• ٢٥ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

البدانة.. هل يمكن أن تكون سبباً لـ«ربو الأطفال»

البدانة.. هل يمكن أن تكون سبباً لـ«ربو الأطفال»

  الربو هو أكثر الأمراض المزمنة شيوعاً بين الأطفال ما دون سنّ العاشرة، لاسيّما الذكور منهم. وعلى الرغم من وجود استعداد وراثي للإصابة بهذه الحالة، فقد أكدت دراسات عديدة أنّ البيئة تلعب دوراً مهماً، وكذلك الطعام.

ما هو الربو؟ إنّه مرض مزمن يتسم بحدوث نوبات متكررة من ضيق التنفس والصفير، والتي تختلف في شدتها وتواترها من شخص إلى آخر.

هذه النوبات قد تحدث مرات عديدة في اليوم أو في الأسبوع لدى الأفراد المصابين به، وبعض الناس قد تسوء حالهم أثناء ممارسة النشاط البدني أو في الليل.

أثناء نوبة الربو، تحدث تشنّجات في أنابيب الشعب الهوائية في الرئتين، وتتورم أنسجة الرئة فينجم عن ذلك إنتاج مخاط سميك. هذه الأعراض تحد من تدفق الهواء إلى داخل وخارج الرئتين فتسبب ضيق التنفس وألماً في الصدر. وكثيراً ما تسبب نوبات الربو المتكررة الأرق والإرهاق أثناء النهار وانخفاض مستويات النشاط، وحتى التغيُّب عن المدرسة والعمل.

كما هي الحال مع الحساسية، هناك مواد عديدة تسبب حدوث نوبات الربو بما في ذلك حُبيبات اللقاح والعفَن، ووبَر الحيوانات، والغبار ودخان التبغ. لكن هناك أيضاً عوامل أخرى غير مُسبّبة عادةً للحساسية، تكون بمثابة مُهيّجات للرئة، ويمكن أن تشمل السموم البيئية، والفيروسات، والتهابات الجهاز التنفسي (مثل نزلات البرد)، والهواء البارد، وممارسة الرياضة والعوامل النفسية. لدى بعض الأشخاص، يمكن حتى للأسبرين وغيره من مضادات الالتهاب غير الستيرودية أن تؤدي إلى حدوث نوبات.

 

مسببات غذائية:

من المعروف أنّ عدداً كبيراً من المضافات الغذائية يرتبط بالإصابة بالربو. كالكبريتيتن على سبيل المثال، الذي غالباً ما يستخدم لحفظ الأطعمة القابلة للفساد، كما أنّه شائع في المشروبات الروحية على غرار البيرة والنبيذ. كذلك، هناك التارتازين، وهي صبغة غذائية صفراء اللون توجد في العديد من الأطعمة المصنّعة، وحتى في الفيتامينات والأدوية. بشكل عام، تعتبر الملونات الغذائية بمثابة مهيّجات مسببة للربو خصوصاً عند الأطفال.

من ناحية أخرى، غالباً ما تصاحب الربو مشاكل في الجهاز الهضمي، لاسيّما عدم القدرة على هضم البروتينات بشكل مكتمل. فالحساسية الغذائية شائعة لدى مرضى الربو، وتشمل المسببات أطعمة مثل: البيض والحليب والسمك والقمح وبعض المكسرات، وخصوصاً الفول السوداني. وقد وجدت دراسة أنّ إفراز حمض المعدة يكون منخفضاً لدى حوالي 80 في المئة من الأطفال الذين يعانون الربو، كما أظهرت دراسات أخرى أنّ حمية التناوب (المستخدمة للحد من ردود الأفعال التحسسية ضد الأغذية)، وتناول الوجبات النباتية من شأنهما أن تساعدا في تحسين الكثير من حالات الربو. هذه وغيرها من الأدلة تشير إلى أنّ سوء الهضم و"متلازمة الأمعاء المسرَّبة" قد يكونان عاملين مهمَّيْن من مسبّبات الربو. في الواقع، إنّ هضم البروتينات غير الكافي وتحرك هذه الجزيئات الكبيرة وغير المهضومة من الطعام عبر غشاء الأمعاء يمكن أن يؤديا إلى تنشيط مزمن للجهاز المناعي، وإنّ بشكل طفيف، وبالتالي زيادة مستويات الالتهاب في الجسم.

ثمّة عامل آخر يسبب الربو وهو السمنة. فالسمنة، كما هي الحال مع سوء الهضم، ترتبط مع زيادة الالتهاب المزمن في جميع أنحاء الجسم. وقد لاحظ الباحثون أنّه حيثما يرتفع معدل البدانة تزداد نسبة انتشار حالات الربو.

 

نحو علاجات طبيعية:

أكثر الأدوية الموصوفة لعلاج الربو هي الستيرويدات القشرية ومُعدِّلات الليكوترين. وقد تم تصميم هذه الأدوية لخفض مستويات الالتهاب، ولكن ينظر إليها على أنّها تعالج الأعراض بدلاً من الأسباب. فالستيرويدات القشرية هي مضادات مباشرة للالتهابات، في حين أنّ "مُعدّلات الليكوترين" هي طريقة غير مباشرة لتحقيق التأثير نفسه. والواقع أنّ الليكوترين، التي هي أحد مكوّنات جهاز المناعة والتي تفرزها الخلايا في الرئتين أثناء نوبة الربو، تتسبب في التهاب الشعب الهوائية. وهذا الالتهاب هو الذي يؤدي إلى الصفير وضيق التنفس وإلى إنتاج مفرط للمخاط. النهج الطبيعي لعلاج الربو ينبغي أن يُوجّه نحو إيجاد حل لاستجابة الجسم المفرطة للمواد المسببة. وفي هذا، تلعب صحة الجهاز الهضمي دوراً كبيراً، إذ يجدر الحفاظ على صحة الأمعاء والتغذية، لتهدئة الالتهابات المزمنة والحد من الاستجابة المناعية المفرطة.

فضلاً عن تحديد الأطعمة المسببة للربو تفاديها، إنّ تحسين الهضم يعني أيضاً تغيير العادات الغذائية وتناول المكمّلات. على سبيل المثال، من المعروف أنّ الإفراط في تناول الطعام وتناول الطعام بسرعة كبيرة أو تحت ضغط نفسي، كلها أمور تؤدي إلى سوء الهضم كذلك، شرب كميات كبيرة من الحليب مع وجبات الطعام قد لا يكون فكرة جيدة، حيث إنّ الكالسيوم في الحليب يميل إلى خفض مستوى الحمض في المعدة. في هذا الصدد، أظهرت اختبارات مثيرة للاهتمام أجريت في الهند أنّ الحليب المعقّم والحليب المتجانس هما أصعب للهضم مما هو عليه الحليب المبستر (المسخن إلى حد الغليان). فالأطفال الذين استهلكوا النوع الأخير من الحليب نموا بشكل أفضل، وكانت الحساسيات لديهم قليلة جدّاً، مقارنة مع من استهلكوا النوعين الآخرين.

مع الاعتراف بأنّه ليس من السهل تغيير عاداتنا الغذائية، من الجيد أن نكون على بيّنة من المكمّلات الغذائية المناسبة لتحسين عمل الجهاز الهضمي. وتشمل المساعدات الطبيعية على الهضم فواكه مثل الأناناس (للبروميلين) والبابايا (للباباين). ويمكن للبيتين هيدروكلوريد أيضاً أن يساعد على هضم البروتين إذا تم تناوله مع وجبات الطعام، ويمكن كذلك لإنزيمات البنكرياس أن تقوم بالمثل إذا أخذت بعد وجبات الطعام. أما متلازمة الأمعاء المسرَّبة نفسها فقد تستجيب على مدى شهرين إلى 3 أشهر لمكملات تحتوي على مركب أن – أسيتيل الجلوكوزامين. كما أنّ الاستهلاك اليومي لبروبيوتيك (مثل اللبن الزبادي) يعد طريقة أخرى لتحسين صحة الجهاز الهضمي.

 

دور الأحماض الدهنية:

الالتهاب المزمن بات الآن تقريباً جزءاً من أسلوب حياتنا وحياة أطفالنا. وهو ناجم عن اختلال التوازن بين أنواع الأحماض الدهنية الأساسية الموجودة في نظامنا الغذائي. لأنّ بعض زيوت الحبوب والبذور رخيصة، فإنّ مصنّعي الأغذية لا يستخدمون غيرها في صناعة منتجاتهم، وهذه الزيوت تنتمي إلى عائلة أحماض أوميغا 6 الدهنية، وتشمل زيت الذرة وفول الصويا. للأسف، مع اتباع معظم الناس اليوم لنظام غذائي عالٍ بالكربوهيدرات ومنخفض بالمعادن، فإنّ الزيوت التي تحتوي على الأحماض الدهنية أوميغا 6 تحفز الجسم على إنتاج مواد تغذي الالتهاب. وعلى النقيض منها، فإنّ الأحماض الدهنية أوميغا 3، التي توجد في بذور الكتان والأسماك، تقوم بوقف الالتهاب. في العصور الماضية، كانت نسبة استهلاك أوميغا 6 وأوميغا 3 في النظام الغذائي للإنسان تعادل تقريباً 3 إلى 1، في حين أنها تبلغ اليوم نسبة تتراوح ما بين 10 إلى 1 و20 إلى 1. في حين أنّه في التجارب السريرية التي أجريت على مرضى الربو، تبيّن إنّ إضافة أحماض أوميغا 3 الدهنية إلى النظام الغذائي نجحت في تخفيف عوارض المرض.

كذلك، تبيّن أنّ العديد من المواد المغذية الأخرى تساعد على الحد من وتيرة وحدّة الربو، لدى إضافتها إلى النظام الغذائي على مرّ أشهر. وتشمل هذه المواد معدن المغنيسيوم والفيتامينات B12، B6 وC؛ والمغذيات النباتية، بما في ذلك "الكيرسيتين" ومستخرج بذور العنب.

هذه ليست الرصاصات السحرية التي تقضي على الربو في ظرف ثوانٍ. بل إنّ التغيير في العادات الغذائية الذي يعزز إمداد الجسم بالمواد الغذائية الغنية بشكل طبيعي من خلال الطعام، يبدو أكثر فائدة من ابتلاع المكملات الغذائية من دون إرفاقه بتغيير النظام الغذائي ككل.

الرسالة التي توصّلت إليها الأبحاث هي أن اتباع نظام غذائي صحي يتضمن الكثير من الفواكه والخضراوات الطازجة، مع خفض استهلاك كميات الأطعمة المكررة، هو أفضل ما يمكن فعله لتحسين حياة مرضى الربو، وتخفيف عوارض مرضهم.

 

الرياضة والشمس:

وفي السياق نفسه، تبيّن أنّ زيادة معدل النشاط البدني والتعرض الكافي لأشعة الشمس لحث الجسم على تكوين فيتامين (D) هي بعض التدابير البسيطة التي تحسن من وظائف الرئة. وكما هو الحال في الكثير من حالات اختلال المناعة الذاتية، فإنّ مكملات الفيتامين (D) تكاد لا تكون فعّالة بقدر الانخراط في الأنشطة التي ترتبط بشكل طبيعي بتحسين مستويات فيتامين D تكاد لا تكون فعّالة بقدر الانخراط في الأنشطة التي ترتبط بشكل طبيعي بتحسين مستويات فيتامين D في الدم؛ مثل التعرض لأشعة الشمس المعتدلة الذي ينشط الجزيئات في الجسم بشكل لا يقدر تناول حبوب الفيتامين (D) وحده على تحقيقه، لهذا تبيّن أنّ المزيج المكوّن من التعرض للشمس وتناول الفيتامين (D) معاً مهم جدّاً للصحة.

أخيراً، تَبيّن أنّ المكمّلات العشبية الواعدة لعلاج الربو هي تلك المستخرجة من نبات البوسويليا سيراتا، وكركم لونغا وعرق السوس. أما مركب أن – أسيتيل الجلوكوزامين (NAC) فهو يساعد على تخفيف الإفرازات المخاطية، ما يجعله مفيداً لتخفيف حدة عوارض الربو والتهاب الشعب الهوائية وأمراض الجهاز التنفسي الأخرى.

 

ارسال التعليق

Top