• ٢٨ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٩ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

حاكميَّة الله (The rule of God)

د. كميل الحاج

حاكميَّة الله (The rule of God)

مُصطلح من مصطلحات الإسلام السياسي، وقد قال به (سيِّد قطب) وأخذه عن أبي الأعلى المودوديّ. وقد أراد قطب من وضع هذا "المُصطلح" أن يقطع كل علاقة للإسلام بالفكر السياسي الحديث، الذي يعتبر الأُمّة والشعب مصدر التشريع والسيادة، من جهة... ومع نظرية الأفغاني وعبده الإصلاحيّة، التي قرنت بين المفهوم الدُّستوري الحديث للسُّلطات وبين نظرية الشورى الإسلامية، من جهة أُخرى.
وتقوم الحاكمية على مفهومي "الاستخلاف" و"الوحدانيَّة" الإسلاميِّين. فالاستخلاف لا يجعل الإنسان مالكاً حقيقيّاً ولا مشرِّعاً أصليّاً ولا حاكماً لذاته، بل ترجع كلُّ هذه الصفات إلى الله وحده، الذي ضمَّنها شريعته، وعلى الناس أن يتصرَّفوا بموجبها. أمّا مفهوم الوحدانيّة، فليس هو مجرَّد مبحث في علم التوحيد، بل هو الأساس الذي يجب أن تقوم عليه الدولة الإسلامية، باعتبار أنّ الأرض كلها لله، وهو المتصرِّف الوحيد فيها. فالأمر والحكم والتشريع كلُّها مختصّة به وحده، وليس لفرد أو أُسرة أو طبقة أو شعب أو حكومة أيّة سلطة في الحكم والتشريع، إذ لا مجال في حظيرة الإسلام ودائرة نفوذه إلا لدولة يقوم فيها المرء بوظيفته كخليفة لله. لذلك، فإنّ أيّة رؤية تجعل الإسلام أساساً روحياً وأخلاقياً عاماً فقط، تاركة للعقل البشري حرِّية التعامل مع قضايا العالم الأرضي والعالم الآخر، هي رؤية مرفوضة في نظر الإسلام السياسي. لأنّ على من يقبل مسلَّمات الإسلام أن يرى الكون وحركة التاريخ والمجتمع من خلالها وحدها، وأن يقبل ما يترتّب على هذه المُسلَّمات من نتائج. فالمُسلَّمة الأولى الأساسية، التي هي الإيمان بالله الواحد، كُلِّيّ العبادة، يترتَّب عليها الإقرار "بالحاكميَّة"، أي إنّ الحُكْمَ لله في كلِّ شيء، من خلال ما أنزله في كتابه: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) (المائدة/ 44).

المصدر: كتاب الموسوعة الميسّرة في الفكر الفلسفي الاجتماعي

ارسال التعليق

Top