطلاق عن طريق شروط ضمن العقد بدلاً عن الحضانة التقليدية. كما يمكن تنظيم الشؤون المالية المشتركة، وتصفية محتويات البيت عند الانفصال.

ولتنظيم كلّ هذه الشؤون يمكن للمؤسسات المسؤولة، أن تدرس أوضاع الأُسر، وكيفية تنظيمها في الظروف الاجتماعية المتنوّعة، وتضع نماذج لعقود الزواج، تقرر عند إجراء الصيغة لكي يتمكن الزوجان من معرفة حقوقهما والاستفادة من هذه الحقوق عن طريق ذكر الشروط ضمن العقد.

وهنا نصل إلى نتيجة مهمّة، وهي أنّ الوضع القانوني للأسرة في مختلف الظروف والأحوال يمكن تنظيمه من خلال الأحكام الفقهية الإسلامية، وذلك لكي لا تخرج الأسرة ـ ضمن حركة التطوير في المجتمع ـ عن إطارها الصحيح فتضيع الحقوق.►

 

المصدر: كتاب الإسلام وتنظيم الأسرة

ارسال التعليق

Top