• ٣ أيار/مايو ٢٠٢٤ | ٢٤ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

لحم الخنزير والصحّة

د. هانس هاينرش ريكفيغ

لحم الخنزير والصحّة

◄طلب مني أن أكتب بشكل موضوعي مبسط عن أضرار لحم الخنزير، وبمعنى آخر عن العوامل السمّية الموجودة فيه، إضافة إلى ما يحتويه من عوامل ضارة بالصحة. وهذا الموضوع على أهميته غير معروف كمشكلة يجب حلها في أوروبا الغربية، وكنت أخشى أن يثير الاقتصاديون في وجهي موجة من العداء في وسائل الإعلام بالنظر إلى النتائج السلبية المتوقعة لديهم إثر هذا الكشف العلمي الجديد والخطير.

لذلك أحاول أن أبين باختصار كيف أنّ الإنسان يضمن لصحته السلامة، وبدون حدوث نكسات، إذا امتنع عن العوامل المجهدة السمّية لجسمه، بانتقاء غذائه على الشكل الحيوي الأمثل، وهذا لا يكون إلا إذا امتنع امتناعاً تحريمياً عن أكل لحم الخنزير.

وهنا لابدّ أن أشير إلى التراث القديم للأُمم وخاصة بلاد العرب، حيث كان للتعاليم التي أرساها النبيّ محمّد (ص) والنبيّ موسى (ع)، أكبر الأثر في التزام المسلمين واليهود لوصاياهم، والتي تعتمد على الالتزام بقوانين الله الطبيعية، فما حلله الله فهو حلال، وما حرّمه الله فهو حرام.

يؤثر الاعتياد على تناول لحم الخنزير تأثيراً خطراً على متناوليه في المناطق المدارية، فمن المعروف أنّه في أفريقيا يعيش المسلمون وغير المسلمين في ظروف مناخية واحدة، مع الأخذ بعين الاعتبار تأثر غير المسلمين بالحضارة الغربية، وبالمقارنة، نجد أنّ الشعوب الإسلامية تعيش في صحة جيِّدة، نظراً لأنّ لحم الخنزير محرّم في شريعتها، بينما الشعوب الأخرى، والتي تعتمد على الغرب في برنامجها الغذائي، تصاب بأمراض مرتبطة كلّ الارتباط بتناولها للحم الخنزير.

ورغم محاولات القساوسة للوصول إلى لحم خنزير جيِّد حيث أمروا أتباعهم باتباع وسائل النظافة والتعقيم الحديثة في تربية الخنزير، للقضاء على ما يحويه لحم الخنزير من ديدان (Trichinose) "داء الشعرات" فإنّ تلك الجهود ذهبت دون طائل وبلا نجاح.

  لحم الخنزير وتأثيراته:

في أثناء الحملة العسكرية الألمانية في الحرب العالمية الثانية على شمال أفريقيا، مرض الكثير من الجنود الألمان بمرض يدعى "التقرحات الوعائية المدارية"، وهي تعني تقرحات وعائية تظهر على الساقين، مما أقعدهم عن متابعة القتال، واضطرت القيادة العسكرية إلى تحويلهم إلى المشافي العسكرية، ولكن دون جدوى.

فقد بقي الجنود عاجزين عن متابعة القتال، فضلاً عن الآلام الناتجة عن تلك التقرّحات، ثمّ خطرت لأحد الزملاء الأطباء فكرة تحتمل أن تكون لتلك التقرحات علاقة بالأغذية التي يتناولها الجنود، والتي جلبها الجيش معه من ألمانيا، والتي يشكّل لحم الخنزير القسم الكبير منها؟ ولماذا لا يجد هذا المرض طريقه إلى السكان المحليين، والذين يدينون بالإسلام؟ فسارع إلى استبدال نوعية الطعام بطعام خال من لحم الخنزير، أي من أطعمة السكان المسلمين المحليين. لقد كانت النتائج باهرة، ففي فترة زمنية قصيرة جدّاً شفي هؤلاء الجنود، وكأن شيئاً لم يكن.

  تجاربي الطبية:

لقد تعلمت الكثير من التجارب التي مرّ بها الشعب الألماني في تغذيته خلال الحرب العالمية الثانية وما بعدها. في تلك الفترة اختفى لحم الخنزير من برنامجه الغذائي، وقد لاحظت في تلك الفترة، اختفاء التهابات الزائدة الدودية وأمراض المرارة والروماتيزم، واحتشاء العضلة القلبية، وتصلب الشرياني، اللهم إلا عند الأغنياء الذين كانوا يذبحون بين آونة وأخرى خنزيراً للمؤونة البيتية.

إلا أنّه ما أن أتى عام 1948 حتى بدأ الإصلاح النقدي ومعه بدأ الانتعاش الاقتصادي، وما تلاه من توفر للحم الخنزير وشحمه بصورة مباشرة للمستهلك الألماني. عندها تغيرت الحالة الصحية فعادت الأمراض للظهور.

وقد نشرت عام 1952 في المجلة الأسبوعية الطبية في ميونخ أوّل بحث عن العامل السمّي للإنسان، الموجود في لحم الخنزير. ومع تزايد معرفتي في السنوات التالية. استطعت أن أُعْزي كثيراً من الأمراض، مثل التهابات المفاصل والتنكس المفصلي، عند كثير من الناس إلى الانتشار الواسع لأكل لحم الخنزير. إضافة إلى بعض الأمراض الخاصة كالضائعات البيضاء عند النساء، النواسير القيحية المزمنة.

ولقد أدّى إدخال المرضى المصابين بهذه الأمراض في مصحات خاصة مع حمية صارمة خالية من لحم الخنزير والسجق واللحوم المحضرة من لحم الخنزير، إضافة إلى مستحضرات طبية بسيطة، إلى شفائهم من تلك النواسير.

  محاولات التغذية:

وفي تجارب قمت بها على ثلاثين من الفئران البيضاء غُذيت بغذاء مأخوذ من لحم الخنزير، وتبيّن لي أنّه ظهر فيها بعد أشهر – أو بالأحرى بعد قرابة عام – سرطانات في مواقع مختلفة من جسمها، إضافة إلى انتشار الأمراض الجلدية المختلفة. وبالمقارنة، فإنّ الفئران التي غذيت غذاء طبيعياً خالياً من لحم الخنزير، لم يظهر عندها الميل إلى الافتراس، وكان ظهور الأورام لديها أقل بكثير من نظيراتها. كذلك وجدت أنّ إطعام الكلاب البوليسية لحم الخنزير يؤدي إلى إصابتها بالأمراض الجلدية كالجرب الجلدي، الحكات الجلدية مع احتمال إصابتها بأورام داخلية خبيثة. كذلك فإنّ مالكي أحواض السمك ينبهون إلى أنّه إذا أدخل لحم الخنزير في طعام الأسماك فسيؤدي إلى إبادتها خلال أيام.

  لحم الخنزير وتأثيره السمي على الإنسان:

لقد استخلصت من دراساتي وتجاربي بأنّ لحم الخنزير يمكن أن يعتبر العنصر الهام والأكثر سمّية للإنسان. فهو يؤثر على مقاومة الجسم الإنساني ويعرضه لمختلف الأمراض. فمعظم أجزاء لحم الخنزير تؤثر تأثيراً ساماً، وتعتبر من العوامل المجهدة والممرضة للجسم البشري.

إنّ من يتغذى بدهون الخنزير، يُرى في دمه كميات هائلة من الدهون الخنزيرية، وهي عبارة عن جزئيات كبيرة الذرة، وهذه الجزئيات الكبيرة الذرة، هي المسؤولة عن التطور والنشوء السريع لتصلب الشرايين، وارتفاع ضغط الدم، واحميرار الدم واضطرابات التروية، في مختلف الأنسجة وعلى الأخص في الغدد، وتضيق وتكلس شرايين القلب. لقد ظهر فيما بعد أنّ الأغذية كثيرة الدهون تتعب الأنسجة الضامة بشكل كبير. فإذا أضيف إلى ذلك الشدات النفسية، وعوامل الإجهاد الأخرى، فإنّ ذلك قد يؤدي إلى حالات صعبة مستعصية في سيرها، وقد تؤدي إلى الموت.

  العوامل الممرضة في لحم الخنزير خاصّة:

1- يحتوي لحم الخنزير على الكثير من الدهون. حتى أنّ ما يسمونه بلحم الخنزير قليل الدهن، يحوي في الواقع على أدهان بكمية كبيرة. فالخلايا الداخلية للخنزير تحتوي على كمية دهون كبيرة إضافة إلى تواجد الشحوم خارج الخلايا في الأنسجمة الضامة بكثافة عالية، على العكس من لحوم الحيوانات الأخرى كالبقر والخرفان وغيرها حيث تتواجد الشحوم بكميات معتدلة في الأنسجة الضامة وخارج الخلايا. ويحوي الدهن من الحريرات ضعف ما يحويه البروتيين والسكريات، ولذلك فإنّ زيادة تناول المواد الغذائية الدهنية تؤدي إلى تراكم الدهون في الأنسجة الضامة.

2- ترتبط الدهون مع الكولسترول دائماً. فالكولسترول المتشكل في الجسم والناجم عن تناول لحم الخنزير، يظهر في الدم بشكل كولسترول جزئي كبير الذرة، وهو يؤدي بدوره إلى ارتفاع الضغط، وتصلب الشرايين. ولقد وجد Prof. Roffo أنّ الكولسترول المتواجد في خلايا السرطان الجوّالة يشابه الكولسترول المتشكّل من تناول لحم الخنزير.

3- هناك خطر ناجم بالخصوص عن غنى الأنسجة الضامة للحم الخنزير بالكبريت، وسكر الأمين، وهيسكو أمين، والمواد الحاوية على الكبريت.

إذن: نستنتج مما تقدم أنّ عند آكلي لحوم الخنزير فقط، تزداد "سعة روبن"، والتي تتصف بازدياد امتصاص الأنسجة الضامة، تمتص الماء كالإسفنج، كما أنّ الخطورة الكامنة في زيادة (الاماصة) للأنسجة الضامة يؤدي إلى تراكم المواد المخاطية في الأوتار والأربطة والغضاريف وغيرها فيجعلها رخوة بعد أن كانت قاسية مما يؤدي إلى الروماتيزم والتهاب المفاصل وتنكس العظام وأذيات الفواصل المفصلية في العمود الفقري. (إنّ الأنسجة الضامة للإنسان والخروف قاسية نسبياً، ومن خلال أكل لحم الخنزير عند الإنسان تزداد مخاطيتها فتصبح رخوة قليلة المقاومة).

تحوي الأنسجة الضامة المخاطية من لحم الخنزير على كمية كبيرة جدّاً من الكبريت كما أشرنا ومعلوم أنّ الأنسجة الكبريتية تتخرب بالتعفن، وعمليات التخمير، وينتج عن ذلك روائح كريهة، وتعلل بتواجد كبريت الهيدروجين المائي. وقد أجريت مقارنة لدرجة العفونة الناجمة عن لحم الخنزير والخروف والبقر، وضمن ظروف متشابهة، فكانت كما يلي:

لوحظ أنّ أوعية التجربة الحاوية على لحم الخنزير على الرغم من أنّها محكمة الانسداد إلا أنّه يتعين إخراجها من الغرفة بعد عدة أيام نظراً للروائح الكريهة النتنة غير المحتملة الناجمة عنها. أما تخمر لحم البقر فقد حدث بعد فترة وجيزة من لحم الخنزير، إلا أنّه لم تخرج روائح نتنة غير محتملة من وعاء التجربة، وأما لحم الخروف فبالرغم من مضي ثلاثة أسابيع فإنّه لم يحدث التعفن إلا قليلاً، لأنّ لحم الخروف أقل اللحوم احتواء على الكبريت.

4- أهمية هرمون النمو: يحتوي لحم الخنزير على كمية وفيرة من هرمون النمو المسبب في تسمّك الأنسجة والالتهابات، إضافة إلى التأثير في زيادة نمو البطن (السمنة) وزيادة في معدل النمو بشكل عام وعلى الأخص زيادة في نمو الأنسجمة المهيئة للنمو والتطور السرطاني.

5- إضافة إلى ذلك ونظراً لاحتواء لحم الخنزير على كميات كبيرة من الهيستامين فإنّه تكثر عند من يتناولونه الحكات، إضافة إلى تزايد نسبة الإصابة بالالتهابات مرات كثيرة، فتكثر الدمامل والجمرات، والتهابات الزائدة الدودية، أمراض الحرارة، التهابات الوريد، الأكزما، التهاب الجلد القوبائي، التهاب الجلد العصبي والأمراض الجلدية الأخرى. (على العكس من الأشخاص الذين لا يتناولونه).

إنّ الحكة، الناجمة عن تأثير لحم الخنزير، وكذلك الالتهابات، تعود إلى احتوائه على الهيستامين ومركبات الإيميدازول Imedazol مثل الإيرغوثيونين Ergothinein وغيرها.

6- هناك عوامل ممرضة أخرى في لحم الخنزير ما زالت ماهيتها وصفاتها قيد الأبحاث، إذ لم تحدد بعد. فهناك عناصر في دم الخنزير تشير الدراسة إلى كونها محرضة على نمو الأورام، عن طريق التأثير الخاطئ لبعض الجراثيم الخاصة. إنّ دم الخنزير على كلِّ الأحوال غني بالمواد الحاصرة، التي تدخل لتكوّن نواة الخلايا في الجسم وهذه المواد حسب تصورنا الحالي، يمكن أن تفهم، بأنّها تدخل في التحول الذي يؤدي إلى تخريب الخلايا عن طريق تخريب "الميتوكوندريا" فيها.

7- إنّ العامل الأكثر أهمية وسمّية في لحم الخنزير هو فيروسات الكريب. تتجول فيروسات الكريب في كلِّ مكان – هذا يتماشى مع أبحاث البروفسور Lettre، وتسكن في المناطق الحيوية التي تلائمها، ويفترض أنّ الأنسجة الضامة في الرئة هي أنسبها.

بهذه المناسبة يمكن أن نتذكر جائحات الكريب الكبيرة التي حدثت بعد الحرب العالمية الأولى والتي أدت إلى حدوث ضحايا أكثر مما سببته الحرب العالمية نفسها، وكان الهلاك الأكبر في ألمانيا الغربية، حيث قُدم للشعب الألماني بعد الحرب أنواع من اللحوم والشحوم الأميركية المصنوعة من لحم الخنزير والتي اعتبرت في وقتها كمنبع كبير للحريرات وضع تحت تصرف الشعب.

أمكنني أن أحصي حوادث مشابهة، لتلك المشاهدات والجائحات الكريبية الفيروسية في الحرب العالمية الأولى، من خلال مرضاي في عيادتي وهي ناجمة عن تناول لحم الخنزير لفترة طويلة.

من المعروف أن جائحات الكريب الكبيرة غير معروفة في البلاد الإسلامية، وهذا يعود إلى أنّ سكان تلك المناطق قد وفروا على أنفسهم تلك الجائحات بامتناعهم عن أكل لحم الخنزير.

  التشابهات الحيوية:

عندما يتناول الإنسان صاحب الأنسجة الضامة الصلبة لحم الخنزير ذا الأنسجة الضامة المخاطية الرخوة فإنّه يحدث تبادل بالتآثير لتوضع هذه الأنسجة المخاطية في أماكن مثيلاتها من الأنسجة الصلبة الإنسانية فتصبح طرية وتسبب لصاحبها مع مرور الزمن أمراض المفاصل والعظام... فإذا أضفنا إلى ذلك الشحوم المأخوذة من الخنزير، يصبح لدينا بالنهاية توضعات لشحم وأنسجة الخنزير في جسم الإنسان مما يعطيه شكلها فيبدو آكل الخنزير في الشكل مشابهاً للحيوان الذي اعتاد على أكله في عدد من الصفات.

وهناك حكمة معروفة: قل لي ماذا تأكل أقل لك من أنت.   الهرمون الجنسي الخنزيري كمولّد للسرطان:

بدون حاجة إلى الأسئلة والحجج، فإنّ هرمون الجنس على الرغم من أنّه لم يدرس الدراسة الكافية إلا أنّه يلعب دوراً هاماً في تقدير نوعية لحم الخنزير. إنني أعتبر أنّ هرمون الجنس عند الخنزير مشتبهاً به في مسؤوليته عن خاصية تولد السرطان، فالخنزير من الحيوانات التي لا يتقدم بها السن، ومربو الخنازير لا يتركونها تعيش أكثر من ست سنوات كحد أقصى والسبب في ذلك يعود (وكما قال لي الخبراء) إلى ظهور السرطانات لديها.

إنّ الخطورة الكبيرة في تناول الإنسان للحم الخنزير تكمن في أنّ الإنسان يتلقى أكثر من حاجته سواء من الشحوم أو الكولسترول أو هرمون النمو إضافة إلى كون الخنزير منبعاً للمواد المخاطية وغيرها من العوامل السمّية – على الرغم من احتوائه كميات كبيرة من الفيتامينات –.

  علم الانسمام الإنساني كحل للمشكلة:

إنّ إزالة السموم الناجمة عن لحم الخنزير لا تزول تقريباً بالطرق المعروفة مثل البول والتنفس والبراز والتعرق. أي عمليات الهضم لطرح هذه السموم، فيبقى صمام الأمان الأهم لطرحها الأمثل من الجسم هو مرض ذلك الجسم (الصمام المرضي) وذلك عن طريق ظهور الالتهابات.

إنّ احتمال ظهور مختلف الأمراض لدى الإنسان تختلف بحسب ما يتناوله من أنواع أنسجة وأعضاء الخنزير.

من ناحية أخرى لا تظهر الالتهابات في البداية عند من لا يتناولون كمية كبيرة من لحم الخنزير بل توضع هذه الكميات القليلة مع ما تحويه من مواد مخاطية ودهون في الأنسجة الضامة مما يؤدي إلى سماكتها وإلى السمنة وربما بعد أن تتماسك كميات الدهون والمخاطيات المتراكمة في الأوعية المحيطية والدماغية وأوعية القلب الإكيليلية يلجأ الجسم كحل أخير للإنقاذ، بتخريب المواد المجهدة الخنزيرية للجسم وتحويلها إلى التهابات تظهر آثارها على الجسم.

إنّ أكل لحم الخنزير لمدة طويلة، يجعل الإنسان يستبدل غضاريفه الصلبة، بأنسجة ضامة مخاطية وغضاريف طرية، مأخوذة من الخنزير، ثمّ بعد ذلك تحت ضغط وزن الجسم تسحق هذه المفاصل ويتكوّن نتيجة ذلك التهابات المفاصل، والأمراض المفصلية الأخرى.

إنّ جميع حالات الأمراض بما فيها التي ذكرناها سابقاً إذا لم تشارك المعالجات الدوائية مع المعالجة الصحيحة الحيوية فإنّه لا يكون هناك شفاء تام منها، وهذا لا يكون إلا بمنع أكل لحم الخنزير.

ولكن يا للأسف فالحال في حضارتنا عالية التقدم غير هذا لأنّ الحالات التسممية المتسببة عن تناول لحم الخنزير ليست غير معروفة فقط، وإنما مجهولة بشكل تام!.

في علوم السموم الإنسانية ثبت أنّ جميع الأمراض التي تصيب الإنسان هي عبارة عن تدابير دفاع ضد هذا السم، أو هي عبارة عن أضرار الجسم الحاصلة من جراء ذلك السم.

وعلى العموم فإنّه يُرى أنّ الحالة السمية الناجمة عن أكل لحم الخنزير تجهد الإنسان كثيراً أو قليلاً، والتي هي السبب في تكوّن جميع الأمراض، وكما تعد شرطاً أساسياً لعمل مختلف الأمراض إطلاقاً في الجسم.

وبلا شك، يجب أن يتبع برنامج منطقي إيجابي لتحريم أكل لحم الخنزير تجري خطواته على مراحل، أي يجب أن يكون التأثير تدريجياً لا فورياً وهذا ما فعله محمد (ص)، حيث أتت سور القرآن لتحرم الخنزير وغيره بشكل تدريجي، ولا يزال تأثير هذا التحريم رغم مضي مئات السنين ساري المفعول حتى اليوم.

  مبادئ ونصائح:

من خلال ما تقدم، فإنني شخصياً لم أتقدم بنظرية جديدة على أضرار تناول لحم الخنزير. إنني أجد نفسي إلى جانب محمد (ص) وموسى (ع) قزماً صغيراً وأستمدّ منهما القوة والصلاة في موضوع تحريم أكل لحم الخنزير. وإنّ الكتب السماوية لمحمد (ص) وموسى (ع) كان معها الحقّ كلّ الحقِّ في تحريمه المطلق – حتى ولو لم يكن هناك خطر من الإصابة بداء الشعرات الذي يصيب أيضاً باقي الحيوانات. وخير دليل قوله تعالى: (ِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة/173). يتبيّن من ذلك التحريم هناك حكمة عظيمة لا يدركها البشر وفي هذا التحريم رحمة لنا بني البشر.

 

*ملخّص لكتاب هانس هاينرش ريكفيغ (لحم الخنزير والصحة)، الذي ترجمه الدكتور عدنان الحلبي تحت عنوان (الدين والعلم وتحريم لحم الخنزير) وصدر عن دار قتيبة للنشر، بيروت – دمشق.

    المصدر: مجلة نور الإسلام/ العددان 19 و20 لسنة 1991م

ارسال التعليق

Top