◄ذهنية عدم العفو وتجاوز أخطاء الآخر هي ذهنية خاطئة، لأنّه إذا جرت الأمور في الأسرة وفق قانون الجريمة والعقاب فهذا يعني انهيار العلاقات الزوجية والأسرية، لأنّه من الواضح انّه عندما يخطئ طرف في حقّ الطرف الآخر فإنّ الأخير سوف يقابل ذلك الخطأ بخطأ، وتتحول الأسرة من عش دافئ إلى ساحة للتجاذب والشدّ، وستخرج العلاقة الزوجية من إطارها الحقيقي لتدخل في دائرة أخرى بعيداً عن الصفاء والمحبة والوداد.
يقول رسول الله (ص): "تعافوا تسقط الضغائن بينكم".
إنّ ثقافة العفو هي ثقافة إلهية، وقد روى عبدالله بن مسعود عن النبيّ (ص) قوله الشريف: "إنّ الله عفو يحب العفو".
ثمّ إنّه (ص) تلا قوله تعالى: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (النّور/ 22).
ومن خلال العفو والصفح وتجاوز الأخطاء يمكن أن نصوغ حياة اجتماعية أكثر إنسانية.
يقول الإمام عليّ (ع) في نص مؤثر:
"يفرط منهم الزلل، وتعرض لهم العلل، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب وترضى أن يعطيك الله من عفوه وصفحه.. ولا تندمن على عفو ولا تبجحَّن بعقوبة".
إنّ غياب ثقافة العفو والصفح يعني بداية سلسلة من الأخطاء والأخطاء المقابلة وبالتالي تعقد الحياة الاجتماعية، في حين أنّ العفو يكسر هذه السلاسل القاسية.
يقول النبيّ (ص): "مَن أقال مسلماً عثرته أقال الله عثرته يوم القيامة".
وجاء عنه (ص) قوله أيضاً: "عليكم بالعفو فإنّ العفو لا يزيد العبد إلّا عزّاً، فتعافوا يعزكم الله".
إنّ العفو هو فضيلة من الفضائل الإنسانية وخلق عظيم من الأخلاق الإلهية ينبغي على الإنسان أن يتحلّى به لضمان رقيه الأخلاقي. إنّنا إذا غفرنا للآخرين أخطاءهم فإنّ الله سبحانه سوف يغفر لنا ذنوبنا ويتجاوز عن سيئاتنا.
(وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (البقرة/ 237).
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (التغابن/ 14).
وكثرة العفو تطيل في عمر الإنسان، جاء في حديث للنبيّ (ص): "مَن كثر عفوه مدّ في عمره".►
المصدر: كتاب نبذ العنف
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق