• ٢٧ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٨ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

هو العفوُّ سبحانه

محمّد تقي جعفري

هو العفوُّ سبحانه

يا مَن عفا عن عظيم الذنوب بحلمه يا مَن أسبغ النعماء بفضله يا مَن أعطى الجزيل بكرمه يا عدتي في شدتي يا صاحبي في وحدتي يا غياثي في كربتي يا وليي في نعمتي يا إلهي وإله آبائي إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وربّ جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وربّ محمّد خاتم النبيين وآله المنتجبين ومنزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ومنزل كهيعص وطه ويس والقرآن الحكيم أنت كهفي حين تعييني المذاهب في سعتها وتضيق بي الأرض برحبها ولولا رحمتك لكنت من الهالكين وأنت مقيل عثرتي ولولا سترك إياي لكنت من المفضوحين وأنت مؤيدي بالنصر على أعدائي ولولا نصرك إياي لكنت من المغلوبين (من دعاء الإمام الحسين (ع) في صحراء عرفات).

إلهي، بهذا العجز عن السيطرة على الغرائز الحيوانية، وبهذه الغفلة المتعمدة عن عظمة الحياة والتي استوعبت أوقاتنا نحن بني الإنسان، ليس هناك مَن نعلّق عليه الأمل في غفران ذنوبنا وآثامنا التي تثقل ظهورنا سوى حكمتك الربوبية وعفوك الإلهي وحلمك الواسع، لأنّ إكسير التغيير بيدك.

أيها الربّ المنزه الذي لا نظيره له ولا

ساعدنا واعف عن جرمنا

علّمنا الكلمات الرقيقة

كي نستدر بها عطفك يا رفيق

يا مَن منه الدعاء والإجابة

ومنه الأمن والخوف

أصلح قولنا الخاطئ

فأنت المصلح يا ملك الكلام

ولديك الإكسير الذي تبدل به الأشياء

وإن كان نهر دم، تحوّله إلى نيل

فهذه البدائع من أعمالك

وهذه الإكسير من أسرارك (مولوي)

خلال ظروف العسر والشدة، وحينما تلف الظلمات نفوسنا، وتنقطع الآمال من كل أد، وتتبدد الأماني والطموحات، ولا تبدو في الأفق أية نافذة يمكن أن تسرّب الضوء، يتلألأ آنذاك نور الحياة مرة أخرى في آفاق رحمتك وكأنّنا على موعد معه، وتسري روح جديدة في أجسادنا، وتكشف الدنيا لنا عن وجهها المحبب.

رباه! يا ملجأ كافة اللاجئين حين انهمار أمواج الويلات والكوارث، أنِلنا الدعة والراحة في كنف حمايتك ورعايتك.

أيها المعبود المطلق، يا خالق إبراهيم وإسحاق وإسماعيل ويعقوب، وإله جبريل وميكائيل وإسرافيل، وربّ محمّد خاتم الأنبياء وآله الذين اجتبيتهم، يا مُنزِل التوراة والإنجيل والزبور والقرآن، ومُنَزّل كهيعص وطه ويس والقرآن الحكيم، أنت ملجئي وحصني حينما تُسدّ عليَّ طرق الحياة ومنافذها، وتظلم الأرض وتضيق رغم رحائبها، وحينما لا أجد أي علاج لتلك الكربات التي طوقتني من كلّ حدب وصوب.

ففي تلك اللحظات:

تزداد حيرتي مع ذهابي لأي صوب

حذارِ من هذه الصحراء وهذا الطريق الطويل (حافظ)

وفي تلك اللحظات أشاهد كلّ مكان أحدق فيه مثل جدران ذات منافذ تسرّب النور، إلّا أنّ ذلك النور المتسرّب ليس بإمكانه إنقاذ طائر حياتي، ولابدّ لي أن أتمتم بالبيت التالي:

لا تُخدع فتتصور ضحكة الدنيا رحمة

فمنافذ القفص ليست منافذ للنجاة

وأرفع الرأس إلى السماء بانتظار هطول غيث رحمتك الذي تبعثه دون مقابل إلى الأزهار الذابلة في نفوس عبادك، فتنفخ فيها الحياة من جديد.

رباه! أنت الرحيم الكبير الذي تمنع عني انتقامك وما يترتب من آثار عليه بسبب أخطائي وشطحاتي، ولا تسمح للحجب بالانقشاع فتعصف الفضيحة القاتلة بشرفي وكرامتي. وأنت الذي تُنزل عليَّ النصر والظفر في مواجهة الأعداء الذين يحيطون بي من كلّ جانب، كي أكون في مأمن من عار الهزيمة وشنارها.

 

المصدر: كتاب على أجنحة الروح

ارسال التعليق

Top