توصلت أحدث الدراسات إلى أنّ للحب بين الزوجين كيمياء يفرزها المخ وهي المسؤولة عن عمليات الحب وعواطفه، وتظل هذه الكيمياء تولّد الشحنات العاطفية لمدة ثلاث سنوات فقط من بداية تاريخ الحب ثمّ تتوقف، وكأنها بطارية انتهت صلاحيتها ولا يمكن شحنها على الإطلاق.
واستند صاحب الدراسة الدكتور وليام روبسون لتأكيد نظريته إلى إجابات أكثر من 1500 زوج وزوجة جاءت لتؤكد صحة نظريته، واللافت للنظر إنّ هؤلاء الأزواج قد تزوجوا بعد قصص حب عنيفة، وفي محاولة روبسون للإجابة عن السؤال (لماذا ينقرض الحب بعد الزواج؟) كانت الإجابة محصورة في كيمياء المخ المسؤولة عن الحب.
وإذا كان السؤال الأوّل هو لماذا ينقرض الحب بعد الزواج، فالسؤال الأهم هو (هل ينقرض الحب فعلاً بعد الزواج) أم أنّه يتحول فقط إلى نوع آخر من العلاقة تنتمي إلى علاقات الدفء والإخلاص والعشرة؟.
في الغرب لا يتزوجون إلا عن حب، ومن النادر أن يقترن اثنان دون عاطفة تجمعهما، هذا إذا لم يعيشا معاً عدة سنوات ليتعرفا على بعضهما البعض، وغالباً ما تكون تلك (المساكنة) علاقة زوجية كاملة متكاملة بالمعنى الدقيق للتزاوج، ولا تفتقر إلا إلى الرسمية أو الشرعية.
وأما في الشرق فأن الحكمة المأثورة هي إنّ الحب يأتي مع العشرة، والحب المتبادل ليس من ضروريات الزواج أبداً، فيكفي أن يكون (العريس) ابن حلال على دين وخلق، قادر على فتح بيت ، وأضيف مؤخراً بعض الشروط أو الصفات الضرورية مثل المستوى التعليمي والثقافي، وأحياناً الرصيد البنكي، كما يكفي أن تكون (العروسة) بنت ناس متربية جميلة، ست بيت وطيبة، ولو أضيفت لها هي الأخرى بعض الصفات المستحسن أن تتمتع بها، كأن تكون هي أيضاً متعلمة ولا مانع أبداً أن تكون موظفة تستلم راتباً شهرياً تساعد به زوجها وتساهم به في تدبير نفقات المعيشة.
هذه المواصفات كفيلة بتحقيق الزواج الذي تأتي العشرة فيه بعد سنوات بالحب لكل من طرفيه، ولكن ذلك لا يعني طبعاً أن كل الزيجات تتم بناءً على هذه المواصفات من دون أن يكون للحب أي دور فيها. في الغرب والشرق على حد سواء، وعلى رغم اختلاف المفاهيم والقيم حكايات حب جميلة لأزواج عاشوا معاً سنوات طويلة مديدة وظلت بطارياتهم متقدة، ولم يكن للحب من قبل عمر افتراضي، وإذا كنا قبلنا في عصر التكنولوجيا أن تحكم البطارية تفاصيل حياتنا وتسيطر عليها ابتداء من بطارية السيارة مروراً بالريموت كنترول وانتهاء بالموبايل الذي تحرص يومياً على (تشريج) بطاريته، فذلك لا يعني أن نرضى بأن تكون أيضاً أسمى عواطفنا ومشاعرنا مرهونة ببطارية، أسوأ ما فيها إنها بطارية غير قابلة للشحن. وإذا لم يكن من مفر من تلك الكيمياء، فليكن الحب وكما قال نزار قباني (بعض من تخيلنا) فلنتخيله حاضراً معنا وفينا دائماً، قبل أن ينقرض هو الآخر وتصنف مشاعرنا وعواطفنا تحت فئة الديناصورات!
*كاتبة من البحرين
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق