• ٢٤ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٥ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

«سيمفونية البكاء» وسيلة تعبير ناجحة

«سيمفونية البكاء» وسيلة تعبير ناجحة

يُعاني الأطفال بين سن الشهر والسنة التوتر، كالكبار تماماً، لكن يختلف تعبيرهم عن هذه الحالة، نظراً إلى عجزهم عن الكلام، ولعدم امتلاكهم القدرة على التحرُّك بحرية واستقلالية، فيستعيضون عن ذلك بالبكاء.

ما إن تحل فترة بعد الظهر، حتى يحين موعد سماع "سيمفونية البكاء" التي يقودها المايسترو العظيم "طفلك". يبدو أنّ صغيرك حريص على مواعيده، فلا يحلو له إطلاق العنان لدموعه وصراخه، إلاّ عندما يعود والده من العمل، أو عندما تكونين في أمسّ الحاجة إلى الراحة، ولاتزال أمامك مهمة تحضير العشاء.

هذا المشهد اليومي الذي تعانينه، ليس نادر الحدوث، إنه يتكرر في أغلب الأُسر التي تضم بين أفرادها أطفالاً تحت عُمر السنة. تُعتَبَر نوبات البكاء التي تصيب الصغار في نهاية النهار، شائعة جداً بين سن الشهر والثلاثة أشهر، علماً بأنه يقل حدوثها مع نمو الطفل. لكن ما الذي دها طفلاً صغيراً، أمضى نهاره بين اللعب والأكل والنوم، يبكي بشدّة في بداية المساء، ومن دون سبب واضح، فلا هو جائع ولا يحتاج إلى تغيير حفّاض؟ قد يكون الجواب في حاجة إلى الغوص عميقاً، للبحث عن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء نوبات البكاء اليومية. يقول الخبراء إنه بعد استبعاد الأسباب الواضحة والمباشرة، التي يمكن أن تؤدي إلى بكاء الطفل، مثل المرض أو الجوع أو الحفّاض، وجَب الأخذ في الاعتبار أسباباً أُخرى أكثر تعقيداً ربما. فما هذه الأسباب التي يتحدثون عنها؟

 

- عادة مكتسبة:

هناك مَن يَعتبر أنّ نوبة البكاء اليومية قد تكون عادة مكتسبة من فترة الحمل. فالجنين الذي كانت والدته تشعر بقوة رفس قدميه وحركة يديه، وتشقلبه داخل رحمها في فترة بعد الظهر، وتحديداً في نهاية النهار، يميل إلى الاحتفاظ بتلك العادة بعد ولادته.

 

- عدم الانسجام مع وتيرة المساء:

يجد بعض الأطفال صعوبة في ضبط ساعتهم الداخلية، مع اقتراب فترة المساء. يمضي الطفل يومه متنقلاً بين النوم والاستيقاظ، أي بين الراحة واللعب، لكن مع حلول فترة المساء، يتبدّل هذا النظام المتّبع طيلة النهار، ويجد الطفل نفسه مُرغَمَاً على تغيير روتينه فجأة، فيختلّ نظام ساعته الداخلية: هو يشعر بنعاس شديد، لكنه في والوقت ذاته عاجز عن النوم، لأنّ أحاسيسه كلها متنبهة، ويشعر بنشاط فائق يحول دون هدوئه.

 

- التوتر:

لا يمكن استبعاد التوتر كمصدر لهذه النوبات. يعاني الطفل الرضيع، وعلى غرار الكبار، التوتر، إلاّ أنه لا يستطيع التنفيس عن كبته هذا بالركض في أرجاء المنزل، أو بالخروج للتنزه أو حتى بالكلام. وعندما يطفح الكيل، لا يجد سوى البكاء وسيلة للتنفيس عن ذاته وتبديد توتره.

 

- الوجع:

أحياناً يكون الألم، هو سبب البكاء. فالطفل الرضيع الذي يتألم، يُعبِّر عن وجعه بالبكاء. كيف نُحدِّد ما إذا كان بكاؤه ناتجاً عن الألم؟ إذا كان البكاء حاداً وقريباً من الصراخ، هذا دليل على أنه يعاني مغصاً في بطنه. يكفي أن يكون قد تناول رضّاعته بسرعة، كي يُصاب بمغص نتيجة الغازات أو ابتلاعه كمية من الهواء. ويزداد الأمر سوءاً، إذا كان في وضع الاستلقاء على ظهره فيعجز عن إخراج ما يزعجه من خلال التجشؤ.

 

* أساليب للتهدئة

حافظي على هدوئك، كي تنجحي في تهدئة طفلك. من المهم أن تحافظي على رباطة جأشك وهدوء أعصابك، كي تتمكني من التعامُل مع بكائه، حيث لا ينفع أن تحمليه بين يديك وأنت متوترة، لأنك سوف تسهمين في زيادة بكائه. في هذه الحالة، يُفضّل تركه في سريره، والابتعاد قليلاً عنه كي تستيعدي هدوءك. يمكنك الذهاب إلى غرفة مجاورة وأخذ نَفَس عميق، قبل العودة إليه.

أحياناً، يكون الطفل في حاجة إلى بعض الحركة للتنفيس عن توتره. احمليه بين يديك وهزّيه قليلاً، أو ضعيه على كرسي أو سرير هزاز. يمكنك أيضاً أن تتجولي به في أرجاء المنزل. وإذا استمر في البكاء، حاولي إخراجه إلى الشرفة أو إلى الحديقة، أو حتى إلى المدخل الخارجي للمنزل.

من المفيد أيضاً إعطاء الطفل حمّاماً فاتراً. إذ تشير الدراسات إلى أنّ صوت تدفُّق الماء يُريح الأعصاب المتوترة.

لا تحاولي إعطاءه رضّاعة حليب، في محاولة لمنعه من البكاء أو لتهدئته، لأنّ الإفراط في الطعام يمكن أن يسبب له مغصاً في البطن، ما يزيد من بكائه.

يجب أيضاً التفكير في عدم فعل أي شيء للطفل، بل تركه يبكي إلى أن يهدأ. لكن، يجب ألاّ يُترَك الطفل بمفرده طيلة الوقت، بل الاطمئنان عليه من وقت إلى آخر، ومحادثته بهدوء كي يشعر بالإمان.

يمكن أيضاً تدليك بطنه، لاسيّما إذا كان يلتوي في كلِّ الاتجاهات أثناء البكاء، ما يؤشّر إلى إصابته بمغص شديد، يسبب له الألم. الحركات الدائرية التي تقومين بها يمكن أن تساعد في إخراج الغازات، بالتالي إراحته. إما إذا بدا لك أنه يتألم بشدّة، وأن لا شيء ينفع في التخفيف من حالته، يُستحسَن الاتصال بالطبيب.

 

* النوبات الليلية

ثَمَّة أطفال يستيقظون في منتصف الليل، ويبدأون البكاء من دون سبب مباشر. تُعتَبَر نوبات البكاء الليلي، من المشاهد الشائعة جداً عند الأطفال الرضع في سن التسعة شهور، لأنها تنتج عن عملية اجتياز مراحل النوم الأربع. يواجه بعض الأطفال صعوبة في الانتقال من مرحلة نوم إلى أُخرى، بعد أن يغفوا، فيدخلون في مرحلة الاستيقاظ الجزئي الليلي. إذ يكون الدماغ نائماً، على عكس الجسم الذي يكون مستيقظاً.

كيف يمكن مساعدة الطفل في هذه الحالة؟ حاولي دخول غرفته، فإذا لم يتفاعل معك، هذا دليل على أنه لايزال نائماً. احرصي على عدم إيقاظه أو إخراجه من السرير، كي لا تحرميه من العودة إلى النوم من خلال الانتقال إلى المرحلة التالية من عملية نومه. اكتفي بوضع يدك على ظهره أو جبينه لتهدئته وطمأنته.

 

ارسال التعليق

Top