ذكريات الطفولة في رمضان رائعة: فهذا الشهر الفضيل في ذاكرة بعضهم عبارة عن فانوس صغير بألوان جميلة يرى في كل اتجاه، مع أناشيد ترحيبية تفرح القلوب. ورمضان بالنسبة للطفل شهر فرحة ومشاركة في أمور الكبار، لأن الصوم فالإفطار ثم النوم والاستيقاظ بعدها للسحور، كلّها أمور تجعله يشعر أنه دخل دنيا الكبار، يتحمّل الجوع والعطش مثلهم، كما يصلّي فروضه ويمتنع عن أذيّة إخوته حتى يتقبّل الله منه صيامه، ما يجعله يشعر بالفخر لأنه اختلف عن أقرانه الصغار الذين لم يتمكّنوا من تكملة صيام يومهم! فكيف تجعلين طفلك يفرح بصومه؟
الاختصاصية في طب العائلة والحاصلة على البورد البريطاني في طب العائلة الدكتورة هنوف عدنان توضح أن السنّ المناسبة لصيام الأطفال تبدأ كما أوصانا الرسول (ص) من عمر 7 سنوات إلى 10 سنوات، فالطفل السليم الذي لا يعاني من أي أمراض صحية مزمنة (السكري في الدم أو أمراض الغدة...) يستطيع تجربة الصيام في هذه السن، ولن يؤثّر عليه الأمر صحياً. وتضيف: «يلعب الأهل دوراً كبيراً في عملية تعويد الطفل منذ سن سبع سنوات على الصيام، على أن تستمر هذه العملية تدريجياً إلى أن يبلغ العاشرة».
وفي سن السابعة، يصوم في خلال الفترة الأولى من النهار، لتزداد مع الوقت ساعات صيامه... وثمة طريقة أخرى مفادها أنّه يصوم عن الأكل ويشرب الماء فقط إلى أن يعتاد الأمر، ليصبح في العاشرة قادراً على صيام اليوم كلّه.
ويمكن للأم أن تكافئ صغيرها في حال أتمّ صيامه، وذلك عند بلوغه العاشرة، بتقديم هدية قيّمة له تحفّزه وتشجّعه على الاستمرار في هذه العبادة. أمّا الأب فيجدر به اصطحاب الطفل معه للمسجد ومجالسة الكبار ليشعر بالفرح ويبيّن له فضل صومه بطريقة بسيطة ومحبّبة لقلبه، بحيث يستطيع استيعابه مع عدم فرض الصيام عليه وجعله إجبارياً حتى لا ينفر منه أو يتخوّف من آدائه.
ومن جهة ثانية، يمكن مشاركة الصغير في أعمال المطبخ البسيطة لكي تشغليه في حال أحسّ بالجوع، مع الانتباه له ومراقبته حتى لا يشعر بالإعياء من الصوم. وفي حال شعرت بتعبه، اجعليه يفطر على الفور حفاظاً على صحة جسده.
ويمكن الطلب، في هذا الإطار، إلى الفتاة المساعدة في تحضير الأطباق والملاعق وترتيبها بتنسيق معيّن على الطاولة، فيما الصبي يقوم بنقل التمر والماء وتوزيعهما على المائدة وأخذ بعض الأطباق الرمضانية للجيران بحذر وترقّب الآذان... فتلك الأعمال البسيطة تجعل الأطفال يحبون الصوم ويفرحون لشعورهم بالإنجاز عندما يساعدون أهلهم، وتغرس فيهم روح التعاون وحب العطاء والتكافل.
غرس المعاني السامية
في رمضان، ينبغي بالوالدين تعليم الطفل بعض المعاني الأساسية بأسلوب بسيط يفهمه ويستوعبه، كفكرة وجود الله بقربنا، يرانا ويسمعنا، تلافياً لئلا يختبئ خلف الباب أو تحت السرير ليأكل قبل الإفطار، فيدرك أن الله يراه ويعلم أنه لم يكمل صومه. وبالإضافة إلى أهمية دور الأب والأم في مساعدة الطفل على قراءة القرآن ومشاهدة الأفلام الكرتونية الدينية المسلّية في رمضان كقصص الأنبياء والصحابة لإثراء ثقافته وتوسيع أفقه ومداركه.
ارسال التعليق