بول مك كينا/ ترجمة: د. سامر الأيوبي
- تغيير عادات مكتسبة على مدى العمر:
أعلم أنه قد مرتِ عليكِ أوقات عديدة في الماضي حاولتِ خلالها أن تأكلي بشكل معقول، ولكن مهما حاولت لم تكوني لتستطيعي أن تلتزمي بذلك. وربما اعتقدتِ بشكل أو بآخر أن هذا قدرك المحتوم – لو كان لدي فقط المزيد من قوة الإرادة، لم أكن لأكون بدينة.
أستطيع بالاعتماد على آخر البيانات العلمية أن أناقش هذا الموضوع بشكل حاسم:
- هذا هراء!
الحقيقة هي أنه من شبه المستحيل التخلص من عادة من العادات باستخدام قوة الإرادة وحدها – يجب عليك أن تعيدي برمجة عقلك. عندما يوجد البرنامج الصحيح في الدماغ، فإنّ القيام بالشيء الصحيح يصبح أمراً سهلاً؛ أما بوجود البرنامج الخاطئ، فمن شبه المستحيل القيام بذلك.
لقد ساعدت الناس عبر السنين على تغيير عادات قسرية مكتسبة على مدى العمر في دقائق قليلة، وبرهنت أنه حتى أشد الناس إدماناً على الحميات يمكن أن يخضع للبرمجة الفاعلة. مع هذا، وإلى أن تختبري ذلك بنفسك، فقد يبدو النظام لك غريباً بعض الشيء؛ لأنّه إن كانت التغيرات الدائمة يمكن أن تحصل بهذه السرعة وهذه السهولة، فلماذا لم نستطع إحداثها في الماضي؟
يعود كل الأمر إلى قاعدة نفسية بسيطة:
- إن خيالك أقوى بكثير من إرادتك:
لكي تكسبي خبرة سريعة في هذا الأمر تخيلي قطعة من كعكة الشوكولاتة (أو أياً من أطعمتك المفضلة) أمامك. ثمّ جاهدي نفسك بكامل قوة إرادتك ألا تأكليها. ثمّ تخيلي مذاق الجليد الشوكولاتي وهو يذوب في فمك. هل بدأت نفسك تضعف بعد؟
الآن، تخيلي مرة أخرى قطعة كعكة الشوكولاتة (أو طعامك المفضل) أمامك. تخيلي القطعة مغطاة بالديدان – ديدان مخاطية ملتوية. شمي الرائحة الكريهة المنبعثة من الديدان (أم هل الرائحة من الكعكة؟). هل فقدت الكعكة بعضاً من جاذبيتها؟
ذلك هو فعل خيالك وهو يعمل. الحقيقة هي أنك من خلال هذا التخيل تتخذين أفضل قراراتك حول ما ستأكلينه. عندما تقرئين لائحة الطعام في المطعم، فإنك تتذوقين في عقلك الطعام الموجود في عقلك قبل أن تقرري ماذا ستطلبين. ذلك هو السبب الذي يجعل المطاعم تبذل قصار جهدها لوصف أطعمتها بعبارات مشهية. على سبيل المثال: ألا يوجد فارق بين "شريحة من سمك موسى مشوية قليلاً ومقدمة مع صلصة ليمون خفيفة، وبين "سمك ميت".
- عامل التركيز:
خذي بعض الوقت الآن لتسألي نفسك: ما الذي أريده بالنسبة لجسدي؟
إذا كنت مثل معظم الناس فإن جوابك سيكون شيئاً من قبيل "أن ينقص وزني"، أو "أن أتخلص من بعض شحمي" أو "أن لا أكون بدينة بهذا الشكل".
إنّ إحدى أهم قواعد السلوك النفسي هي، "أنك تحصلين دائماً على المزيد من أمر ما عندما تركزين عليه". ومع ذلك، ففي جميع الأمثلة المذكورة أعلاه يجب على دماغك أن يركز على ما لا تريدينه لكي يفهم ما تقصدين – الوزن الذي تريدين إنقاصه، أو الشحم الذين تريدين التخلص منه، أو البدانة التي لا تعجبك. إن عدم التركيز لا يعزز المنظر الذي يشاهد فيه الناس أنفسهم فحسب، بل إنّه يجعلهم أيضاً يشعرون بالعجز واليأس وعدم التحفز.
عندما توجهين تركيزك حرصاً على ما تريدين "جسداً رشيقاً صحياً" فإنك ترسلين إلى عقلك الباطن رسالة كي يجد ويبحث في جميع الفرص التي تتجه نحو تحقيق هدفك. عندما توضحين وتتخيلين بتخيل حي تماماً ماذا تريدين لنفسك، فإنّك ستكونين قد بدأت عملية تمرين دماغك وجسدك على منحك الجسد الذي تريدين.
وكلما كنت أكثر تحديداً نفع ذلك أكثر. إذا قلت فقط أريد أن أكون أكثر نحولاً، فإن دماغك قد يفسر ذلك على أنك تريدين أن تفقدي نصف كيلو غرام فقط؛ لذلك اشرحي بالتحديد ماذا تريدين؟
على سبيل المثال:
- أريد أن أفقد خمسة وعشرين كيلوغراماً خلال الأشهر الأربعة القادمة.
أو
- أريد أن أشعر بأنني مرتاحة بفستان قياس ثمانية.
أو الجملة التي أفضلها أنا
- أريد أن أبدو رائعة وأنا مجردة من الثياب!
النظرة للذات والتنبؤ الذي تحققينه بنفسك
تذكري، كل ما عليك القيام به لتحقيق هدفك هو:
1- كلي عندما تشعرين بالجوع.
2- كلي ما تريدينه فعلاً.
3- كلي بوعي واستمتعي بكل لقمة.
4- توقفي عندما تعتقدين أنك قد شبعت.
لماذا عليك الاستمرار إذاً في القراءة؟
لأنّ التقنيات التي سأقدمها سوف تجعل العملية برمتها تحصل بشكل أسهل حتى وستسمح لك أيضاً بأن تشعري بأنك أفضل بكثير. بعبارة أخرى:
- نحن لسنا فقط ما نأكل، بل نحن أيضاً ما نفكر:
وجد جراح التجميل الشهير ماكسويل مولتز في الستينيات من القرن العشرين أن مستويات الاحترام والثقة بالنفس لدى مرضاه قد ازدادت زيادة كبيرة بعد الكثير من العمليات التي قام بها. ولكن بالنسبة لبعض الأفراد، لم يكن يبدو أنّ العملية قد غيرت أي شيء. استنتج الدكتور مولتز بعد بحث طويل أنّ المرضى الذين لم يشعروا بأي تغير في مستويات الرضى عن النفس كانوا "خائفين في قرارة أنفسهم". كانوا ينظرون إلى أنفسهم على أنّها بلا قيمة أو أنها سيئة أو لا أمل لها، ولم يكن لحقيقة أنهم قد تغيروا في مظهرهم الخارجي أي تأثير على النظرة التي يرون بها أنفسهم من الداخل. كانوا يعانون مما سماه "صورة فقيرة للذات".
إنّ صورة الذات هي صورتك التي ترينها في مخيلتك. إنّها الطبعة الأصلية التي تحدد كل شيء عنك، من مدى الحافز والذكاء والثقة التي أنت مستعدة لأن تملكيها، إلى مدى استعدادك لحمل كيلوغرامات الشحم أو التخلص منها.
إنّ السبب الذي يجعل لصورتنا الذاتية ذلك التأثير القوي على سلوكنا هو أن هذه الصورة تعزز نفسها بنفسها. على سبيل المثال: لقد التقينا جميعاً بأشخاص ليسوا وسيمين بالمعنى التقليدي لكنهم يملكون هالة من الجاذبية؛ لأنّهم يعتقدون في أنفسهم بأنهم جذابون فإنّهم يتصرفون بلباقة ويلبسون ليظهروا أفتن ملامحهم ويملكون الثقة في التحدث لأي شخص. هذه الثقة بالنفس تجعلهم جذابين في عيون الآخرين الذين يتصرفون معهم بإيجابية، مما يعزز نظرتهم إلى أنفسهم على أنهم جذابين.
وبالمقابل هناك العديد من الأشخاص الذين يعتقدون في أنفسهم بأنهم غير جذابين، ويفسدون دون وعي أية محاولة للظهور بمظهر جذاب. ولكن، إذا كنت تظن فعلاً بأنك جذاب، فلماذا تبذل الوقت إذاً لكي تظهر النعجة على أنها خروف؟ لأنك إذا لم تقم بما يلزم لتقدم نفسك على أفضل ما يمكن، فإنّ الناس سيجدونك في النهاية غير جذاب.
على كل حال، لقد عملت صورتك الذاتية بشكل مثالي "مثبتة نفسها" بتوجيهك للعمل على الدوام مع من تعتبرين نفسك إياها.
إن كل شخص بدين تقريباً يحمل صورة ذاتية تخبره بأنّه سيبقى بديناً على الدوام. ومع أنها قد تقول بأنّها تفضل أن تكون نحيلة فإنّها كثيراً ما تظن بأنّ الأشخاص النحيلين مختلفين عنها بشكل أو آخر، ويبدو الهدف غير قابل للتحقيق.
- كيف يمكنكِ أن تغيري هذا النمط؟
بالتعود على تركيز انتباهك على ما تريدينه حقاً. سواء أحببت ذلك أم لا فإنك تحتاجين إلى الاعتياد على التفكير في نفسك وأنتِ تملكين جسداً جذّاباً!
- انظري إلى نفسك نحيلة:
أظهرت دراسات علمية حديثة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا بشكل قاطع على تقنيات النظر للأشياء تعزز كثيراً القدرة على إنقاص الوزن. عندما تتخيلين نفسك تخيلاً حياً وأنت نحيلة وتراجعي في ذهنك طريقك إلى الوزن المثالي، فإنك ترسلين رسالة إلى دماغك تؤثر في مستويات الطاقة وفي حافزك وفي استقلابك. تسبب هذه التغييرات إحساساً جسدياً يؤثر بدوره في أفكارك وعواطفك، التي تعزز بدورها البرمجة التي تبرمجين بها دماغك. هذا نظام تلقيم راجع إيجابي، وهكذا يجعلك كل جزء من النظام تشعرين شعوراً جيِّداً وأنت تنقصين من وزنك.
بينما أوجهك في التمرينين القادمين سأطلب منك أن تتصوري في ذهنك. هذا شيء يستطيع كل شخص أصلاً أن يقوم به. ولكي تبرهني ذلك لنفسك أجيبي عن الأسئلة التالية:
1- ما شكل الباب الأمامي لدارك؟
2- ما لون ذلك الباب؟
3- على أي طرف يوجد مقبض الباب؟
لكي تجيبي على أي من هذه الأسئلة، يجب عليك أن تتصوري – أن تدخلي في مخيلتك وتتصوري الصور. بالنسبة لتسع وتسعين بالمئة من الناس لن تكون الصورة مثل الحقيقة – وهذا أمر جيِّد؛ لأن من لا يستطيع أن يميز الفارق بين الصور في مخيلته والصور التي يراها في العالم حوله يعاني من مشكلة كبيرة.
- جسدك المثالي:
هاكِ تمريناً بسيطاً لكنه قوي ويمكنه أن يمرّن عقلك الباطن على مساعدتك في إنقاص وزنك والاحتفاظ بالوزن المثالي. عليك قراءة جميع الخطوات بعناية قبل القيام بالتمرين.
1- تريثي برهة وتخيلي أنك تشاهدين فلماً تظهرين فيه نحيلة وسعيدة وواثقة من نفسك.
2- راقبي نفسك النحيلة وهي تقوم بالأشياء التي تقومين بها في حياتك اليومية وتنجزها بسهولة. تخيلي نفسك الجديدة وهي تأكل الكمية المناسبة فقط وتحرك جسدها بانتظام وتعالج حاجاتها العاطفية بسرعة وسهولة.
* كيف تخاطب نفسك الجديدة نفسها؟
* ما نمط نبرة الصوت التي تستخدمه؟
* كيف تقوم وتقعد؟
* كيف تتحرك؟
3- إذا لم يكن الفلم تماماً على النحو الذي تريدينه، قومي بالتعديلات التي ستجعلك تشعرين شعوراً ممتازاً. اسمحي لحدسك أن يقوم بتوجيهك.
4- عندما ترضين عن نفسك الجديدة ادخلي فيها. تقمصي منظور والسلوك في داخلك.
5- استعرضي الفلم الآن وتخيلي أنك في جميع مواقفك اليومية وانظري إليها من منظورك الجديد. فكري كيف سيكون الأمر لو كان لديك هذا المنظور وما الذي سيفيدك المنظور في تحقيقه. وكيف أنّ الأمور ستكون أفضل بكثير من الآن فصاعداً.
- التكرار، التكرار، التكرار..
تذكري أنّ التكرار هو سر النجاح. عندما تكرِّرين عملاً ما، يتكون طريق عصبي في الدماغ. ثمّ إن كل تكرار للفعل يعزز هذا الطريق العصبي. عندما تفكرين في نفسك على أنك نحيلة وصحيحة البدن فإنك ترسلين رسائل إلى عقلك الباطن لأن يتصرف ويشعر ويأكل كإنسان نحيل. وحينما يصبح جسدك أخف وزناً فإنّك تشعرين بأنك مرهفة الأحاسيس أكثر طاقة وأكثر حيوية.
أجري هذا التمرين كل صباح وسرعان ما تجدين أنه قد أصبح عادة صحية لديك. وكلما أسرعت بالقيام بالتمرين بدأت أبكر بالشعور الجيِّد وبدأت تغيير نظرتك إلى نفسك نحو الأفضل. في كل مرة تقومين به ستكونين أقرب بخطوة إلى وزنك المثالي.
يركز هذا التمرين عقلك على هدفك مما يجعله أكثر فأكثر قوة وإجباراً بحيث أنه كلما تقولين لا للطعام الذي لم تعودي ترغبين بتناوله ونعم للطعام الذي تريدينه فعلاً، فإنّك ستشعرين أكثر فأكثر بذلك الشعور اللطيف، وستعرفين بأنّك أقرب بخطوة إلى وزنك المثالي.
المصدر: كتاب (أستطيع أن أجعلكِ نحيلة)
ارسال التعليق