يرتفع الإسلام بالروابط الإنسانية إلى منزلة الأخوة المأخوذة من وحدة النسب، ووحدة الدين، فيكتسب الإخاء حقوقاً يستوثقها الأخ على أخيه، من مكنونات الإنسانية، وعهود الدين. والمسلم القرآني مسؤول عن صيانة – الإخاء – صيانةً لتعاليم القرآن وسنّة الرسول (ص).
وفي أصول الكافي، بإسناده عن علي بن عقبة عن أبي عبدالله عليه السلام، قال: "المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله، لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشّه ولا يعده عدة، فيخلفه"[1].
وتكاد أخوة الإيمان أن تكون اصطفاء من الله سبحانه لعباده المؤمنين: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الحجرات/ 10)، ولم تنفصم عروة هذا الإخاء، إلا عند فتنة من إشاعة كاذبة، أو فتنة من بغي ظالم، أو فتنة من خصومات الوعي التطبيقي للدين. وقد نهى القرآن الكريم مجتمع الإيمان عن الاندفاع نحو أيّة فتنة تفكك بنيان وحدته، أو تخطف روح العدل والرحمة والتقوى من بنيان وجوده.
والمبدأ العام الذي تعمل عليه هداية القرآن، هو ألا ينتهي الاختلاف بين الناس إلى اختلاف على الدين، وفي الدين. ولعل ذلك ما أكسب سورة الحجرات أهميتها التي انتظمت عليها قواعد الإخاء، والوحدة، والمساواة؛ بحيث يتّقي المسلم مزالق العبث بشيء من مقاصد التربية القرآنية؛ على أدب علاقة الأُمّة بقيادتها، وأدب علاقاتها المترابطة في ما بينها على ميزان العدالة، والإصلاح. ولنلحظ جيداً آية (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الحجرات/ 9).
"صحيح أنّ كلمة اقتتلوا مشتقة من مادة القتال ومعناه: الحرب، إلا إنها تشمل أي نوع من أنواع النزاع، كما تشهد بذلك القرائن، وإن لم يصل إلى مرحلة القتال، والمواجهة العسكرية. ويؤيد هذا المعنى أيضاً بعض ما نُقل في شأن نزول الآية"[2].
إنّ ظلم المؤمن للمؤمن أشدّ إيلاماً من أيّ ظلم؛ لأنّه يتعدى ظلم الجسد إلى ظلم الروح. في ما يظهر من حديث الإمام جعفر بن محمد بن الصادق (ع): "المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد، إذا اشتكى شيئاً منه، وجد ألم ذلك في سائر جسده وأرواحهما من روح واحدة"[3]. وفي الحديث النبوي الشريف: "للمسلم على أخيه ثلاثون حقاً لا براءة له منها إلا بالأداء أو العفو.. (منها) أن ينصره ظالماً ومظلوماً؛ فأما نصرته ظالماً فيردّه عن ظلمه، وأما نصرته مظلوماً فيعينه على أخذ حقّه، ولا يسلمه ولا يخذله. ويحب له من الخير ما يحب لنفسه، ويكره له من الشرّ ما يكره لنفسه"[4].
وقد اختلف المفسرون على تفسير آية القتال بين المؤمنين، فذهب بعضهم[5] إلى أن حكم هؤلاء البغاة منفصل عن حكم الطائفة التي تبغي على إمام زمانها؛ لأنّ لهذه الطائفة أحكاماً أشدّ وأصعب، واردة في كتاب الجهاد من الفقه الإسلامي، واستخلص آخرون من الآية نفسها أنّ الأصل في نظام الأُمّة المسلمة؛ أن يكون للمسلمين في أنحاء الأرض إمامة واحدة، وأنّه إذا بويع إمام، وجب قتل الثاني، واعتباره ومن معه فئة باغية، يقاتلها المؤمنون مع الإمام.
"وعلى هذا الأصل قام الإمام علي (ع) بقتال البغاة في وقعة الجمل، وفي واقعة صفين، وقام معه بقتالهم أجلاء الصحابة. وقد تخلف بعضهم عن المعركة؛ إما لأنهم لم يتبيّنوا وجه الحقّ في الموقف في حينه، فاعتبروها فتنة. وإما لأنهم – كما يقول الجصاص – "ربما رأوا الإمام مكتفياً بمن معه، مستغنياً عنهم بأصحابه، فاستجازوا القعود عنه لذلك. والاحتمال الأوّل أرجح، تدل عليه بعض أقوالهم المروية، كما يدل عليه ما روي عن ابن عمر (رض) في ندمه في ما بعد، على أنّه لم يقاتل مع الإمام"[6].
غير أن ما ورد في شأن نزول الآية في الخلاف بين قبيلتي الأوس والخزرج – كما في مجمع البيان – أو في الخلاف بين نفرين من الأنصار، تغالب أحدهما على أخيه بأخذ حقّه منه بالقوة؛ لأنّ قبيلته أكثر فامتد النزاع إلى قبيلتين من الأنصار – كما في تفسير القرطبي – تفيد واجب الإصلاح بين المتنازعين، فإن بغت إحداهما على الأخرى قُوتلت، فإن تحقيق مطلب العدالة الاجتماعية أن يُردع الظالم عن ظلمه، وإن كان ثمنه مقاتلة الظالم، إلا أنّ ثمن العدالة أغلى من دم المسلمين؛ على حدّ تعبير صاحب الأمثل في تفسيره.
"قال القاضي أبو بكر بن العزيّ: هذه الآية أصل في قتال المسلمين، والعمدة في حرب المتأولين، وعليها عوّل الصحابة، وإليها لجأ الأعيان من أهل الملّة، وإيّها عنى النبي (ص)، بقوله: "تقتلك يا عمار، الفئة الباغية". وقوله (ص) في شأن الخوارج أنهم يخرجون على خير فرقة أو على حين فرقة. والرواية الأولى أصح؛ لقوله (ص) تقتلهم أولى الطائفتين إلى الحقّ، وكان الذي قتلهم علي بن أبي طالب، ومن كان معه. فتقرر عند علماء المسلمين، وثبت بدليل الدين أنّ علياً (ع) كان إماماً، وأنّ كل من خرج عليه باغٍ، وأن قتال الباغي واجب، حتى يفيء إلى الحق، وينقاد إلى الصلح.
لأنّ عثمان (رض) قُتل، والصحابة براء من دمه؛ لأنّه منع من قتال من ثار عليه، وقال: "لا أكون أول من خلف رسول الله (ص) في أمته بالقتل، فصبر على البلاء واستسلم للمحنة، وفدى بنفسه الأُمّة.
ثمّ لم يكنْ ترك الناس سدى، فعُرضت على باقي الصحابة الذين ذكرهم عمر (رض) في الشورى، وتدافعوها، وكان علي (ع) أحقّ بها وأهلها. فقبلها حوطة[7] على الأُمة أن تسفك دماؤها بالتهارج والباطل، أو ينحرف أمرها إلى ما يتحصل، فربما تغيّر الدين، وانقضَّ عمود الإسلام.
فلما بويع له، طلب أهل الشام في شرط البيعة التمكن من قَتلة عثمان (رض)، وأخذ القَوَرِ منهم، فقال لهم علي (ع): "ادخلوا في البيعة واطلبوا الحقّ، وتصلوا إليه. فقالوا: لا تستحق بيعة وقتَلة عثمان معك، تراهم صباحاً ومساءً، فكان علي في ذلك أسدّ رأياً، وأصوب قيلا؛ لأنّ علياً لو تعاطى القود منهم، لتعصبت لهم قبائل وصارت حرباً ثالثة، فانتظر بهم أن يستوثق الأمر، وتنعقد البيعة، ويقع الطلب من الأولياء في مجلس الحكم، فيجري القضاء بالحق. ولا خلاف بين الأُمة، أنّه يجوز للإمام تأخير القصاص، إذا أدّى إلى إثارة الفتنة أو تشتيت الكلمة"[8].
ويرى الفخر الرازي في تفسيره، بأنّ قوله تعالى في الآية "وإن"، إشارة إلى ندرة وقوع القتال بين طوائف المسلمين. فإن قيل فنحن نرى أنهم أكثر الاقتتال بين طوائفهم، نقول قوله تعالى "وإن"، إشارة إلى أنّه ينبغي أن لا يقع إلا نادراً، غاية ما في الباب أنّ الأمر على خلاف ما ينبغي.
ويربط الفخر الرازي بين فتنة الإشاعة الكاذبة وفتنة البغي والظلم، بقوله: "لما حذّر الله المؤمنين من النبأ الصادر من الفاسق، أشار إلى ما يلزم منه استدراكاً لما يفوت، فقال فإن اتفق أنكم تبنون على قول من يوقع بينكم، وآل الأمر إلى اقتتال طائفتين من المؤمنين، أزيلوا ما أثبته ذلك الفاسق، وأصلحوا بينهما: (فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي) (الحجرات/ 9)؛ أي الظالم يجب عليكم دفعه عن المظلوم. ثمّ إنّ الظالم، إن كان هو الرعية، فالواجب على الأمير دفعهم، وإن كان هو الأمير فالواجب على المسلمين منه، بالنصيحة فما فوقها. وشرطه أن لا يثير فتنة مثل التي في اقتتال الطائفتين أو أشدّ منها"[9].
وما من شك في أنّ إقرار المبدأ العام للعدالة والصلح؛ ينطوي في مضمونه على أنّ الخصومة بين المؤمنين هي خصومة طارئة، لا يجدر بها أن تتحول إلى عداوة دائمة؛ لأنّ العدو في بيان النهج القرآني هو الشيطان: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا) (فاطر/ 6). ولذلك تلي الآية بتذكيرهم بميثاق الأخوة – لأنّ أساس الإيمان أن تقوم روابطه على الإخاء، ولا أساس لإيمان يقوم على التسافه والعداء. وبذلك قال بعض أهل اللغة: الإخوة جمع الأخ من النسب، الإخوان، جمع الأخ من الصداقة. قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات/ 10). تأكيداً للأمر وإشارة إلى أن ما بينهم، ما بين الإخوة من النسب والإسلام؛ كالأب، فقال قائلتهم أبي الإسلام. لا أب لي سواه، إذا افتخروا بقيس أو تميم.
وعندي أنّ المسلم يخسر نسبه عند قتال أخيه المسلم، كما يخسر المؤمن خصائص إيمانه عند وقوعه في أي فتنة من فتن التشاجر بالقتال؛ لإرشاد الحديث النبوي في صفة المسلم والمؤمن بأنّ: "المسلم من سلم الناس من يده ولسانه"، "والمؤمن من يأمن جاره بوائقه". هذا ما أعدّه النبي (ص) لرفع الغطاء الديني عن كل وجه، يعلن الحق ويستتر بالباطل.
والمتوسع في دراسته لآية القتال بين المؤمنين يدرك أهمية الاحتكام إلى مرجعية الكتاب، والسنّة؛ لتنقطع نوازع الشرّ، وتبطل نزعات العدوان والبغضاء بين أسرة الإيمان الواحدة، حتى ولو اضطر الأمر إلى التضحية بالحقوق الخاصة؛ لصالح القيم العليا لسلامة وحدة الدين، ووحدة الأُمّة.
ومن روائع أمثلة التاريخ موقف الإمام الحسن بن علي (ع) من فتن البغي والظلم: "فقد رأى الحسن (ع) أن يترك معاوية لجهالاته، ويمتحنه بما يصبو إليه من الملك؛ لكنه أخذ عليه في عقد الصلح أن لا يعدو الكتاب والسنّة في شيء من سيرته، وسيرة أعوانه ومقوية سلطانه". إلى غير ذلك من الشروط التي كان الحسن عالماً بأنّ معاوية لا يفي له بشيء منها، وأنّه سيقوم بنقائضها. "وقد أخذ الإمام هذه الخطة من صلح الحديبية، في ما أُثِر من سياسة جده (ص)، وله فيه أسوة حسنة، إذ أنكر عليه بعض الخاصة من أصحابه، كما أنكر على الحسن صلح ساباط، بعض الخاصة من أوليائه، فلم يهن بذلك عزمه ولا ضاق به ذرعه. وقد ترك في هذه الخطة نموذجاً، صاغ به الأئمة من أهل البيت (ع) سياستهم الحكيمة في توجيهها الهادئ الرصين، كلما اعصوصب الشرّ. فهي جزء من سياستهم الهاشمية، الدائرة على نصرة الحقّ، لا على الانتصار للذات في ما تأخذ أو تدع"[10]. وهي من قبل ومن بعد جزء من منهج القرآن الكريم في دعوته للسلام مع غير المسلم: (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلا) (النساء/ 90).
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً) (البقرة/ 208).
(وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) (الأنفال/ 61).
(فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ) (المائدة/ 39).
فإذا كان خيار السلام والصلح في علاقة الأُمّة بذاتها مشروطاً بتحقيق مصالحها؛ في تطبيق العدالة المفتوحة على أخلاق العفو والصفح والإيثار، فإن خيار السلام في علاقة الأُمة مع أعدائها يجب أن يستيقظ على موجبات العدالة المفتوحة على أخلاق الحذر من العدو؛ في زمن بات فيه السلام شعاراً، يخفي وراءه مكر الخديعة وكيد الغدر.
ونستخرص من سورة الحجرات منهاجاً اجتماعياً وسياسياً وأخلاقياً، يحمل جانباً من القيم التي تحمي المجتمع المؤمن، وغير المؤمن؛ من شرور الفتنة والبغي والقتال. والقرآن خليق بهذه التربية، أن يشيع في كل مجتمع إنساني سلام الوفاء للكرامة الإنسانية الذي يريح الناس كل الناس، من آثام العنصرية، وغلواء البغضاء، وريب الظنون. ولنا أن نقرأ من تلك الآيات إلحاح القرآن فيها على نقاء العقل، والقلب، والنفس، والضمير؛ لكي تعصم الإنسانية من السقوط. وبوصلة الطهر إلى البر والخير، وخالصة التقوى أن نبحث بين دار الكفر ودار الإسلام عن دار التقوى، والأخلاق؛ على هدف التأسيس القرآني لجغرافيا القيم والعدالة وصدق الإيمان بالعمل الصالح:
(لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) (البقرة/ 177).
"وما من شك في أنّ القلب إذا غطاه حب الذات، والتعصب القومي الجاهلي، فلن يكون فيه مكان لنور الإيمان، ولا موضع للاختلاء مع الله ذي الجلال تعالى... إنّ ذلك الإنسان الذي تظهر في قلبه تجليات نور الإيمان والمعرفة، هو ذلك الإنسان الذي يلتزم بالقواعد الدينية، وتكون ذمته مرهونة لدى القوانين العقلية، ويتحرك بأمر من العقل والشرع"[11] كما ورد في الحديث الشريف عن الإمام أمير المؤمنين (ع): "إنّ الله سبحانه يعذب طوائف ستة بأمور ستّة: أهل البوادي بالعصبية، وأهل القرى بالكبر، والأمراء بالظلم، والفقهاء بالحسد، والتجار بالخيانة، وأهل الرساتيق بالجهل".
وعلى الرغم من معالجة القرآن الكريم لإشكالات العداوة والنزاع بين المؤمنين فقد حرص كأشد ما يكون الحرص على تأكيد نواظم الأمن الاجتماعي بعقد الإخاء بمفهوم إنساني يربط الناس كل الناس بوحدة النشأة الأولى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) (النساء/ 1)، على أواصر وحدة النشأة والإخاء الإنساني ستظهر وحدة – المساواة – بين البشر وثيقة الصلة بوحدة المصير.. ومن هنا جاءت مضامين الآيات الأخلاقية في القرآن الكريم إرشاداً إلى تحصين واقع هذه الأخوة من كل سلوك ناشز يفسد العلاقات الاجتماعية ويصرفها عن جوهر الغاية من ميثاق الله وعهده وإذا كان الأصل في – الإخاء – والأخوة – بمصطلحها اللغوي هو المشاركة في وحدة الانتماء لعرق أو دين أو قبيلة فإنّ وشائح الإخاء الإنساني ستظل مهمومة بأقدس وعي لتحقيق معنى هذه المشاركة في ملازمة التوحيد والأخلاق.
الهوامش:
[1]- محمد بن يعقوب الكليني، أصول الكافي، دار الكتب الإسلامية، طهران، الجزء الثاني.
[2]- الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، الأمثل في تفسير القرآن، الطبعة الأولى، مؤسسة البعثة، بيروت، 1413هـ-1992م. المجلد16.
[3]- الكليني، أصول الكافي، مصدر سابق، باب (أخوة المؤمنين بعضهم لبعض).
[4]- العلامة المجلسي، بحار الأنوار. مرجع سابق، الجزء 74.
[5]- راجع: كنز العرفان في فقه القرآن، كتاب الجهاد، باب (انواع آخر من الجهاد)، الجزء الأوّل.
[6]- سيد قطب، في ظلال القرآن، الطبعة السابعة، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1391هـ - 1971م، الجزء 23.
[7]- الحوطة والحيطة: الاحتياط.
[8]- القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مراجعة الدكتور محمد إبراهيم الحفناوي؛ والدكتور محمد حامد عثمان، دار الحديث، القاهرة، 1424هـ - 2002م. المجلد الثامن، الجزء الخامس عشر.
[9]- الفخر الرازي: التفسير الكبير، إشراف مكتب الدراسات والتوثيق في دار الفكر، دار الفكر للنشر، بيروت، 1425هـ - 2005م. المجلد العاشر، الأجزاء (28-29).
[10]- راجع: الشيخ راضي آل ياسين، صلح الحسن للإمام، الطبعة الأولى، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، 1412هـ - 1992م. تصدير الإمام شرف الدين.
[11]- الإمام روح الله الخميني، الأربعون حديثاً، تعريب السيد محمد الغروي، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، 1996م، ص174 و175.
المصدر: كتاب إجتماعيات الدين والتديُّن (دراسات في النظرية الاجتماعية الإسلامية)
ارسال التعليق