• ٢٠ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٨ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

كيف تغذين طفلك في الصيام؟

كيف تغذين طفلك في الصيام؟

أسلوب الحياة الصحي للصغار

من المؤكد أنّ حرمان الطفل من تناول الطعام طوال اليوم، ليس بالأمر المحبذ لدى معظم العائلات، غير أنّ من المفيد معرفة أنّ تجاوز بعض الوجبات، وتعويد الطفل الصيام، يشكلان أمراً في غاية الأهمية لصحته على المدى البعيد، حيث أثبتت الأبحاث الطبية أنّ الصيام يُسهم في إراحة الجهاز الهضمي للطفل، إضافة إلى استفادة جسمه من مخزون الشحوم الزائدة بنسبة تتراوح بين 30 و60%، ما يمنحه الفرصة لإعادة ترتيب عملياته الأيضية نحو التكامل البيولوجي، عبر التخلص من الأضرار السامة للأغذية والأطعمة التي يتناولها بشكل عشوائي طوال السنة. وعلى الرغم من أنّ الأطفال الصغار ليسوا مطالبين بالصيام حتى سن العاشرة تقريباً، إلا أنّ العديد منهم يستمتعون بمشاركة عائلاتهم في هذه المناسبة الكريمة، كما يعمد الأهل إلى تشجيع أطفالهم على الصيام، عبر منحهم الهدايا البسيطة، أو تغذية روح المنافسة في ما بينهم، ولكن أطباء الصحة العامة لا ينصحون بصيام الأطفال ذوي البنية الضعيفة والمرضى، أو عند ثبوت أيّة أضرار على صحة الطفل من الناحية الطبية.

يمثل الشهر الكريم، فرصة أمام الأهل لتعويد أطفالهم ضبط النفس، خاصة في ما يتعلق بتناول الطعام خارج المنزل، حيث تشير الدراسات الطبية الحديثة إلى زيادة معدل انتشار البدانة بين الأطفال بنسبة تتجاوز 80%، نظراً لإيقاع الحياة السريع، وانشغال الأهل في العمل، وإفساح المجال أمام أطفالهم لتناول الوجبات السريعة الغنية بالدهون، والاستمتاع بالمشروبات الغازية التي تزيد من نسبة السكريات داخل أجسامهم، ويوضح خبراء التربية أنّ صيام الأطفال في سن مبكرة يُسهم في اعتيادهم ضبط رغباتهم، ويقوّي لديهم قوة التحمّل، ويزيد من شعورهم بأنهم جزء من مجتمع كبير، قادر على التفاعل والانتماء، إضافة إلى تعزيز إحساس الأطفال بالمسؤولية والشعور بمراقبة الذات، خاصة عند سماح الأهل لأطفالهم بصيام جزء من النهار، حيث يمتلك الطفل الشجاعة لقول الصدق، فهو ليس مطالباً بصيام اليوم كاملاً، ويمكنه تناول الطعام والشراب عند شعوره بالتعب أو العطش الشديد، ومتابعة صيامه حتى موعد الإفطار، لينهي صيامه أمام الجميع، عوضاً عن التظاهر بالصيام وقيامه بتناول الطعام أو الشراب في الخفاء.

 

الصيام وصحة الطفل:

يشير الأطباء إلى أنّ الأطفال الذين ينتمون إلى الفئة العمرية نفسها، تتفاوت قدراتهم على الصيام، تبعاً للعديد من العوامل، منها بنية الطفل، وحالته الصحية، إضافة إلى المناخ الجوي، خاصة وأنّ قدوم شهر الصيام مترافق مع الحرارة المرتفعة لفصل الصيف، ومع حاجة الجسم إلى تناول مزيد من السوائل، ناصحين الأهل بالمراقبة الدقيقة لأطفالهم خلال هذه الفترة، ضماناً لعدم تأثر صحتهم، مع الالتزام ببعض الملاحظات التي تؤدي إلى استفادة الطفل من الصيام جنباً إلى جنب مع تمتعه بصحة جيدة مثل:

·      إيجاد عوامل تسلية للطفل الصائم، مثل اصطحابه إلى السوق، وتكليفه بأداء بعض المهام التي يحب القيام بها، أو قراءة بعض الكتب المسلية، بهدف نسيان الجوع وقضاء اليوم بسهولة ويسر، كما يمكنه قضاء الفترة الصباحية في النوم، حتى لا تكون ساعات النهار طويلة عليه.

·      عدم السماح للطفل بالصيام إذا لم يتناول وجبة السحور، التي يتوجب أن تكون قبل الفجر مباشرة، حيث تعتمد بعض الأسر على وجبة قبل النوم، ولكن الفترة الزمنية التي يمتنع خلالها الطفل عن الطعام وشرب السوائل تصل إلى 20 ساعة، الأمر الذي يؤدي إلى إجهاد الطفل، وتأثر صحته بسبب الجفاف، أو إصابته بنقص حادٍ في مستوى السكر.

·      عدم السماح للأطفال تحت سن العاشرة بصيام الشهر كاملاً، وعلى الأهل، إقناع طفلهم بالتدرج في الصيام.. مثل الصيام من الفجر حتى أذان الظهر، حيث يمكنه عندها تناول بعض الطعام والشراب، ثمّ مواصلة الصيام حتى المغرب، ليجلس مع أفراد العائلة وكأنّه صائم كالكبار.

·      راقبي طفلك جيداً أثناء الصيام، حيث يشير الارتجاف في أطرافه، وعدم إدراكه ما يجري حوله، إلى انخفاض مستوى السكر بشكل كبير، أو بدء إصابته بالجفاف، الأمر الذي يتطلب إعطاءه الكثير من السوائل، وبعض الطعام، حتى لا يتعرض إلى صدمة نقص السكر أو المخاطر الصحية الأخرى الناجمة عن الجفاف، ويؤكد الأطباء، وجوب عدم سماح الأهل لأطفالهم المصابين بالأمراض المزمنة بالصيام، وخاصة المصابين بالربو، والمرضى الذين يعانون الالتهابات المتكررة في الكلى، لكونها تحتاج إلى السوائل باستمرار، ومرضى الدم مثل التلاسيميا، وفقر الدم، إضافة إلى أمراض القلب والأمراض الخبيئة، والأمراض الطارئة والحادة، وغيرها من الأمراض التي تحتاج إلى السوائل والعلاج المنتظم، لافتين إلى أنّ إصابة الطفل بالجفاف نتيجة الصيام، يمكن أن تؤدي إلى تدهور ملحوظ في حالته الصحية.

·      كما يحذّر الأطباء من صيام الأطفال مرضى السكري وخاصة المصابين بـ"النوع الأوّل"، لكونه يشكل تهديداً جدياً لصحتهم، حيث يؤدي الانخفاض الكبير في تركيز السكر لديهم، إلى إصابتهم بالغيبوبة التي قد تصل إلى حد الموت في بعض الأحيان.

·      ويوضح الأطباء الفوائد الكبيرة لصيام الأطفال المصابين بالسمنة، أو الذين يعانون زيادة في الوزن، حيث تعد فترة الصيام فرصة متميزة لتخفيف أوزانهم، وخاصة عند مراعاة الأهل كمية الوجبات التي يتناولها الطفل خلال فترة الإفطار، مؤكدين ضرورة تقديم وجبة إفطار متوازنة، تنسجم مع مبادئ العادات الغذائية الصحية، وتحتوي على النشويات والبروتينات والدهون غير المعقدة مع الخضراوات والفاكهة، لتمنح الطفل كافة احتياجاته الغذائية، مع تقليل الاعتماد على الوجبات الدسمة والسريعة الجاهزة والحلويات الغنية بالدهون والسكريات.

·      من المؤكد أنّ العطش الذي يشعر به الطفل خلال فترة الصيام، يكون دافعه الأوّل لتناول كميات كبيرة من السوائل عند الإفطار، ولهذا ينصح الأطباء الأهل بضرورة الاعتماد على العصائر الطازجة الغنية بالفيتامينات والسكريات الطبيعية، وزيادة كميات الماء والعصائر بين وجبتي الإفطار والسحور لتعويض الفيتامينات والسوائل التي فقدها جسمه خلال فترة الصيام، مع الابتعاد عن المشروبات الغازية، والعصائر المحلاة الجاهزة، لافتين إلى إمكانية تزويد الطفل بحبوب الفيتامينات، بعد استشارة الطبيب، لتوفير العناصر الغذائية اللازمة لنموه وصحته.

·      يوضح الأطباء أهمية تأخير وجبة السحور قدر الإمكان، على أن تكون غنية بالمواد النشوية كي تمدّ الطفل بالطاقة والنشاط خلال فترة النهار، وتحافظ على مستوى السكر في الدم، إضافة إلى حمايته من الصداع والإرهاق، مشيرين إلى ضرورة احتواء هذه الوجبة على الحليب ومشتقاته لإمداد الجسم باحتياجاته الأساسية من الكالسيوم، مع الابتعاد عن الأغذية الغنية بالدهون والحلويات والمخللات لكونها تزيد من إحساس الطفل بالعطش في اليوم التالي.

·      كما يرى الأطباء في شهر الصيام فرصة مثالية لتعويد الأطفال الالتزام بالغذاء الصحي السليم، والتعرف على آداب تناول الطعام، والابتعاد عن الإسراف في الطعام والشراب، حتى لا يتعرض الطفل إلى الإصابة بالاضطرابات المعوية والمشاكل الهضمية.

·      ويختم الأطباء نصائحهم للأُم بالقول "من الضروري أن تعمدي إلى ضبط نشاط طفلك خلال ساعات الصيام، وخاصة لدى اشتداد حرارة الجو في الخارج، لذلك أوقفي تماماً كافة الأنشطة البدنية العنيفة مثل الجري، وركوب الدراجة، ولعب الكرة، وغيرها من الألعاب التي تحتاج إلى مجهود عضلي كبير، والتي تسهم في فقدان الجسم مزيداً من الماء والطاقة، وتزيد من إحساس الطفل بالعطش والجوع، واستبدليها ببعض الأنشطة الخفيفة التي تعتمد على المجهود العقلي مثل ألعاب الكمبيوتر، ومشاهدة التلفزيون، والقراءة، كما يمكنك ترغيبه في مساعدتك على إعداد بعض أطباق الإفطار التي يحبها داخل المطبخ".

ارسال التعليق

Top