في المخ، هناك جزء صغير اسمه "الهبيوثلاموس". هذا الجزء يُسمَّى "كرسي العواطف" (Seat of emotions). فهو الذي يتلقّى رسالة الإدراك من المخ لأيّ موقف، ويحوّلها إلى موقف عاطفي.
الآن، الدراسات تُخبرنا أنّ الموصّلات الموجودة في "الهبيوثلاموس" عند المرأة مختلفة عن الموصلات الموجودة في مُخّ الرجل، ولذلك فإنّ سلوكهما العاطفي مختلف، وكذلك سلوكهما الاقتصادي والنفسي، وغير ذلك من مسلسل الاختلافات. وهذه بعض نقاط الاختلاف العاطفي – النفسي:
• المرأة تأخذ الأمور بشكل شخصي أكثر من الرجل. فهي تنظر إلى الناس بشكل عاطفي شخصي وحميميّة وجدية، أكثر من الرجل، في حين نجد أنّ الرجل ميَّال إلى السلوك العملي أكثر. الرجل في كلِّ عواطفه يسير بروح المنافسة والسيطرة أكثر من المرأة، ولذلك هو يعشق الرياضة وهي تعشق الفن. هي هكذا نقطة الاختلاف العقلي العاطفي: هو عاطفته هدف، ومنافسة لتحقيق الهدف، وهي عاطفتها حميميّة واسترخاء.
• إنّ اهتمام المرأة بالحميمية في العلاقة أكثر من اهتمام الرجل. لذلك نجد أنّ الكتب التي تتحدث عن كيفيّة إنجاح العلاقة الزوجية العاطفية، تقرؤها المرأة أكثر من الرجل، كما نجد أنّ الدورات والمحاضرات التي تتحدث عن العلاقة تحضُرها المرأة أكثر من من الرجل. بينما في الإدارة والمال والأعمال وجود الرجل أكبر. لماذا؟ لأنّ كرسي العواطف عندها يهتم بالعلاقة، وكرسي العواطف عنده يهتم بالإدارة، وكرسي العواطف عندها يركز على المعنويات، بينما كرسي العواطف عنده يهتم بالماديات أكثر.
• المرأة ملتصقة بحميميّة مع البيئة حولها، سواء الأثاث أم البيئة أم الأشخاص. إنّ المرأة تُوسّع ذاتها بمساحة عالية من أشياء وأُناس حولها، في حين أنّ الرجل يبقى مُركّزاً على ذاته حتى وهو موجود مع الآخرين، ولكنه مُنفصل عنهم. وهذا هو سبب الخلاف على الكرسي: هو يُريده جزءاً عملياً يُريحه، وهي تُريده بقماش وإحساس ولون وزاوية مُعيَّنة تُساير نفسيتها. هو ينظُر إلى الزملاء على أنهم زملاء وللجيران على أنهم فقط جيران، وهي، بالنسبة إليها، كلّ المخلوقات، حتى مُحاسب "السوبرماركت" إذا رأته مرتين أصبح جزءاً من عالمها، تهتم بتفاصيله. لأجل ذلك، لا يبدو الأمر مُقنعاً لها حين تُدرك أنّ تفاصيل حياة أعز أصدقائه لا يعرفها. هو ليس مُبرْمَجاً عاطفياً على ضرورة معرفة هذه التفاصيل، لأنّه ليس مبرمجاً على التفاصيل ولا على الحميمية مثلها.
• نأتي إلى نقطة التكيّف مع التغيُّرات. فالرجل أسرع في التكيّف مع كلّ التغيرات، قياساً بالمرأة. الرجل، على سبيل المثال، حين ينتقل من عمل إلى عمل، ينظر إلى الانتقال على أنّه فرصة مادية ومكانة أفضل. وبسرعة يقطع الأوصال ويتكيّف، في حين أنّ المرأة تجد صعوبة أكبر في قطع أوصال أي علاقة: مع العمل، مع الجيران، وكذلك الأمر مع أولادها حين يكبرون ويسافرون لبناء حياتهم في زاوية ما من العالم. مسألة التكيّف عندها تأخذ وقتاً أطول ومُعاناة أكبر.
• نقطة مهمة أخرى في تَشكُّل الاختلافات العاطفية والعقلية بين الرجل والمرأة، هي أنّ الرجل، في معظم خطواته في الحياة، هو أكثر دراسة للنتيجة، يبحث أي ربح فيها وأي خطر. في حين أنّ المرأة تعيش اللحظة بعُمق وتأثُّر، ثمّ بعد ذلك تحسب حسابات النتائج، أو ربما تُفاجأ بها.
إنّ تاريخ البنات الَّلاتي وقعن في شَرَك الحب، وفقدن ما لا يجب أن يفقدن باسم الحب، يؤكد أنهنّ لم يحسبن النتائج، بل عشقن اللحظة. وكم رأيت من نساء تأتيهنّ فرص عمل أفضل، لكنهنّ مرتبطات عاطفياً بزميلاتهنّ ومكاتبهنّ وكراسيهنّ، ولذلك يرفضن هذه الفرص.
نعم، هناك اختلافات عاطفية عقلية، لو فهمها كلّ من الرجل والمرأة، لكانت هناك مساحة قبول بينهما، ولقلّ التناحر والاختلاف.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق