• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الدهشة والشك.. ردة فعل طبيعي عند الحامل

لورانس برنو

الدهشة والشك.. ردة فعل طبيعي عند الحامل
تتغيّر بعض النساء كليّاً عندما يحملن. ولا يبدو أنّ شيئاً يتبدَّل لدى أخريات، لا الطباع ولا السلوك. بمحيطها، إنّ لأُمّ المستقبل، بشكل عام، نفسية خاصّة تتطوَّر مع الأشهر. لكل امرأة طريقتها لتصبح أماً، طريقة تتعلَّق بعمرها، بثقافتها، بمحيطها، إن لأم المستقبل، بشكل عام، نفسية خاصة تتطوَّر مع الأشهر. هذا التطوُّر متّصل طبيعيّاً اتّصالاً وثيقاً بتطوُّر الجسم. جرت العادت أن يقسم الحمل، من الناحية النفسية، إلى ثلاثة فصول، كما يقسم إلى ثلاثة فصول، من الناحية الفيزيولوجية. تختصر مرحلة الشكّ أكثر فأكثر مع إجراء الاختبارات باكراً وسريعاً. "هل أنا حامل؟" مُنْذُ أيام التأخير الأولى تكفي عدة ساعات، بل عدة دقائق للحصول على جواب. لكن هذا لا يمنع، حتى عندما تعرف المرأة أنّها تنتظر طفلاً، أن تجد صعوبة في التصديق ("هل حقّاً أنا، هل هذا صحيح؟"). غالباً لا تقتنع إلا عندما تشعر بأنّ هذا الطفل يعيش فيها أو أن ترى "صورته" عند التصوير الصوتي. إنّ امرأة سعيدة بكونها حاملاً تحار في البداية بين الفرح والخوف. ليس الخوف من الولادة، ولكن خوف مشوق مؤلف من عدة عناصر: خوف من المجهول (خاصة بالنسبة إلى الولد الأوّل)؛ جهل "ما يجري"، من هذه الحياة داخل الرحم؛ قلق متعلق بالتغيرات التي تعلن عن نفسها؛ تساؤلات حول تمكنها من أن تكون أمّاً؛ خوف من أن يبتعد عنها زوجها عدة أشهر إلخ... تقيؤ، قلق، انعدام الشهية، تعب: أهي أسباب أو نتائج هذه المشاعر المتضاربة ما يجعل الأسابيع الأولى مضنية. خوف آخر يهيمن في الفصل الأوّل: خوف من حادث ما، لأنّ النساء يعلمن عادة أنّ الإجهاض يحدث عادة في الأشهر الثلاثة الأولى. اسمعي هذه الأُم تقول: "في البداية كان فرحي أني حامل. ثمّ أصابني بعض النزيف وخفت من إجهاض. طمأنتني صورة صوتية بأنّ الجنين حي حقّاً. شعرت عندئذٍ بشيء من السكينة والسلام. كان انطباعي أن لا شيء بإمكانه أن ينتزع مني هذا الارتياح الذي كنت أشعر به". بعض النساء لا يعبِّرن عن شعورهنّ بالسعادة، بالدهشة السعيدة في لحظة إعلامهنّ بالحمل. يتأثرن بمعرفة أنهنّ حاملات، لكنهنّ يقلقن للمسؤولية القادمة، وخاصة إذا دهمهن الحمل في زمن تعظم فيه الصعوبات (المادية، السكنية، خلاف الزوجين إلخ...)، وأحياناً دون سبب معروف. يكون من الضروري لهنّ عند ذاك أن يتحدِّثن بذلك مع شخص يثقن به (طبيب العائلة مثلاً) ويعمدن، في أقرب فرصة ممكنة، إلى مصاحبة فريق بكامله (قابلة، عالم نفساني، مساعدة اجتماعية). هذا المزيج من الفرح والرفض والخوف هو ميزة الفصل الأوّل. حتى لو كان الرفض هو السائد في البداية، فكل شيء بتغير عادة عندما تشعر الحامل بأنّ الجنين يتحرك في داخلها. تعود الرغبة في الأمومة إلى غريزة هي من العمق لدرجة أنّ الأُم التي أقسمت أنّها لا تريد طفلاً تريده باللاوعي. وليس من النادر أن نرى امرأة بكت عندما علمت أنّها حامل، غدت في مدى عدة أشهر تفيض الأمومة في كيانها. يؤدي الخوف من المجهول عادة إلى نوع من الإحباط، فتشعر المرأة بأنّها بائسة، تابعة. قد يكون هذا الخوف من المجهول هو ما يقربها من أمها التي مرت بهذه الحالة. يزكي محيطها، بحسب ثقافته، هذا الوضع الانتكاصي ويجيب ببعض التسرع: في بلدان العالم العربي مثلاً، تعطى لمرحلة الحمل قيمة كبرى؛ في البلدان الغربية، ولو كان الناس أقل اهتماماً، تكون المرأة الحامل عادة موضوع اهتمام من قِبَل زملائها.

ترتاح أُمّ المستقبل، بشيء من اللاوعي، إلى هذه الحالة الخاصة ولا سيما أنّها تشعر أنها أكثر انفعالية، أكثر هشاشة جسديّاً ونفسيّاً؛ ترغب في أن تكون موضع اهتمام، في أن تحاط بالعطف. توازن بين خوفها واعتزازها في ولوج هذا العالم الجديد. لكن في الوقت الذي تعيش فيه الحامل هذا النوع من النكوص، تشعر بأنّها أصبحت بالغة، لأنّها بدورها ستنجب طفلاً كما حدث لأُمّها، ستكون مساوية لها.

المصدر: کتاب أنتظر مولوداً/ موسوعة دليل الأُمّهات والآباء

ارسال التعليق

Top