• ٢٠ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٨ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

إمساك الرضيع.. كيف يكشف ويعالج؟

إمساك الرضيع.. كيف يكشف ويعالج؟
 عندما يُصاب الطفل الصغير بحالة إمساك، فإنّ في ذلك بعض دواع للقلق، من منظور الوالدين. لكن، ينبغي معرفة أنّه ليس كل إمساك إمساكاً حقاً، بالمعنى الطبي، وأن معظم الحالات ليست ذات تداعيات خطيرة. ·       الإمساك كناية عن تقلص وتيرة التبرز، وتصلّب مادة البراز، وجفافها، وانخفاض حجمها، بسبب فقدان نسبة من مائها (عكس الإسهال)، ما يؤدِّي إلى تباطؤ مرور الأغذية في الأمعاء، بالتالي هضمها وتمثيلها. -        تحديد الإمساك: فبدءاً من أي وتيرة تناقص في التبرز يمكن اعتبار أنّ الرضيع (في سن أقل من 18 شهراً) مصاب فعلاً بالإمساك، بالمعنى الطبي؟ يجرى حساب الإمساك على النحو الآتي: -        إذا كان الطفل يرضع حليب الأُم: أقل من تبرز واحد في اليوم. -        إذا كان يرضع حليباً صناعياً بالرّضاعة (أي الـ"بيبرون"، أو الـ"مَمَّة"): أقل من ثلاث عمليات تبرز في الأسبوع. ·       الإمساك الوظيفي: في ما يخص الأطفال الرُّضع، يلاحظ المتخصصون والأطباء أن معظم حالات الإمساك (تحديداً 80 في المئة) تدخل في إطار ما يدعونه "الإمساك الوظيفي"، أي الناجم عن سوء عمل "ميكانيكي" مؤقت، بالتالي ليس جزءاً من مرض ما. وهذه الحالات من الإمساك الوظيفي، التي لا يندر حصولها، ليست خطيرة، وهي عموماً ذات طابع مؤقت، إذ سرعان ما تزول من تلقاء نفسها. فالإمساك الوظيفي ينجم، مثلاً، عن تناول غذاء ما، يعيق عمل الأمعاء. وفي معظم الأحيان، يحصل في مرحلة الفطام الجزئي، أي الإنتقال من حليب الأُم إلى حليب الرّضاعة (الـ"بيبرون"، أو الـ"مَمَّة"). وهذا التغيير في طبيعة الغذاء ربّما يجرّ إلى إمساك وظيفي. لكن، ما يلبث أن ينتظم مرور الغذاء في الأمعاء بصورة تلقائية، فيزول الإمساك من دون ضرورة إلى أي علاج. كما يمكن أن ينجم الإمساك الوظيفي عن حالة توتر نفسي أو "ستريس"، فحتى الصغار جدّاً، بعكس ما يظن، قد تنتابهم حالات توتر، تسببها أجواء إجتماعية أو عاطفية متوترة، في المحيط العائلي، كأن يعلو صوت الوالدين بسبب شجار وخلاف دائمين، أو حصول عنف زوجي. إلى ذلك، حتى مع غياب تلك العوامل السلبية، يمكن أن يتسبب تغيير المحيط في "توتر" الرضيع، ما يؤدِّي إلى إمساك وظيفي. فمثلاً، يعتاد رضيع على وجود أُمّه بشكل دائم. ثمّ، فجأة، تضطر هذه الأخيرة إلى معاودة عملها، عقب إنتهاء إجازة الأمومة، فترغم على إيداع الطفل دار حضانة، أو مربية، أو خادمة، أو إحدى القريبات، إلخ. في هذه الحالة، لا تندهشي إن انتابت الرضيع الصغير، حتى في سن شهرين مثلاً، حالة توتر ناجمة عن تغيير المحيط. وهذا التوتر بدوره، قد يفضي إلى إمساك وظيفي مؤقت، يزول بزوال المؤثر، أي حال أعتياد الرضيع على الوضع الجديد. ومن المسببات الأخرى للإمساك الوظيفي، ينبغي القول إنّ قصور نسبة الماء في جسد الرضيع، بسبب عدم شربه سوائل كافية، تؤدِّي أيضاً إلى إمساك وظيفي مؤقت، يزول حال أستعادة التوازن المائي. هكذا، تتمثل "الخطورة" الوحيدة للإمساك الوظيفي في إقلاق الوالدين. ففي أكثر الأحيان، يُعزيان الإمساك إلى حالة مرضية. ·       كيف تعرفين الإمساك الوظيفي؟ لكن، ثمّة عوامل قد تعينك على التعرف إلى الإمساك الوظيفي، منها: -        عدم وجود تقيؤ ملازم للإمساك، ما يشكل دليلاً على عدم إنسداد الأمعاء، وهو من أخطر حالات الإمساك. -        عدم وجود ما يدعو إلى القلق من حيث النمو الطبيعي للطفل، وعدم فقدانه الوزن. -        عدم اختلال ردود فعل الرضيع العصبية، أي أنّه يتجاوب مع المحفزات العصبية (الضوء والصوت، مثلاً). وذلك يعني أنّ الجملة العصبية في وضع سليم، ولم تتأثر بالإمساك. -        عدم انتفاخ البطن انتفاخاً غير طبيعي. وعندما تضغطين على بطنه قليلاً، لا يتلوّى ألماً، إنّما يتضايق ويبدي نوعاً من الانزعاج، وحسب. إن لم تظهر عند طفلك علامة، أو أكثر، من تلك المشروحة أعلاه، فذلك يعني أن إمساكه وظيفي مؤقت، ليس إلا، بعبارة أخرى غير مرتبط بحالة مرضية، بالتالي لا داعي للقلق بتاتاً. في المقابل، إن لاحظت أحد تلك الأعراض، أو أكثر، فينبغي استشارة الطبيب حالاً، لاسيما إذا حصل الإمساك في الأيام الأولى من عمر الوليد الجديد. فهذه فترة حسّاسة جدّاً، وقد يؤدي، خلالها، الإمساك غير الوظيفي إلى عواقب خطيرة. ·       الحالات الأخرى: تحدثنا عن الإمساك الوظيفي، ذي الخطورة المتدنية نسبياً، الذي يزول تلقائياً على العموم. لكن ماذا عن أنواع الإمساك الأخرى، التي قد تنطوي على مخاطر صحية على الرضيع؟ -        تشقق الشرج: في حال الإمساك المزمن، يشكل تشقق الشرج أحد أهم التداعيات الخطيرة. وما يزيد الطين بلة أنّ الطفل، بما أنّه يعاني في كل مرّة يتبرز فيها، يسعى من دون شعور إلى مسك نفسه، وتأجيل عملية الإبراز قدر المستطاع، ما يفاقم الإمساك. وفي ذلك، طبعاً، ضرر صحي جسيم، إذ ينبغي التخلص من السموم والفضلات أوّلاً بأوّل. كما ينبغي، والحال تلك، معالجة التشقق الشرجي، على الأقل تفادياً لتضخم الإصابة، ما قد يترك آثاراً دائمة. -        داء هيرشسبرنغ: إلى ذلك، ثمة مرض نادر، قد يصيب الرُّضع، من شأنه أيضاً أن يؤدِّي إلى الإمساك: ما يسمى "داء هيرشسبرنغ Hirschsprung"، الناجم عن خلل في الجملة العصبية، يؤدِّي إلى الإخلال بعمل قسم من المنطقة السفلى من الأمعاء، بسبب عدم تلقيها الأوامر من الدماغ، ما يفضي بالتالي إلى الإمساك المزمن. في هذه الحال، يجب إجراء عملية جراحية، تنصب على استئصال جزء الأمعاء المصاب، بغية "لحم" الأجزاء السليمة، أي جعلها تتصل ببعضها بعضاً، ما يؤمن إجراء عملية المرور الغذائي عبر الأمعاء بشكل متكامل ومستمر، من دون وجود منطقة مصابة تؤثر في المسار. وطبعاً، يتلاشى الإمساك تلقائياً عقب إجراء العملية. ·       خطر إنسداد الأمعاء: عندما يقلق الوالدان من إحتمال انسداد الأمعاء جراء الإمساك، فهما على حق في هذه المرّة، بعكس القلق غير المبرر من الإمساك الوظيفي. فانسداد الأمعاء حالة أكثر خطورة. وتتمثل أهم أعراضها بما يأتي: -        آلام معوية مفاجئة، تحمل الطفل على البكاء. -        شحوب. -        تقيؤ. -        أحياناً، وجود نقاط دم حمراء في البُراز. ويُذكر أنّ الإنسداد المعوي يصيب الأطفال الذكور أكثر بكثير من النبات الإناث. ومردّه: حالة "انغماد" تحصل في الأمعاء، تجعل بعض الأنسجة تتداخل بأنسجة البعض الآخر. في الأحوال كلّها، ينبغي مراجعة الطبيب بسرعة، أو قسم الطوارئ، حيث ينبغي التصرف السريع وأخذ صور بالأشعة لمعرفة ماهية الإنسداد، ومعالجته بأسرع وقت، باعتباره من الحالات الخطيرة. ·       العلاج: مثلما في الحالات المرضية كلّها، لا ينبغي إعطاء أي دواء من دون وصفة طبية، لاسيما للصغار، على العموم، يمكن تقسيم وسائل علاج الإمساك عند الرضيع على النحو التالي: -        قد ينصح الطبيب أيضاً باستعمال مواد تزييت (تضم الـ"بارافين")، لتسهيل مرور الغذاء في الأمعاء. -        غسل المعدة (بوساطة "الحقنة الشرجية"): ينبغي تفاديه قدر الإمكان، وعدم اللجوء إليه سوى في الحالات المستعصية. ·       نصائح عامة: -        تجنّبي وضع مواد تضم الدقيق والنشاء في الرّضاعة، فهي تحفز الإمساك. -        فكِّري في جعل طفلك يشرب الماء بشكل منتظم، لاسيما صيفاً، وقسِّمي وجباته على مراحل متعددة. -        ضعي أليافاً نباتية في الرضاعة، في كل وجبة يتناولها طفلك، مثلاً، أضيفي مقدار ملعقة شاي من أغذية الأطفال المعلبة (من تلك المؤلفة من خضار وأغذية نباتية المنشأ). فمن شأن تلك الألياف تسهيل مرور الأغذية (أي تكون لها وظيفة "مسهل" أو "ملين" طبيعي). -        لإراحة الطفل، ضعيه على طاولة تبديل الحفاضات، ودلكي بطنه حول السرة بهدوء، تدليكاً خفيفاً وناعماً. كما يمكنك ثني رجليه بحيث تمس ركبتاه بطنه، أو تقتربان منه، ما يساعد على إسراع مرور الغذاء في الأمعاء. .. وأخيراً، بطبيعة الحال، في حال دوام الإمساك، واستمرار الطفل في البكاء وجعاً، يجب استشارة الطبيب.

ارسال التعليق

Top