لأنّه يغطي القدم، وهي "رمز القوة عند المراة" بحسب ما يقول فرويد، فإنّ حذاء المرأة يقول الشيء الكثير عن شخصيتها وحياتها. فما الذي ترتدينه، هل هو حذاء منخفض مريح من دون كعب أم حذاء ممشوق بكعب عال؟ بين هذا وذاك، يتأرجح جسم المرأة وأيضاً مزاجها.
المرأة وحذاؤها قصة طويلة جدّاً، فمَن مِن السيدات لا تعج خزانتها بمجموعة من الأحذية؟ وفي هذا السياق، كشف استطلاع رأي أجري في فرنسا سنة 2008، أن معدل الأحذية التي توجد في خزانة المرأة الفرنسية هو تسعة أحذية. الأحذية شيء جذاب يسحر النساء، ولها نساؤها اللواتي يُعتبرن أيقونات ارتبطت أسماؤهنّ بعدد أحذيتهنّ، مثل إيميلدا ماركوس، زوجة الدكتاتور فرديناند ماركوس رئيس الفلبين الأسبق، والمغنية الكندية سيلين ديون، حيث امتلكت كل واحدة منهما أكثر من 3000 زوج أحذية فاخرة في خزانتها. الأحذية شيء تنعكس من خلاله حالتك النفسية، والشخصيات المتعددة التي يمكن أن تتقمصيها خلال النهار.
تعترف كامليا، وهي سيدة في الأربعينات من العمر، بأنها تختار الحذاء الذي سترتديه أوّلاً، ثمّ على أساسه تختار الثياب التي يمكن أن تتناسب معه، وتقول: "الحذاء مهم جدّاً، إنّه أساسي، الحذاء هو أكثر شيء أحب أن أبرزه في مظهري. مثلاً يوم أمس اشتهيت أن أرتدي صندلاً مفتوحاً احتفالاً بظهور الشمس بعد أسبوع من الغيوم والأمطار، ثمّ بعد ذلك اخترت بنطالاً من الجينز وقميصاً يتناسبان معه".
ولكن لماذا تعير المرأة هذا الاكسسوار البسيط كل هذا الاهتمام، لدرجة أن يبلغ الأمر درجة يصبح فيها الحذاء هو ما يحدد ماذا ترتديه من ملابس؟ ذلك لأنّ الحذاء هو ما يحدد ماذا ترتديه من ملابس؟ ذلك لأنّ الحذاء يغطي القدم، والقدم بالنسبة إلى فرويد "تمثل قوة المرأة وسلطتها". ويضيف فرويد: "إنّ المرأة عندما تغطي القدمين فهي تخرجهما من وظيفتهما الطبيعية لتجعل منهما أداة للرغبة، لكي تبين للآخرين أي قوة تحركها، وأي قصة ترغب في أن تحكيها لهم".
عندما تدخل المرأة متجراً لبيع الأحذية، فإنّ هناك عنصرين قد يتحكم أحدهما في خياراتها وهما: الراحة أثناء المشي، وجمال الحذاء اللذان يبينان قدرة المرأة على لفت الانتباه والإعجاب. وحسب مزاجك في تلك اللحظة، تفضلين أحد العنصرين على الآخر أثناء اختيار الحذاء.
- عندما تختار المرأة الحذاء المريح:
تختار المرأة حذاء منخفض العلو وعملياً، عندما تريد أن تظهر بمظهر الطفلة والسريعة والعملية، كما تفعل نورا (35 سنة)، حيث تقول: "أجد نفسي أحياناً أسرع لكي ألحق الحافلة، وأحياناً أخرج في مغامرة لا أعرف متى ستنتهي، وأحياناً أجري. وهناك بعض موديلات الأحذية التي لا أتخيل أنني قد ألبسها، مثل الكعب العالي الشبيه بالمسمار، حيث إنني أخشى أن يعلق بالرصيف أو ينكسر فأجد نفسي ما مأزق".
يقول فرانسوا فيجو، وهو الرئيس والمدير العام لشركة أحذية فرنسية: "إن طابع العملية في الحذاء أصبح يحظى بأولويةٍ كبيرة لدى زيوناتنا، وهو ما تدرسه شركتنا حالياً". ويضيف: "قررنا أن نركز على أهمية القدرة على المشي بشكل مريح بحذاء له شكل جذاب. فالحذاء الجميل لا يجب أن يكون أداة للتعذيب. يجب علينا احترام القدمين".
ومثل الرجال، فالنساء أيضاً يردن أن يرتدين حذاء بنصف رقبة، حتى يتمكن من الجري هنا وهنا لقضاء مصالحهنّ. لهذا، ففي الشتاء الحالي، بيعت أعداد كبيرة من الأحذية ذات نصف الرقبة التي تشبه ستايل الغرب الأميركي. وقد نال هذا الموديل الإعجاب في كل استطلاعات الرأي التي أجريت مؤخراً، وهذا ليس فقط بسبب الطابع العملي له، وإنما أيضاً لأنّ العصر الذي نعيش فيه عصر عنيف جدّاً، والحذاء ذو الرقبة يحمي القدمين.
ميساء امرأة في الثانية والأربعين من العمر، وهي تشتري دائماً الأحذية التي تشعر فيها أولاً بالراحة. وتقول المحللة النفسية فانينا ميشيلي ريتشمان: "ليس أمراً اعتباطياً أن تشعري بالراحة في القدمين وأنت ترتدين الحذاء، فالقدم هي منتهى الجسد، إنها تكملنا. ويؤدي الحذاء دور الواقي، إنّه اللباس الذي يحمي القدم ويغلفها".
- عندما تختار المرأة حذاء الإغراء:
"نحن نعيش في مجتمع يتبع الموضة، ومن لا يتبع الموضة عليه أن ينجح في وضع لمسته الخاصة على ما يرتديه، بحيث يكون ما نرتديه متكاملاً ويعطي الانطباع الصحيح عن شخصيتك" تقول ناتالي الحرار (مصممة أحذية). هل رأيت كيف أُعجب المشاهدون بالصندل المكشوف ذي الخيوط الرفيعة الذي كانت ترتديه شخصية كاري برادشو في المسلسل الأميركي الشهير "الجنس والمدينة"؟ ذلك النجاح الكبير للصندل يبين إلى أي حد أصبحت موضة الكعب الرقيق تأخذ ألباب النساء العصريات. بقدرتها على الصبر وإخفاء الألم الذي قد تشعر به في قدميها نتيجة ارتداء الكعب العالي، تُبين لنا المرأة العصرية التي ترتدي الكعب العالي قدرتها على أن تكون شخصين في وقت واحد. فهي قوية في آن وهشة وضعيفة في الوقت نفسه.
الملابس الجريئة التي ترتديها المرأة العصرية ترسل إلى المجتمع الكثير من الرسائل المشفرة، وخاصة الجرأة في الألوان، حيث أصبحت ترتدي أحذية بألوان صارخة، مثل الأحمر القاني والزهري الصادم، والأصفر. إنّ الجرأة في ارتداء أحذية بهذه الألوان تعني التعبير عن حد أقصى من الرغبة في إغراء الآخر. تقول ناتالي الحرار: "لا يقول الناس: هذه امرأة ترتدي حذاءً جميلاً، بل يقولون هذه امرأة جميلة".
عندما ترتدي المرأة حذاء بكعب عال، فذلك أيضاً راجع إلى كونها تريد أن ترى وأن ترى (بضم التاء). إنّه التعبير عن الأنا. فكأن لسان حالها يقول: "انظروا إليّ. هاأنذي. أنا لست أي أحد. أنا مميزة". أما عندما يتجاوز علو الكعب الـ9 سنتيمترات، فهنا تظهر صورة امرأة ذات عظمة وجلال، امرأة ذات إغراء. تشرح ناتالي الوضع في هذه الحالة وتقول: "ارتداء حذاء بكعب بمثل هذا العلو، يجعل الخصر مشدوداً بحيث يستطيع شد الظهر أيضاً. فيبرز النهدان إلى الأمام ويبرز الردفان إلى الوراء، بحيث تبدو المرأة أكثر أنوثة وإثارة".
ارسال التعليق